عزا عضو مجلس النواب التونسي عن الحزب الليبرالي خليفة بن سالم إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي ورحيله عن البلاد إلي ابتعاده عن نبض الشارع اليومي الذي لم يعد يقبل الإهانة. وشدد في حوار خاص ل«روزاليوسف» عبر الهاتف من تونس علي أن إعطاء الحكومة الحالية فرصة، لا يعني تقديم شيك علي بياض لها. ولم يستبعد بن سالم ضلوع قوي خارجية مثل فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية في الأحداث الجارية.. وإلي نص الحوار: • أحداث متسارعة شهدتها تونس مؤخرا في أعقاب سقوط نظام «بن علي».. إلي أي مدي وصل الوضع الأمني الآن؟ - الجانب الأمني.. هناك تحسن في الأوضاع الأمنية والسوق يعود لنشاطه، ولا توجد انتفاضة شعبية الآن إنما هناك مظاهرات يغلبها الطابع السياسي وهناك تمسك بحل التجمع الدستوري الديمقراطي «حزب بن علي»، وهو مكمن المشكلة في حكومة التوافق الوطني.. وهناك اتجاه لإيجاد حل لتجنيب البلاد مزيدا من الاحتقان والشعب أدرك أهمية عودة النشاط الاقتصادي، لأن الاقتصاد التونسي لا يحتمل مزيدا من التعكر.. وفيما يتعلق بالوضع السياسي هناك مواقف مختلفة في هذا الشأن، فمنهم من يري أهمية العمل مع حكومة التوافق وآخرون يشددون علي خروج رموز النظام القديم من واجهة المشهد السياسي، إضافة إلي من يراها فرصة لفرض مزيد من التنازلات وتحقيق المكاسب والدفع في اتجاه المجهول. • برأيكم، ما الأسباب الرئيسية والحقيقية لاندلاع الثورة؟ - الأسباب متعددة، ونشأت نتيجة الوعي الجديد داخل الشباب العربي الذي لم يعد يقبل فكرة «حكومة دون أخطاء» أو نظرية «الحاكم الصحيح علي الدوام» والتحكم في الإعلام ومصادرة حق الآخرين في التعبير عن رأيهم، إضافة إلي الرغبة في إيجاد حاكم متواضع بعيد عن الشعارات، يتوافر فيه كم هائل من الصدق والشفافية، والسبب الرئيسي في تفجير الثورة «السبب العميق» هو الشباب الذي يريد العمل وبلغت به درجة الاحتقان حتي أحرق نفسه وهو يعكس مدي ما بلغه الوعي من رفض للإهانة التي لم يحتملها الشعب، ونجح الشعب في التواصل فيما بينه عبر وسائل الإعلام الحديثة رغم طغيان الإعلام الرسمي والمحلي ولم يعد بالإمكان الكذب علي المجتمعات التي أصبحت تفرق بين المشروع وغير المشروع، كما افتقد نظام «بن علي» المخلوع في مرحلة ما علاقته بالشعب عن طريق القدرة علي المبادرة السياسية والقدرة علي إقناع الرأي العام وتضافرت الجهود للإطاحة به لأنه لم يتمكن من ترميم علاقته بالشعب من جهة والإعلام من جهة أخري، وأصبح الرئيس بعيدا عن نبض الشعب اليومي، وعندما يبتعد الحاكم عما يقال داخل الشارع يصبح غير قادر علي امتلاك مبادرة لامتصاص غضبه وعندها تفلت الأمور من بين يديه. • البعض تحدث عن تدخلات خارجية ساهمت بشكل كبير في إشعال الثورة التونسية، ما تعليقك؟ - مهما كانت مبادرات الخارج، فإن الثورة كانت محلية ومجرياتها حتي اللحظة هي داخل الساحة الوطنية وهو ما لا ينفي إمكانية دخول القوي الأجنبية علي الخط ولكن تأثيرها مازال غير واضح للعيان.. مازال التونسيون وقواهم السياسية ومنظماتهم النقابية ومؤسساتهم الأمنية وجيشهم الوطني يتحكمون في مجريات الأحداث، ربما هناك ما يدور خلف الستار.. وهذا ستكشف عنه الأيام.. لكن بالطبع يرفضها الشعب التونسي، وفيما يتعلق بفرنسا والولايات المتحدة قد تكون لها تدخلات في بعض النقابات السياسية والأحزاب. • ما رأيك في مطالبة البعض بإقالة وزراء «نظام بن علي» من الحكومة الجديدة؟ - لكل في هذا الشأن مبرراته، فالاتحاد العام التونسي للشغل يري أنه من غير المقبول أن نقدم علي الإصلاح والحكومة في قيادتها السيادية يتحكم فيها حزب الرئيس بن علي.. هذا هو جوهر المشكلة، ويجب أن نعطي الحكومة الانتقالية فرصة، لكنها ليست شيكا علي بياض وإنما بضمانات.. أولا الدخول الفعلي في تشريع مشاريع قوانين وإجراءات تفتح الباب للمشاركة الديمقراطية المفتوحة للإعلام الحر وفصل الحزب عن الدولة واستقلال الإدارة والاعتراف بجميع القوي السياسية والمحاسبة المالية للجرائم الاقتصادية والثراء الفاحش علي حساب المقدرات الوطنية، وما رافق ذلك من استغلال النفوذ وإجراء انتخابات رئاسية شفافة في وقت لا يتجاوز 6 أشهر ولو بدأنا في اتخاذ هذه الإجراءات نكون قد نجحنا.. ومن العيب تعطيل الحكومة من أجل وجود وزراء سابقين فيها. • هل هناك معتقلون سياسيون في سجون سرية إلي الآن؟ - لم يحدث لأن نظام بن علي كان وبالأساس يقوم علي آلية الانضباط الإداري ولا يعترف إلا بالمسئول المباشر وبالتالي من الصعب الحديث مع نظام بن علي ووجود ما هو مختلف معه في الرأي والذي يختلف معه في الرأي يأمر بإقالته علي الفور مثل كمال النابلي وزير المالية الأسبق. • كيف تري استقالة رئيس الوزراء الغنوشي والرئيس المؤقت من حزب بن علي؟ - هي من باب تلطيف الخواطر مع الأطراف الأخري والدفع بأجواء التهدئة وتعبير عن حسن النوايا وهذا مهم جدا للتقدم في البناء. • هل تعتقد أن تونس ممكن أن تتدخل في حروب أهلية؟ - لا أعتقد أن التونسيين يدخلون في حرب أهلية أيا كانت الأوضاع فالتونسيون يميلون بطبعهم إلي الاعتدال والتسامح وليس العنف. • هل لجوء الرئيس المخلوع بن علي إلي السعودية يؤزم العلاقات مع تونس؟ - لا يؤثر علي العلاقات فربما قد يكون ذلك سلبيا لدي الرأي العام والشعب أما بالنسبة للطبقات السياسية فإنها ستتعامل معه سياسيا وبالمنطق ما يمكن إصلاحه ليس أكثر.