يحتدم الجدل بين الطبقة السياسية سواء على مستوى الحزب الحاكم أو المعارضة حول الهجمة التى يشنها الحزب الاشتراكى على العلاقات بين باريس وبرلين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ويتواصل الجدل منذ أيام قليلة مع ما أبداه الحزب الاشتراكى الذى ينتمى إليه الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند من إنزعاج إزاء ما وصفه بال”تعنت الانانى” لانجيلا ميركل، ودعوته للرئيس الفرنسى إلى مواجهه ألمانيا “ديمقراطيا”. الأمر بدأ بتسريب وثيقة ستعرض على اعضاء الحزب الاشتراكى الفرنسى قبل مؤتمره العام المقرر عقده فى 16 يونيو القادم، والذى سيعقد تحت عنوان “اوروبا” .. وقد اشرف على مهمة الاعداد والتنسيق لدى صياغتها النائب الاشتراكى جون كريستوف كامبافيليس نائب رئيس الحزب الاشتراكى اوروبى وكشفت عنها الصحافة الفرنسية. وسطلت تقارير إخبارية فرنسية الضوء على موقف الحزب الاشتراكي الحاكم من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حيث يعتزم اليسار الفرنسي الذى ينتمى إليه الرئيس فرانسوا أولاند تشديد اللهجة ضد التقشف في أوروبا. وأضافت التقارير الإخبارية أن الحزب الاشتراكي سيصدق غدا الثلاثاء على نص يدعو إلى “المواجهة الديمقراطية” مع ميركل وذلك قبل انعقاد مؤتمر الحزب الاشتراكي الأوروبي..مشيرة إلى أن قادة الاشتراكي وجدت حلا في هذا الصدد، من خلال الهجوم على ما أطلق عليه “أوروبا شديدة التحفظ” و”التقشف في أوروبا”، والمستشارة الألمانية. وذكر القائمون على النص أنهم يرفضون وجود أوروبا حيث يأتي الشعوب في المقام الثاني بعد الأسواق، مشددين على أن “الصداقة بين فرنساوألمانيا، ليست هي الصداقة بين فرنسا والسياسة الأوروبية للمستشارية ” الألمانية “. ويأتى هذا الهجوم الشديد غير المسبوق اثر انتقادات حاده وجهها الحزب الاشتراكى لسياسة التشقف الاوروبية التى تجسدها المستشارة الألمانية..إلا أن حكومة باريس تحاول التقليل من أهمية الوثيقة وتؤكد على ضرورة العلاقات بين فرنساوألمانيا حيث أكد رئيس الوزراء الفرنسي جون-مارك ايرولت قبل يومين، بأن الصداقة الفرنسية-الألمانية ضرورية من أجل المشروع الأوروبي واستعادة النمو في القارة الأوروبية. وقال أيرولت عبر تغريدة باللغة الألمانية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر- إن الصداقة الفرنسية-الألمانية ضرورية لإعطاء دفعة جديدة للمشروع الأوروبي، والعثور على وسيلة للعودة إلى النمو في أوروبا..مضيفا أن المشاكل في أوروبا لن تحل بدون وجود حوار مكثف وصادق بين باريس وبرلين. أيرولت أعاد التأكيد اليوم /الاثنين/ – وفى تصريحات صحفية – على أهمية “الصداقة الفرنسية الألمانية”.. مشيرا إلى أن تلك الصداقة تنطوى على “الحوارالمكثف والمحترم”. ووصف علاقات الصداقة بين باريس وبرلين بانها “غنية، ولا تخلو، مثل أى صداقة، من تبادل الأفكار” وذلك تعليقا على تأثير الخلاف الذى نشأ بسبب مشروع الحزب الاشتراكي تجاه ألمانيا والمستشارة ميركل. ومن ناحيته..اعتبر وزير المالية والاقتصاد الفرنسى بيير موسكوفيتسى أن فكرة المواجهة “الديمقراطية” مع ألمانيا تعد “خاطئة”..مشددا “لا ينبغى أن يكون هناك مواجهة مع ألمانيا. وتابع ” ليس بالدخول في منطق التنديد، والوصم، يمكننا أن نمضى قدما”..مشيرا إلى وجود ما أطلق عليه “مناقشات ضيقة ولكنها مباشرة جدا” بين الرئيس الفرنسى وميركل. ومن جانبها..أعربت آن هيدالجو، نائب رئيس بلدية باريس وعضو الحزب الاشتراكى والمرشحة لمنصب عمدة العاصمة عن رفضها لما وصفته “وصم دولة أو شخص” فى إشارة إلى الجدل الدائر حول نص الاشتراكي ضد أنجيلا ميركل. وفى المقابل..وجدت المعارضة الفرنسية وعلى رأسها حزب “الإتحاد من أجل حركة شعبية” وهو أكبر أحزاب اليمين الفرنسى، وجدت مادة دسمة لفتح النار على الرئيس الفرنسى وحكومته واتهمتهم بانهم يضرون بالعلاقات بين باريس وبرلين التى كانت فى أوج تألقها فى عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزى. وندد أمين عام الحزب فرانسوا كوبيه، ورئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون فى بيان مشترك اليوم ب” المسئولية الشخصية” للرئيس فرانسوا أولاند “في استمرار التدهور المروع للعلاقات الفرنسية-الألمانية. واستنكر كوبيه وفيون أكبر وجوه فى الحزب المعارض – بالمناخ “المعادى لألمانيا” والذى يرسمه ويصر عليه الحزب الاشتراكى وحليفه المتطرف ، في اشارة الى جون لوك ميلينشون، الرئيس المشارك لحزب اليسار. وأشارا إلى انه “ومنذ بداية ولايته..ناور الرئيس أولاند، وخلال قمة بروكسل التى عقدت فى 29 يونيو 2012، ناور في محاولة لعزل المستشارة الألمانية”. وأعتبر كوبيه وفيون أن هذا “السلوك الشائن” من شأنه أن يؤدى إلى نتائج كارثية فيما يتعلق بالعلاقات بين باريس وألمانيا..واعتبرا أن فرنسا أصبحت معزولة عن أوروبا ، وأصبح صوتها غير مسموع، كما يدل على ذلك اتفاق الثامن من فبراير 2013 بشأن الميزانية الأوروبية ، خلافا للأهداف فرانسوا اولاند ، ولكن تم اعتماد الموازنة الأوروبية بفضل التحالف الألماني-البريطاني. وقال فيون وكوبيه فى بيانهما المشترك أن العلاقات الخاصة بين باريس وبرلين لم تكن يوما تقوم على التطابق المنهجي للمواقف في جميع المجالات “ومع ذلك، فانها ضرورية ولا غنى عنها للنهوض فى أوروبا. ودعا الزعيمان اليمنيان قدة الحزب الاشتراكى إلى ان ينحوا المصالح الشخصية جانبا والتركيز على مصلحة الأمة والمثل العليا الأوروبية..وحذرا من أن حزب “الإتحاد من أجل حركة شعبية” لن يدع العلاقات الفرنسية-الألمانية تتضرر من قبل القادة الذين لا ترقوا إلى مستوى مهمتهم في هذه الظروف الاستثنائية”.