أتاحت لي، كما أتاحت لغيري، الدعوة الكريمة لحضور الاحتفال بتكريم الدكتور مجدي يعقوب ومنح الرئيس له «قلادة النيل العظمي».. أتاحت لي فرصة اقتناص بضع دقائق من وقت السيد الرئيس محمد حسني مبارك، حيث كان يرحب بضيوف حفل الاستقبال الذي تلي إلقاءه لكلمة التكريم وتطويق عنق البروفيسير والجراح العالمي بالوسام المهيب. بدا الرئيس في حالة معنوية مرتفعة، وقد أعلن لتوه عن القرار الجمهوري رقم «1» في العام الجديد، والمؤرخ في يوم 3 يناير، وقال لنا سيادته إنه فكر في قرار منح هذه القلادة للدكتور يعقوب قبل ما يزيد علي شهر.. معتبرًا إياه من أبرز الجديرين بها.. مثنيا علي الجهود التي يبذلها الدكتور مجدي يعقوب في مركز أسوان لجراحات القلب. لقد تذكرت أن المصادر الرئاسية كانت قد أعلنت عن هذه القلادة ومنحها للدكتور يعقوب، حين سافر الرئيس إلي أسوان يوم الخميس 30 يناير الماضي.. وهي القلادة التي لم تمنح من قبل للمصريين إلا لحائزي جائزة نوبل.. وفي مقدمتهم الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ. كان السيدان وزير الخارجية ووزير الإعلام يحيطان بالرئيس، بينما كنت أسأل سيادته عن الحدث الذي لا شك أنه يشغل كل المصريين.. أي الإرهاب الذي ضرب كنيسة القديسين في الإسكندرية.. وما تلي ذلك من مناقشات عامة.. وقد تحدث الرئيس عن ذكريات طفولته التي جمعته بعدد من التلاميذ الأطفال.. وكيف كانوا يتجمعون نحو 15 طفلا مسيحيا.. هو المسلم الوحيد فيهم.. ويتسامرون ويتضاحكون. وأضاف الرئيس: ليس في مصر أقلية مسيحية.. كلنا مصريون.. وأردف: جزء كبير من أسباب ما يحدث طائفياً له علاقة بزيادة عدد السكان وعوامل خارجية. وقال الرئيس ما هي حكاية المسلم والمسيحي هذه.. كلنا مصريون.. أنا لم أعرف في حياتي التفرقة بين هذا وذاك.. وتداخل الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع في دائرة الحوار.. في حين اقترب من الدائرة رجل الأعمال منير غبور.. بينما راح الرئيس يتكلم عن الضغوط التي تحيط بالمنطقة.. والتهديدات التي تلاحق دولا عديدة من الإرهاب وتنظيماته. في هذه الوقفة تطرق سيادته إلي أن كثيرًا مما يعتري الإقليم يعود إلي الأوضاع التي أسفرت عن عملية غزو العراق.. مشيرًا إلي أنها أحدثت تأثيرات جمة.. وأن تلك هي كانت توقعاته المعلنة من البداية.. وأنه حذر الولاياتالمتحدة من مغبة ما يجري.. وكيف سيكون خطرًا علي المنطقة. وسألت الرئيس عن أحاديث متواترة عن قرب صدور قرارات بخصوص المواطنة.. فأجاب باقتضاب: إن الحكومة والحزب يدرسان ذلك.. بمزيد من العمق والتأني.. لمراعاة جميع الأبعاد.. وعاد مرة أخري سيادته ليقول: كلنا مصريون.. لا مسلم ولا مسيحي.. كلنا أبناء هذا البلد منذ عشرات القرون. واقترب نادل مقدما بعض قطع الحلوي الصغيرة للسيد الرئيس، ففضل أن يقضم قطعة خيار كانت موجودة علي مائدة مرتفعة وضع ذراعه اليسري عليها، وسأله أحد رؤساء الأحزاب عن الفوضي الخلاقة.. فقال ساخرًا: بل قل الفوضي المدمرة.. لا توجد فوضي خلاقة. وتركنا سيادة الرئيس لكي يحتفي ببقية ضيوف مقر رئاسة الجمهورية.. حيث كانت السيدة الأولي في أوج تألقها.. موجهة التحية لنخبة من العلماء والمتبرعين للأعمال الخيرية.. وتناقشت لبعض الوقت مع قيادات العمل النسائي وقيادات معهد القلب في إمبابة وبعض رؤساء الجامعات. الساعتان اللتان حصلت علي فرصة حضورهما بالأمس في مقر هذه المؤسسة المصرية التليدة، وحيث تشرفنا بلقاء رئيس عظيم ومتواضع، قوي وواثق، وفي عمق لحظة مثيرة للفخر، ومعبرة عن أن مصر تتسامي بأبنائها المخلصين والوطنيين أيا ما كان انتماؤهم العقيدي، هاتان الساعتان.. كانتا وقتًا تاريخيا مميزًا ومعبرًا عن بعض من مجد مبارك. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]