"إخفاقات وفشل مستمر غير مقبول" هكذا قال سعادة السفير هشام بدر من البعثة المصرية يوم الإثنين 29 أبريل في بداية جلسات الأسبوع الثاني من الجلسة التحضيرية الثانية لاتفاقية عدم الانتشار النووي والتي تعقد في چينيڤ، هذا الوصف الذي عبر عن إحباط الوفد المصري نتيجة "التأجيل من جانب واحد" للمؤتمر الذي كان متفقا علية خلال عام 2012 في فنلندا لبحث إنشاء شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية و أسلحة الدمار الشامل الأخرى و ذلك بعد أن أبدت الدول العربية الأعضاء في الاتفاقية و التي يبلغ عددها 22 دولة استعداداها للمشاركة بالإضافة إلى إيران، قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية و بشكل أحادي و دون التنسيق بتأجيل المؤتمر دون تحديد موعد جديد. انسحاب مصر من المحادثات لا يعد انسحابا من المعاهدة التي وقعت عليها عام 1968 ولم تصدق عليها حتى الآن، ولكنه يعبر عن ضغط سياسي محسوب لم يتطور ليشمل دعوة باقي الدول العربية للانسحاب هي الأخرى. لقد شهدت بنفسي جلسات التحضير لاتفاقية عدم الانتشار النووي خلال عامي 2012 و2013 ممثلا عن الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية-آيكان وفي رأيي أن هذا الانسحاب يؤكد عجز المعاهدة عن تحقيق الحظر الشامل والكامل للأسلحة النووية ونعتقد أنه قد آن الأوان للتفاوض من أجل معاهدة جديدة لحظر الأسلحة النووية عالميا، ولا يتم استثناء دولة مثل أمريكا الداعمة لإسرائيل في هذا الملف. المعاهدة تقسم جميع الدول الأطراف فيها إلى مجموعتين: تلك التي اختبرت الأسلحة النووية قبل 1 يناير 1967، وتلك التي لم تفعل ذلك. تم تعريف الدول التي اختبرت أسلحة نووية قبل عام 1967 باسم "الدول الحائزة للأسلحة النووية" وهم الولاياتالمتحدة وروسيا، الصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة. والمجموعة الثانية تم وصفها باسم "الدول غير الحائزة للأسلحة النووية". لم تنضم أبدا إسرائيل، الهند وباكستان إلى المعاهدة في حين أن كوريا الشمالية انسحبت منها عام 2003. المعاهدة تتعامل مع الأسلحة النووية من منطلق أمني بحت ولم يتم تجريمها حتى الآن في حين أنها لا تعبر أبدا عن البشرية، إنها أسلحة صممت لتقتل الشعوب وليس للتفوق العسكري. من الجدير بالذكر أن مؤتمر أوسلو التاريخي حول الآثار الإنسانية للأسلحة النووية والذي استضافته حكومة النرويج وحضره قرابة 130 دولة من ضمنها مصر، المؤتمر الذي أٌختتم أعماله شهر مارس الماضي بالإعلان عن اجتماع لمتابعة الخطوات التالية والذي ستستضيفه المكسيك. ولقد وافقت مجموعة واسعة من الدول والمنظمات على أن فهم العواقب الإنسانية العالمية الناتجة عن التفجيرات النووية يجب أن يكون نقطة البداية نحو اتخاذ إجراءات عاجلة لحظر الأسلحة النووية وإزالتها. أرى أن مصر ودورها الرائد في تشجيع الدول وحشد التأييد لإقامة منطقة شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية لابد أن يتواكب مع مجهود أكبر نحو بدء مفاوضات من أجل معاهدة جديدة تحظر الأسلحة النووية وتجرمها عالميا وصولا في النهاية إلى القضاء التام عليها في كل العالم وإن كانت المحطة القادمة هي المكسيك، فلما لا تكون المحطة الثالثة هي مصر تستضيف فيه مؤتمرا عالميا لبدء مفاوضات المعاهدة الجديدة .