مصر تتغير كل يوم.. قفزات الي الأمام، ملموسة كانت أم غير ذلك، الأكيد أنه سيكون هناك مزيد من القفزات.. كرة القدم جزء من المجتمع، اختفت »الكورة الشراب«، ونجوم الحارة والميدان، وبدأت غزوات أولاد الذوات.. ملاعبنا وفي كل الأندية بها جامعيون وخريجون من الجامعات القومية والخاصة وحتي الجامعة الأمريكية.. كرة القدم لم تعد تقتصر علي الأهلي أو الزمالك والترسانة والاسماعيلي والاتحاد والأوليمبي والمصري أو حتي السكة الحديد.. اليوم لدينا الصيد والشمس والمفاجأة في انبي وبتروجت وأندية الجيش والشرطة.. جاحد من ينكر أن الدنيا تتغير! مع كل تغيير خاصة اذا كان ملموسا.. يجب أن يكون هناك تعديل للقواعد الجامدة أو علي الأقل مواكبة في الأسلوب الذي يتعامل به لاعبونا.. فما كان يحدث زمان، لا يمكن وربما مستحيل أن نمارسه اليوم.. مضي عهد الفقر والحرمان، وأصبح نجوم الرياضة وبخاصة كرة القدم من الأغنياء.. هل تعرفون أي لاعب، كبيرا كان أم صغيرا لا يتقاضي أكثر من أي موظف في جهاز الدولة أو حتي في القطاع الخاص؟ الاجابة الحقيقية هي: لا.. انهم الأعلي دخلا، والأفضل حالا.. اقتصاديا ومعيشيا وأيضا ثقافيا.. كل لاعبينا بحكم الوقت والزمن والتطور في حال غير الحال.. ورغم ذلك ماذا يدفع بعضهم الي الهجرة؟.. هل هو المال.. الشهرة.. الأجواء أم الظروف الأفضل؟ المنطق يجيب أن كل هذه العوامل دوافع قوية لهجرة طيورنا الكروية. البداية: كانت صالح سليم الي النمسا في الستينيات لأسباب نعرفها جميعا، وفي العصر الحديث فتح مجدي عبدالغني بوابة أوروبا من البرتغال في الثمانينيات، تلاه علي استحياء أسماء أثبتت وجودها بعد أن لفظتها ملاعب مصرية، أبرزها وألمعها محمد زيدان، حسام غالي، هاني سعيد، ميدو، وعبدالظاهر السقا، ووجدوا ضالتهم وتألقوا في ألمانياوانجلترا وحتي في تركيا.. ناهيك عن المتألقين في أندية عربية.. بالمناسبة أكبر مثال.. يجب أن نفخر به كلنا كمصريين هو زكي عبدالفتاح.. هو مدرب رئيسي لأغني فرق العالم وأحد أقوي المتحدين في كأس العالم المقبلة. ملاعبنا اليوم يطاردها شبح بعض خفافيش تطفيش أبنائنا وبراعمنا من النجوم، واجبنا كبلد أن نستوعب أبناءنا، صحيح أن سفرهم مطلوب لاكتساب الخبرة في بلدان أوروبا، لكن أيضا الواجب ألا نتخلي عنهم.. ماذا يدفع لاعبا مصريا متعلما ومثقفا للذهاب الي تركيا أو اليونان أو حتي البرتغال.. انجلترا أو ألمانيا وأسبانيا وايطاليا تبحث عن كنوزنا.. تلمعهم وتحولهم لتجارة رائجة.. ليس عيبا أن نذهب.. لكن العيب كل العيب أن نتحول الي سلعة. في المقاولون أو نادي المقاولين طابور طويل ينتظر الرحيل.. السبب غير معروف.. زيادة العدد من المواهب لا يصح أن تكون عامل تطفيش، محمد فارس في القلعة الصفراء، حسام عرفات وبوجي بالزمالك، علي لطفي في انبي، عفروتو وأحمد شكري وطلعت في الأهلي.. كلها أمثلة في طابور طويل تنتظر من يخطفها، ويحولها الي طير مهاجر. مهما كانت المغريات.. ومهما كانت الدوافع.. الواجب أن نلعبها صح، كرة القدم سوق كبير، تجارة عالمية اكتسبت الشرعية، أرضنا ومزارعنا وخبرة الانتاج، العيون مفتوحة، أقل واجب يجب أن نفعله أن يضع المسئولون ضوبط لا قيود، لا مانع من تعيين لجنة من محترمي ومحترفي العملية.. المهندس عدلي القيعي مصري قبل أن يكون أهلاويا، وأمثاله كثر.. الواجب الوطني يحتم أن يرسموا لنا سياسة ويضعوا لنا دستورا حتي يحافظوا لثروتنا في السوق العالمي قيمتها وكرامتها.. حتي لا يأتي اليوم فنستجدي استعادة آثارنا القابعة في متاحف ألمانيا وفي ميادين أمريكا وفي