فيما يتغنى البعض بالاستثمارات التي جلبها المؤتمر الاقتصادي، ويردد آخرون عبارات ككون المصنع نموذج مصغر للدولة، وأن المصانع تعكس بناء الدولة بما فيها من مصالح ومفاسد، إلا أن حقوق العمال ما زالت طي النسيان. العمال الذين تكبدوا الأمرين سواء قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، أو عقب انقلاب الثالث من يوليو، حيث أنهم حاولوا تنفس الصعداء في فترة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، محاولين الحصول على حقوقهم، مع محاولة تفعيل دورهم في النقابات العمالية، والحراك العمالي، لإعادة حقوقهم المسلوبة. مدينة الفتح الصناعية الواقعة في كوم أوشيم بمدينة الفيوم، مثال بسيط على ما تعانيه المصانع والمدن الصناعية في ظل حكم العسكر، من تسريحٍ للعمال للكساد الاقتصادي الذي تعانيه تلك المصانع، أو تحكم وفرض سلطة على العمال وخصم من مرتباتهم أو إيقاف تثبيتهم، في ظل غياب للدور الرقابي. فيؤكد عمال مصنع سراميك الفراعنة المملوك لرجل الأعمال محمد فوزي أن المصنع في ركود اقتصادي كبير عقب انقلاب 3 يوليو، كما أن صاحب المصنع يقوم بالتحكم فيهم وفرض سلطانه عليهم، فيقول "أحمد عامل بمصنع سراميك الفراعنة": "احنا اتنفسنا شوية بعد ثورة يناير، إنما من اليوم المشؤوم بتاع الانقلاب ده وصاحب المصنع بيتحكم في العمال ومصيرهم، ودلوقتي بيدي العمال على دماغهم بالجزمة، والدولة شايفة وساكتة، واللي بيفتح بؤة بيتاخد على أمن الدولة عدل". وأضاف عامل آخر يعمل بذات المصنع ل"رصد": "صاحب المصنع قالنا بذات نفسه إن الأيام اللي جاية سودا، في آخر اجتماع معاه، وقال إن لافيه زيادات ولا أرباح ولا بتاع، وإن اللي مش عاجبة المثنع فيه 8 بوابات البوابة فيهم تعدي فيل". ويضيف "محمد -عامل": "المصنع رفض تثبيت الناس اللي كانوا شغالين في 2014 نحو 350 عامل ومشاهم قالهم مفيش فلوس عشان أثبتكم عاوزين تشتغلوا باليومية ماشي مش عاوزين خلاص، وبدأ المصنع في تسريح العمالة بيتلكك لأي حد عشان يمشيه". وتابع قوله: "الشهر اللي فات صاحب المصنع طلع قرار إن مينفعش أي عامل في المصنع يجمع بين وظيفيتين حكومية وشغله في المصنع، رغم إن القرار ده مش قانوني ومشي من العمال 400، وبقى كده كل شوية يخترع حاجة عشان يقلل المرتبات ويقلل العمالة فى المصنع". وبسؤال العمال عن دور النقابات في مساندتهم ضد تسلط رجال الأعمال، قال أحدهم إن النقابات ومكتب العمل يقعنان تحت يد رجال الأعمال، وأن صاحب المصنع يتحكم في تسريح عدد كبير منهم وصل إلى 1000 عامل خلال شهرين، دون تدخل نقابي، وأضاف قوله: "دول بيجوا في زيارات المصنع يشربوا الشاي ويقعدوا في الأوضة المكيفة ويمشوا، لا بيلفوا علينا ولا بيسألوا فينا، أيام كانت النقابات دي شادة حيلها وكل شوية تنط في المصنع دلوقتى سمع هس". من جانبه يضيف آخر أنه في ظل مجلس الشعب عقب الثورة كان برلمانيون أغلبهم تابع لحزب الحرية والعدالة يقومون بحل واحتواء المشاكل بالمصنع، كما كانوا يتابعون ويتوسطون بين العمال وصاحب المصنع، على عكس ما يهملهم كل الجهات النقابية والعمالية الآن، واختتم بقوله: "خلاص كل المكتسبات والمميزات اللي أخدناها بعد الثورة بح، مش باقي من الثورة غير ذكرى التاريخ بتاعها، وربنا يعلم هيحصل فينا إيه تاني".