أكدت صحيفة “ذي جارديان” البريطانية أن تشكيل قيادة جديدة للمعارضة السورية قد يكون إنجازا من قبل المجتمع الدولي؛ إلا أن استراتيجية القيادة التي تعتمد على تدخل عسكري غربي في سوريا من شأنه أن يزيد من حدة معاناة الشعب السوري.. مرجحة أن تواجه القيادة الجديدة للمعارضة السورية نفس المشاكل التي واجهتها نظيرتها السابقة. وتساءلت الصحيفة البريطانية -في سياق مقال أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس- عما إذا كانت المعارضة الجديدة “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” المعتدلة بقيادة معاذ الخطيب ونائبيه سهير الأتاسي ورياض سيف ستكون أكثر فاعلية من سابقتها أم لا؟. وأشارت إلى أنه بالرغم من تمكن القيادة الجديدة من تسجيل أكثر من نقطة لصالح الفصائل السياسية، فضلا عن المئات من الأنشطة الفردية، وأنه ليس هناك مجال للشك بأن هذا يعد إنجازا؛ إلا أنه مع ذلك لن يكون الطريق للمضى قدما بالسهولة المتوقعة. واعتبرت الصحيفة أنه ليست هناك أية إشارة تلوح في الأفق على أن هذا الائتلاف من المدنيين، وكثير منهم من المنفيين، سيكون قادرا على كسب ولاء الأغلبية السورية الصامتة. ولفتت صحيفة “ذي جارديان” البريطانية إلى أن هناك حالة من القلق العميق من تدمير سوريا، في إشارة إلى أن الائتلاف لم يحسم أمره بعد بشأن ما إذا كان سيسعى للتوصل إلى إتفاق مع النظام القمعي الحاكم أم أنه سيظل مع المعارضة التي يبدو أن مستقبلها تخيم عليه المخاطر. وتوقعت الصحيفة أن تتمثل أكبر التحديات التي ستواجه القيادة الجديدة في مدى قدرتها على قيادة وفرض إرادتها على العديد من الجماعات المسلحة التي تقاتل وتزهق الكثير من أرواح أفرادها في أعمال القتال الدائر في سوريا، والتي تتشكل في أغلبها من جهاديين أوإسلاميين يسعون لفرض سيطرتهم على سوريا وتحويلها إلى دولة ذات حكم إسلامي. ومع ذلك ليست هذه نهاية المشاكل التي تواجه الائتلاف الجديد، الذي يسعى الآن -حسبما أبرزت “ذي جارديان”- لتشكيل حكومة انتقالية على أمل كسب الاعتراف والدعم الدوليين.. وهذا يسلط الضوء على المشكلة الحقيقية التي تواجه المعارضة السورية وهي أنه منذ بداية الثورة تضع كافة مؤسسات المعارضة الرئيسية -المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر- آمالها على حدوث تدخل عسكري غربي على غرار النموذج الليبي. ورجحت الصحيفة أن يكون السبب في بزوغ نجم هذه الفكرة لدى قوات المعارضة هو اقتناعها بأن القوى الغربية -وإسرائيل- لديها الرغبة في تدمير النظام السوري من أجل إضعاف وعزل إيران، والحد من قدرة سوريا على إسقاط نفوذها في لبنان من خلال حزب الله، وفي غزة من خلال حركة حماس. وتابعت صحيفة “ذي جارديان” قائلة “إن قوات المعارضة أيضا تدرك جيدا أنه بدون شن تدخل خارجي؛ فمن غير المرجح أن ينجحوا في كسر شوكة النظام السوري بما يمتلكه من قوات جوية ذات كفاءة عالية”. ورأت الصحيفة أن المستقبل السوري من المرجح أن يحمله في طياته اختيار الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ما يمكن وصفه ب”التدخل العسكري المخفف”، إضافة إلى تسليح المعارضة، في الوقت الذي تسعى فيه الأجهزة الأمنية السرية إلى تقويض وعرقلة النظام السوري القائم والتشجيع على زيادة وتيرة وحدة الانشقاقات داخل النظام. ونوهت إلى أن إطالة أمد هذه السياسة من شأنه فقط أن يزيد من الآلام والأهوال التي يعاني منها أبناء الشعب السوري، كما أنها ستقوض جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي، وكذلك بعض الاقتراحات الأخيرة المقبولة من قبل روسيا والصين. وخلصت صحيفة “ذي جارديان” البريطانية إلى أن ما ينبغي على المجتمع الدولي أن يقوم به خلال الفترة القادمة هو: فرض وقف إطلاق النار على الجانبين أثناء الضغط عليهما للتفاوض على التوصل إلى إنتقال سلمي للسلطة -حتى لو كان هذا سيعني التفاوض مع بشار الأسد نفسه- وأن المطالبة برحيله كشرط مسبق لإجراء محادثات، أمر غير واقعي في حد ذاته.