يبدو لي أحيانا أن أول فقرة في دستور في معظم الدول الكبري لابد أن يكون: النفاق هو دين الدولة، كان شارل ديجول وقبله ونستون تشرشل ينددون بأعداء الحرية الألمان والإيطاليين مثل هتلر وموسوليني الذين يريدان استعباد الشعوب وسلبها حريتها ويقولون كل هذا بثقة وإيمان وإخلاص بينما تحتل انجلترا وفرنسا معظم بلاد أفريقيا وكثير من بلاد آسيا. كانت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء انجلترا السابقة تتشدق بأن الشعوب الانجلوأمريكية هي التي رفعت راية الحرية وأنقذت أوروبا من الاستعباد أولا من يد نابليون وثانيا هتلر ومع ذلك لم تخجل تاتشر لحظة في أن تدخل حربا استعمارية بسبب جزر «ملفينا» الأرجنتينية وهي التي تسمي «فوكلاند» بالانجليزية وهي أمام الساحل الأرجنتيني وتبعد آلاف الأميال عن بريطانيا وكل ذلك حتي تربح الانتخابات البريطانية علي ورقة المشاعر الوطنية بل الاستعمارية الكاذبة وربما كان هناك أيضا دوافع بترولية خلف هذه الحرب المفتعلة. أنا الآن في لندن واستيقظت علي الأخبار في «سكاي نيوز» و«بي بي سي» يخبرونني ما كنت أعلم تلقائيا والذي كتبت عنه في عمود سابق منذ بضعة أيام أن هناك دون أدني شك تدخلا خارجيا بدوافع بترولية انتهازية وراء الأحداث في الجمهورية الليبية تقول الأخبار الإنجليزية بل تتهم ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الانجليزي بإرسال مجموعة من القوات الخاصة وضباط استخبارات انجلترا إلي ليبيا، والغضب ليس بسبب التدخل في الشئون الداخلية لدولة مستقلة أخري ولكن لأن التدخل كان معدا إعدادا سيئا وأن الرئيس الليبي قد ينجح في البقاء في الحكم نتيجة لذلك عندما تستمع إلي الفضائيات الروسية الحديثة وأفضلها في رأيي هي «RT» وهي اختصار «لروسيا اليوم» تجد أفضل التحاليل السياسية الصادقة عن سياسات الدول الغربية الاستعمارية في الشرق الأوسط وأفغانستان ولكن عندما يكون الأمر متعلقا بشعوب القوقاز وأغلبهم من المسلمين والراسخين تحت الاستعمار الروسي من أيام روسيا القيصرية هنا تفقد فجأة الفضائية الروسية حيادها ومصداقيتها ويبدأ النفاق بدرجاته المختلفة من المحتل الروسي إلي ما يفوق الخيال الأمريكي الانجليزي مرورا بالنفاق الصيني والياباني وبكل صدق أيضا النفاق العربي بل والنفاق داخل مصر عندما تري كثيرا من أكبر المتحمسين لانتفاضة الشباب المصري المشرفة بعضهم من أكبر الشخصيات في النظام السابق الذي اسقطه الشعب، أري وزراء سابقين وكانوا من أهم شخصيات النظام بكل ما تعني هذه الكلمة وسقطوا فقط لنزاعات شخصية نتيجة لطموحات مختلفة ولم يستقيلوا أبدا احتجاجا علي أي سياسة للدولة ومع ذلك لا يخجلون بتاتا من أن يعلنوا كذبا أنهم كانوا دائما من المعارضين للنظام ويوحوا للأعلام أن يسوقهم للشباب الطاهر علي هذا الأساس والخداع، نفس النفاق العلني ينطبق علي شرائح كثيرة من الأعلام نفسه، هناك علي سبيل المثال هذا الناشر الذي يمتلك صحفا لمهاجمة رئاسة الجمهورية بينما يذهب هو لتقديم فروض الطاعة والولاء لحرم رئاسة الجمهورية. يبدو أن المنافق هو دائما أبدا الشخص الآخر هناك خطأ نفسي في تكوين بني الإنسان يمنعه من ملاحظة نفاقه وها أنا أري رجلا يقال عنه أنه جامعي تعدي سنه الستين يقف في ميدان الشرف ويدعي قيادة لثورة الشباب ويلوث الوجه المشرف لميدان التحرير بوجوده ووجود ابنه زوجته علي الرغم أنه من المعروف أنه وكذلك زوجته يسكنان قصر من أموال مسروقة وأنهم محكوم عليهم في قضايا مخلة بالشرف ويعتقدان أن ظهورهما كبطلين وهميين لثورة هي بريئة منهم ومن أمثالهما وما أكثرهم سوف تغير الحقائق وتعيد كتابة تاريخهم المخزي. هذه أنماط قليلة من أنواع لا تعد ولا تحصي من نفاق الناس ونفاق النفس الذي يصل أحيانا كما هو الحال مع الدول المسماة خطأ بالدول العظمي إلي دين رسمي للدولة.