أغلب الظن أن التعديلات الدستورية التي اقترحتها لجنة طارق البشري ستلقي قبولاً عامًا أو درجة مناسبة من هذا القبول.. فهي أزاحت القيود التي تعترض الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وخفضت مدة الرئاسة إلي أربع سنوات وحظرت أن يتولي أي شخص منصب الرئيس لأكثر من فترتين حتي يستقر تداول السلطة وأقرت الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات بالإضافة إلي أنها قيدت سلطات رئيس الجمهورية في فرض حالة الطوارئ ووضعت سقفًا زمنيا لها، كما ألزمته باختيار نائب له في غضون أسابيع قليلة من توليه منصبه. وقد بدأ الترحيب المتناثر هنا وهناك من بعض النشطاء السياسيين وممن ينتمون إلي النخبة.. ولعل ذلك يثير قدرًا من الطمأنينة في النفوس للمهمة الأخري التي تسعي اللجنة لإنجازها والتي تتعلق بإعادة صياغة التشريعات الخاصة بالانتخابات البرلمانية والرئاسية. ولكن أرجو مع ذلك أن تتم دراسة الأفكار التي طرحت جماهيريا ونخبويا بخصوص انتخابات مجلسي الشعب والشوري من قبل المجلس الأعلي للقوات المسلحة، فالتعديلات الدستورية التي اقترحتها لجنة طارق البشري راعت في اعتبارها أن هذه الانتخابات سوف تتم خلال الفترة الانتقالية الحالية، وذلك عندما أشارت إلي صحة انعقاد مجلس الشوري بالأعضاء المنتخبين فقط دون المعينين لأن انتخابات المجلس سوف تسبق انتخابات الرئاسة. إلا أن ثمة أفكارًا تطالب بإرجاء انتخابات مجلسي الشعب والشوري بعضًا من الوقت حتي يتهيأ المسرح السياسي وتتبلور القوي السياسية ويتمكن تحديدًا شباب 25 يناير من إقامة أحزابهم الخاصة بهم، وتقوي هذه الأحزاب علي المنافسة. نعم ثمة مشكلة دستورية وقانونية تتعلق بأن رئيس الجمهورية يحلف اليمين أمام البرلمان.. لكن هذه المشكلة يمكن إيجاد حل لها بأن يحلف الرئيس القادم اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا.. وإذا كانت التعديلات الدستورية المقترحة قد نصت علي إلزام الرئيس القادم والبرلمان القادم بتغيير الدستور كله من خلال لجنة تأسيسية يختارها البرلمان الجديد المنتخب.. فإنه يمكن تضمين حلف اليمين للرئيس أمام المحكمة الدستورية من خلال نص مؤقت في التعديلات الدستورية الجديدة. وإذا حدث ذلك سوف يمكننا أن نؤجل الانتخابات البرلمانية لبضعة أشهر إضافية، ربما حتي يتم تغيير الدستور كله وهو ما سيحتاج لنحو العام بعد انتخاب الرئيس الجديد، وأعتقد أنها فترة كافية كي تتبلور القوي السياسية التي سوف تتنافس في الانتخابات البرلمانية.