ردة الفعل السريعة والعاجلة للنخب العربية المنحطة تجاه المحاولة الانقلابية الفاشلة على الحكومة التركية المنتخبة والراسخة تعكس مدى تشوّف وانتظار هذه النخب لسنوات من أجل هذه اللحظة الانقلابية، التي ينطبق عليها قول ذاك التونسي الحرّ" هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية". ولكن الفارق أنها كانت في تونس تاريخية، أما في تركيا فكانت خطاً على الثلج سريعاً ما ذاب بالالتفاف الجماهيري الشعبي حول حكومته المنتخبة ليؤكد المؤكد ويثبت المثبت أن عهد الانقلابات ولّى إلى غير رجعة، وأن عهد التشبيح ليس له في اسطنبول نصيب. عودة إلى ما وصفتها بالنخب العربية الفاشلة المنحطة وهي نخب فرضت نفسها بقوة المال الحرام والإعلام الرخيص، فكانت تعبيرات بعضهم على صفحاتهم على الفيس بوك والتويتر تليق بنفايات سعوا إلى تصديرها لتركيا بعد أن أزكموا أنوف شعوبهم بها طوال عقود، ولم يكتفوا بذلك على صفحاتهم الشخصية وإنما سعوا إلى فرض تفكيرهم وميولهم الرغائبية على شاشاتهم الفضائية فكانت حسرة وترة عليهم بعد لحظات حين تكشف المكشوف لدى الكثيريين، وحين وقف الشعب التركي بقضه وقضيضه في وجه الانقلابيين ومعه الإعلام التركي الحر، الذي لم يجد الانقلابيون فيه نصيراً لهم كما وجدوه في مصر السيسي وغيرها من دول الربيع العربي للأسف. حالة الممارسة الإعلامية الرغائبية هذه لم تقتصر على الإعلاميين الفجرة في الخصومة والفجرة في التغطيات الإعلامية ولو كان هناك إعلام حر ونقابات حرة لتم فصلهم من هذه النقابات ومن أعمالهم، فمهنة الصحافة مقدسة و رسالية شعبية وحقيقية وواقعية وليست رغائبية وفقاً لميول الصحافي، ووفقاً لأهوائه ولو ضربت بالواقع عرض الحائط ووقفت ضد إرادة الأمة، هذه الممارسة لم تقتصر على الإعلاميين للأسف وإنما امتدت إلى السياسيين، فكان الانحياز الأميركي الواضح في البداية بتصريحات وزير الخارجية الأميركية جون كيري لصالح الانقلابيين، والتزم البيت الأبيض الصمت لساعات، وخرجت السفارة الاميركية في أنقره لتسمي ما يحصل بالانتفاضة التركية. أما النفاق الغربي فكان واضحاً بالوقوف على مسافة واحدة تقريبا من الشرعية والخونة المنقلبين عليها، وانحازت روسيا بوتين بوضوح إلى جانب الانقلابيين... لم يتعلم سحرة فراعنة الاستبداد العربي شيئاً من الكوارث التي حلت في العالم العربي لانحيازهم إلى جانب الاستبداد ضد إرادة الشعوب، فأرادوا استنساخ تجربتهم الفاشلة المنحطة في تركيا، وبنظرة سريعة على نشرات أخبار تلك الفضائيات وتلك الصحف المأجورة ترى العجب العجاب، وأختم مقالي هذا بتغريدة جميلة للصديق الحر جمال سلطان حين قال" الحشود في تركيا تنجح في تحرير قناة تي آر تي الرسمية لكن الانقلابيين ما زالوا يسيطرون على قناتي العربية وسكاي نيوز عربية. هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه