أثني بكل قوة ومساندة ودعم واجب علي ظهور السفير حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية في قناة (سي.إن. إن).. مساء يوم الثلاثاء.. بينما كانت المظاهرات مندلعة في ميدان التحرير.. هذا ثناء موضوعي وليس شخصياً.. بموجبه أحيي شخصية مصرية محترمة لأنها لم تتوار ولم تختف. وتصدرت للكاميرا في وقت له طبيعة خاصة.. بينما الكثيرون لا يقومون بأدوارهم. لقد كانت مذيعة التليفزيون المصري لميس الحديدي تمارس تحريضاً علي الشاشة الرسمية، بينما لا توجد رسالة محددة يواجه بها الإعلام الجمهور لكي يقول له ما الذي يجري، إلي أن بدأ التعامل مع الأمر فقط بعد أن صدر بيان وزارة الداخلية.. غير مدرك أنه قد انتهي هذا العصر الذي يتم فيه التعامل مع مثل تلك الأمور الجسيمة بالتجاهل.. بينما هناك متظاهرون يقفون علي باب ماسبيرو.. وحشود في ميدان التحرير.. تقول إنها سوف تعتصم لأيام.. وفيها وقف البعض يعلن بياناً بمطالب ثورية.. وعلي اليوتيوب كان هناك من يشرح للناس كيف يقتحمون مبني التليفزيون ويعلنون بيان الثورة! لقد قلت من قبل، إن السيادة لها مقومات، وأن الشرعية لها عناصر، وأن التحديات الجديدة تجعل الاستقرار يواجه أموراً مختلفة تمثل تعدياً علي الشرعية لا بد من التعامل معها بأدواتها.. التعدي الإعلامي يقابل برد إعلامي.. والحرب النفسية لا بد لها من أسلوب مواجهة.. وليس من بين ذلك أبداً أن نختفي في المكاتب وننتظر البيانات التي تصدر وفق قواعد وأصول لها توقيتاتها وحساباتها الأمنية.. الأمن ليس مسئولاً عن الواجب الإعلامي. هذا ليس مقارنة بين موقفين.. لكن ال(سي. إن. إن) وجدت أن أفضل من يمكن أن يعبر عن موقف مصر هو من اتصلت به.. السفير حسام زكي.. الذي قيل له: نحن نحاورك باعتبارك من بين الحكومة.. فقال: أنا موظف مدني أتحدث باسم الخارجية.. ومن واجبي أن أشرح ما يحدث في مصر الآن.. وهو أمر تنطبق عليه مواصفات حرية التعبير.. ومصر بلد مختلف وكبير ولا يمكن مقارنته بغيره. في يوم الثلاثاء راحت المحطة الأمريكية الشهيرة تطور من قصة المظاهرات في مصر.. وتصعد بها من نقطة إلي أخري.. حيث حولتها إلي قصة رئيسية.. ومن ثم وضعت لها عنواناً في توقيت متأخر.. عنوان آثاري بعيد قفز علي الأحداث.. وهو (مصر علي الحافة).. كما لو أنها كادت تسقط.. ومن ثم كان علي من تلقي الطلب بالتعليق أن يقول ما لديه ويؤدي دوره الوطني.. وقد خاطب حسام زكي الإعلام الأمريكي بعقليته ولغته.. قائلا: (لا تخلطوا التفاح بالبرتقال).. مطالبا بمعالجة إعلامية غير محملة بتوقعات ليست في مضمون الأحداث.. ومنبها إلي أن مصر تعرف مثل هذا النوع من الأحداث منذ سنوات وقد اعتادت عليه في إطار حرية التعبير. نحن نعيش عاماً صعباً.. ومن المؤكد أنه لم تزل هناك تحديات كبيرة جداً.. وأكثر مما وقع.. المجتمع في حالة مختلفة.. وغير مسبوقة.. والاستقرار يتعرض لهجوم مختلف الأبعاد.. من انتهازيين وقناصين.. ولا يمكن أن تدار الأمور إعلاميا بمنطق الصمت والتجاهل أو حتي التأخر في المعالجة.. التأخر يساوي بالضبط عدم القيام بالواجب.. لأن كليهما يؤدي إلي جوانب وتأثيرات شديدة الخطورة.. التجاهل يساوي الإهمال.. والتأخير هو إهمال جسيم ومتضاعف. فإذا كان الإعلام المضاد.. خارجياً وداخلياً.. يعتقد أنه يمكنه أن يدير دفة هذا البلد.. فلا أقل من مواجهة له.. توازن بين المقتضيات.. وترجح كفة حماية السيادة.. ولا تترك الناس للتيه وللشائعات أو أن نجد التليفزيون يذيع حواراً مع مجد القاسم لمذيعة تستعرض ساقيها بينما الكثيرون يتابعون الجزيرة وهي تثتثير الجمهور.. والأقاويل تتردد في كل مكان. لا نقترح مبالغة، ولا نريد تهويلا، قبل أن تداهمنا مثل تلك الحجج المعتادة والبالية.. ولكننا نريد معالجة موضوعية متوازنة.. ومناقشة حقيقية.. وتطويقاً للفوضي قبل أن تندلع بسبب غياب الرسالة.. واختفاء الإعلام الذي انتظر بيان وزارة الداخلية.. فيما مذيعو التليفزيون الرسمي يتبعثرون كل في اتجاه وحسب الهوي لا يحكمهم منطق.. ولا تديرهم منظومة. نريد وجوداً للدولة علي الشاشة، وعلي الشبكة الإلكترونية، واظهارا لحقيقتها.. لا تضيفوا شيئا من عندكم.. فقط قولوا الحقيقة.. وأن الدولة مستقرة.. وأن يعامل التعدي الإعلامي عليها بتحصين عقلي ونفسي.. وبأصوات موجودة.. تحتوي الغضب.. وتستوعب في أحضانها المتغيرات.. وتكشف حقائق الآخرين.. وتشد أزر الناس فهم يتعرضون لما يهون من عزمهم.. ويهز ثقتهم بينما نحن نتركهم في الهواء الطلق. إن أسوأ استنتاج متوقع يمكن استخلاصه من قبل المتراخين هو أن يحسبوا أن هذا المقال هو نوع من ترقية أسهم شخص علي شخص.. أو جهة علي أخري.. وإذا كانت تلك هي تحليلاتهم المبسطة والقريبة والساذجة.. فإننا ندلهم علي المقصد بقول واضح ومحدد: أنا فقط أحفزكم واستحثكم أن تقوموا بأدواركم في الأوقات الواجبة وليس بعدها بمراحل. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]