وضع أحمد أبوالغيط وزير الخارجية حقائق الأمور أمام الرأي العام المصري والعربي فيما يخص التحولات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وأولويات السياسة الخارجية المصرية وكذلك الوضع علي الأرض في ليبيا وعمليات إجلاء الجالية المصرية من هناك وذلك في رده علي أسئلة «روزاليوسف» في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده صباح أمس مع نظيره وزير خارجية لوكسمبورج «جان اسليبرون» الذي استهل زيارته للقاهرة بزيارة ميدان التحرير رمز ثورة المصريين. تطورات غير مسبوقة في تاريخ الشرق الأوسط أكد أبوالغيط أن الشرق الأوسط يشهد تطورات غير مسبوقة في تاريخه وقال: إن المؤكد أنه إذا كان القرن العشرين شهد مرحلة الاستقلال السياسي للدول العربية من الدول الأوروبية المستعمرة فإن القرن الحادي والعشرين وبالأخص العقد الثاني منه يشهد تحولات رئيسية تأخذ العالم العربي إلي آفاق غير مسبوقة في تاريخه في مقدمتها الديمقراطية وحق الإنسان في العيش بشكل يحترم حقوقه الأساسية، وأضاف إن المجتمعات العربية تتحول بقوة إلي سيادة القانون والشفافية والديمقراطية، وحق الانتخاب وحق العيش والعمل وكلها مسائل نراها في كل هذه المنطقة. السياسة الخارجية المصرية وأوضح أبوالغيط أنه علي الجانب الآخر هناك صعوبات اقتصادية تمر بها مصر حاليا وهناك قلاقل في الكثير من الدول العربية وبالتأكيد أن هذا كله له تأثيراته علي قدرة العالم العربي علي التعامل مع المشكلات الضاغطة والملحة مثل موضوع السودان وانفصال جنوب السودان وبزوغ دولة جديدة وهذا يحتاج إلي الكثير من التركيز والكثير من الامكانات من قبل مصر للتعامل مع هذا الوضع الجديد وهو وضع استراتيجي جديد يجب علي مصر أن تتنبه له وأن تتعامل معه وهناك الضغوط الخاصة بالقضية الفلسطينية واستمرار الاستيطان الإسرائيلي وعدم قدرة المجتمع الدولي مثلما شاهدنا موقف الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن عندما قررت تبني حق النقض أو «الفيتو» لمناهظة مشروع قرار يدين إسرائيل. وأضاف كيف سيتعامل العرب مع هذا الوضع وهو استمرار الاستيطان وتوقف جهود التسوية وعدم الوصول إلي أي انفراجة في هذا الصدد بالإضافة إلي استمرار الظهور الإيراني «القوي» علي الأرض العربية، كلها مسائل يحتاج العرب أن ينظروا فيها وأن يتبينوا آثارها عليهم، وهناك مؤتمر القمة العربية القادم وهل سيعقد في موعده أم سوف يؤجل، وكلها مسائل مطروحة علي اجتماع وزراء الخارجية العرب في الأسبوع القادم، وقال: بالتأكيد هذه أوضاع جديدة وهناك الحاجة للعب دور التأثير الأول علي مقدرات هذا الاقليم وهذا لن يتم إلا من خلال العمل العربي المشترك وكيف ستنجح قوي المشرق والمغرب في التعامل مع هذه الصورة وماذا سيكون عليه الدور المصري القادم لجمع الشمل وضبط الايقاع لإحكام واتقان هذا العمل العربي المشترك وكلها أولويات ضاغطة علي السياسة الخارجية المصرية وحول ما يتردد عن سياسة خارجية لثورة «25 يناير»، قال أبو الغيط إن الموقع المصري والتاريخ المصري - أي الجغرافيا السياسية لمصر - يفرض نفسه علي أي صاحب قرار وأي ثورة وبالتالي كيف سيستمر المسار هل سنصحح المسار وإلي أين نصحح المسار وكلها مسائل اعتقد أن الأسابيع والشهور القادمة سوف تحتاج لهذا القدر من التركيز، وأوضح في هذا السياق أننا نحتاج إلي أن ندقق وندرس ما أولوياتنا وما أولويات السياسة الخارجية المصرية وكيف تتعامل مصر مع المحيط المجاور لها وكل هذا لن يتم في وزارة الخارجية أو في وزارة الدفاع أو في أجهزة الأمن القومي المصري «فقط» ولكنه سيتم أيضاً من خلال هذا النقاش الواسع الذي تشهده مصر وهذه التحولات الرائعة العظيمة التي نراها أمامنا علي المسرح المصري، وكل ما علينا أن نفعله الآن هو أن نركز علي «العمل» ولا نهدر مواردنا وامكاناتنا في جدال قد يضر ولا ينفع. مستجدات الوضع في ليبيا وصف أبوالغيط الوضع في ليبيا بأنه «بالغ الصعوبة» وكشف عن اتصال أجراه أمس السبت مع رئيس المخابرات الليبية وعن محاولات أجراها للاتصال بوزير خارجية ليبيا ولم يتمكن من الوصول إليه معلنا أن مصر أبلغت فجر أمس بأنه تم إغلاق الحدود الليبية التونسية ويمنع التوانسة والمصريين من الدخول إلي تونس إلا بتأشيرات خروج من السلطات الليبية يحصلون عليها من مدينة طرابلس تحديدا، أي عليهم أن يعودا مئات من الكيلومترات بغرض الحصول علي هذه التأشيرات. وقال: نحاول إقناع السلطات الليبية- بالإفراج عن هؤلاء المصريين المتراكمين علي الحدود الليبية التونسية، مشيرا إلي أن المعلومات الواردة من تونس تفيد بأن حجم المصريين المتواجدين في مناطق جنوبتونس قد تم تفريغه ونجحت الطائرات المصرية في نقل المصريين حتي الآن إلا أن ذلك لا يمنع من أننا قد نري تجمعا جديدا. ولفت إلي أنه وصل إلي تونس أمس السبت 20 طائرة مصرية، معلنا أن هناك جهدا هائلا تقوم به الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الدفاع المصرية ووزارات الطيران المدني والنقل والصحة وأخيرا وزارة الخارجية التي تنسق هذه الأعمال. وقال أبو الغيط إن هناك عشرين طائرة أخري تصل إلي طرابلس ونحاول أن نضع بها كميات من الغذاء «لأولادنا» في مطار طرابلس لتزويدهم بالغذاء حتي إن لم يتمكنوا من العودة علي رحلة الطيران، وأضاف إنه سبق أن صرحت ووجهت حديثي لأبنائنا في ليبيا بأن أبقوا في منازلكم وأن تنسقوا مع مصر للطيران أو السفارة المصرية إذا أردتم الذهاب إلي المطار، مشيرا إلي أن هناك آلافا من المصريين يتواجدون في المطار خشية التعرض لعمليات عنف، وأوضح أنه علي الجانب الآخر وفي شرق ليبيا هناك نحو 40 ألف مصري عبر الحدود، كما أن هناك العديد من المصريين حول مطارات متفرقة في ليبيا ما يستدعي من مصر للطيران بأن ترسل طائرة هنا وطائرة هناك بعملية منسقة بين وزارة الخارجية والطيران المدني والقوات المسلحة وأوضح وزير الخارجية هناك «سفنا» في طريقها الآن إلي تونس. وأوضح وزير الخارجية أن هناك «سفنا» أخري في طريقها إلي طرابلس ولم نحصل بعد علي التصاريح من الجانب الليبي ولكننا سوف نداوم محاولات الحصول علي التصاريح، مؤكدا أن عملية الاتصال بالمسئولين الليبيين أصبحت صعبة المنال والسفارة المصرية عددها محدود لأنه لم يتوقع أحد هذا القدر من احتدام الموقف والسفارة تعمل تحت ضغط شديد وتم تعزيزها بعدد من الدبلوماسيين والإداريين وحراس أمن من قبل وزارة الخارجية. إذ نوفد مع كل طائرة بعض الإداريين من عاملي وزارة الخارجية كي ينظروا في مستندات المصريين ويعطوهم وثائق السفر للدخول إلي مصر وتتم هذه العملية داخل الطائرات. وأوضح أن السفن لن تصل قبل يوم الخميس المقبل وبالتالي سوف تستغرق عملية إخراج المصريين بعض الوقت وهناك حالة من التوتر علي الأرض وهناك إدعاءات ومزاعم بأن الوزارة الخارجية لا تفعل شيئا مؤكدا أن وزارة الخارجية تفعل الكثير وتعمل ليس بمفردها ولكن في إطار منظومة بها الدفاع والطيران المدني والنقل . وقال أن مئات «الأتوبيسات» التي تنقل المصريين من السلوم وهناك أتوبيسات تنقل المصريين من مرسي مطروح وهناك وزارة الصحة ولديها امكاناتها، أي أن مثل هذا الجهد لخدمة مليون مصري يرغبون في العودة يجب أن يقدره أبناؤنا وشعبنا الظروف بالغة الصعوبة التي يعمل فيها الجميع في ظل غياب السلطات الليبية التي أصبحت مشغولة بشأنها، مشيرا إلي أن الشرق الليبي لا سلطة فيه والغرب الليبي به الكثير من النزاع والصراع.