الأمم المتحدة: 70 ألف فلسطيني انتقلوا من جنوب غزة إلى المناطق الشمالية    تشكيل كهرباء الإسماعيلية أمام غزل المحلة بالدوري    تشكيل المقاولون العرب أمام إنبي في الدوري    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "بائع الخضار بالجيزة" وادعاء البلطجة وإطلاق النار    مجد القاسم يطرح أغنية "الدكتورة".. فيديو    جومانا مراد: بقدم شخصية جديدة ومختلفة في مسلسل خلايا رمادية    توزيع 1000 سماعة طبية بالأقصر ضمن حملة "نرعاك تسمع".. صور    الأردن: هبوط اضطرارى آمن لطائرة متجهة من عمّان إلى حلب بعد عطل فنى بسيط    لاعب مانشستر سيتى يكشف سر نجاح محمد صلاح فى الدورى الإنجليزى    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025    مستشار رئيس الجمهورية يشهد انطلاق فعاليات مهرجان التعامد بأسوان    "الوطنية للانتخابات" تطلق قاعدة بيانات الناخبين المحدثة عبر موقع وتطبيق الهيئة    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    مبابي جاهز لقيادة ريال مدريد أمام خيتافي بعد التعافي من إصابة الكاحل    وزير العدل الإسرائيلي يتعرض للتوبيخ خلال جنازة أحد الأسرى    توقعات حالة الطقس غدًا.. كم تسجل درجات الحرارة على القاهرة؟    أفغانستان وباكستان تمددان وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة    قبرص: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر والجهات الإقليمية الفاعلة أساسي لتعزيز السلام والأمن الإقليميين    الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة بجميع المحافظات لتصحيح المفاهيم الخاطئة    المتحف المصري بالتحرير يستقبل وفدًا أمريكيا رفيع المستوى    «مش بيأكلوه قرديحي».. أصحاب 3 أبراج لا يستغنون عن البروتينات في وجباتهم اليومية    تعاون بين الآثاريين العرب والسياحة.. رؤية جديدة لإحياء الإنسان والحجر    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    القضاء الاداري يتلقى اول طعن ضد مرشحي البرلمان في قنا    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    قوات الاحتلال الإسرائيلى تهاجم الصحفيين والمتضامنين الأجانب شرق طولكرم    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا توعويًا لمحاربة العنف في المجتمع    عاجل- السكة الحديد تُعلن تعديلات جديدة في مواعيد قطارات الوجه القبلي بدءًا من نوفمبر المقبل    لمدة 14 ساعة.. ضعف وانقطاع المياه غدًا السبت عن 3 مناطق بالإسكندرية    الخطيب: مشروع الاستاد حلم يقترب من التحقق.. ومؤسسة الأهلي للتنمية المجتمعية هدفها خدمة الوطن    7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم    السيطرة على حريق مخلفات بفواصل كوبرى الزاوية الحمراء دون إصابات    الصحة تنظم ورشة عمل تدريب مدربين لمسئولي التثقيف الصحي    مصر تتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم للكرة الطائرة جلوس في أمريكا    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    عيسى زيدان: نقل الآثار ليس سهلا ويتطلب خبرات خاصة وإجراءات دقيقة    وزارة العمل تعلن عن 2914 فرصة عمل جديدة في 13 محافظة ضمن نشرة التوظيف نصف الشهرية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    شركة حدائق: تحويل حديقتي الحيوان والأورمان إلى نموذج عالمي للحدائق الذكية    محافظ أسيوط: نشر الوعي بمخاطر الإدمان مسؤولية مجتمعية    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    ضبط ذبيحة تزن 350 كجم غير صالحة للاستهلاك الآدمي بحملة مكبرة بالغنايم فى أسيوط    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    نيوزيلندا تعيد فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب والآخرون بقلم| عبد الله السناوي

لم يكن «دونالد ترامب» نفسه يتوقع انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
هو أول مرشح رئاسى يشكك، بلا أى معطيات، فى نزاهة الانتخابات قبل إجرائها متوعدا بعواصف عنف تجتاح أمريكا.
وهو أول رئيس تخرج بمجرد انتخابه تظاهرات حاشدة فى أرجاء مدن كبرى تعلن الاستعداد لمواجهات طويلة ومكلفة: «أوقفوا ترامب» و«ليس رئيسى»، كأنها مشاهد مقتطعة من العالم الثالث.
ولأول مرة يخوض رئيس أمريكى بصورة كاملة صراعا معلنا مع أحد المتنافسين على خلافته بحسبانه خطرا على الديمقراطية ولا يصلح لمسئولية الحقيبة النووية.
وقد كانت إشارة «باراك أوباما» عن «نقل سلس للسلطة» مثيرة بذاتها، فهذه هى القواعد الأمريكية الراسخة، التى لا تحتاج تأكيدات.
فى مؤتمر صحفى جمعهما فى البيت الأبيض كان لافتا تصريح آخر للرئيس المنتهية ولايته يدعو إلى «الوحدة لمواجهة التحديات».
تلك التفاتة إلى تهديد وجودى لم يعد خافيا لوحدة الولايات الأمريكية وللتعايش بين أعراقها.
احتمالات الصدام العرقى واردة، تبدت مقدماتها بين الشرطة والأمريكيين الأفارقة أثناء حكم رجل أسود، وقد تتسع أخطارها مع صعود رجل يدعو للعنصرية والتمييز ضد النساء والتحريض على كراهية الأجانب وتشق تصريحاته وحدة بلد متنوع الأعراق.
فى أجواء الاحتجاجات ارتفعت أصوات تدعو لانفصال بعض الولايات، وهذا خطر وجودى يلوح فى الأفق الأمريكى.
بتعبير شهير للفيلسوف الفرنسى «جان بول سارتر»: «الآخرون هم الجحيم»، وقد كانت نظرته فلسفية لمعنى الوجود الإنسانى.
أما بالنسبة لرجل أعمال، ثقافته متواضعة وطموحه بلا حد، فإن الآخرين هم نصف مجتمعه، كما أغلبية دول العالم.
المعنى أن الرئيس المنتخب فى حرب مفتوحة مع القطاعات الحديثة الأكثر تعليما، المتمركزة فى المدن الكبرى لا فى الضواحى والأرياف حيث أغلب الذين انتخبوه، ومع الميديا والنخب السياسية والبحثية الأكثر تأثيرا، التى حاربت صعوده وخسرت توقعاتها، لكن معاركها مع أفكاره لن تتراجع ومرشحة للتصعيد كلما مضى فيها.
كل ذلك متوقع من الجانب المضاد لصعود رجل بمواصفات «ترامب» إلى البيت الأبيض، غير أن السؤال هنا: إلى أى حد تنضبط سلوكياته وتصريحاته بعد أن أصبح رئيسا منتخبا؟
هناك ثلاث إشارات أولية لها دلالاتها.
الأولى
التصرف المنضبط على القواعد الرئاسية المعتادة فى لقائه الأول مع الرئيس «أوباما» بالبيت الأبيض، للبحث فى ترتيبات نقل السلطة.
الثانية
حذف ما دعا إليه من حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة من على موقعه الإلكترونى، وهذه رسالة طمأنة للأقلية الإسلامية وللعالم الإسلامى بصفة عامة.
والثالثة
حذف ما تعهد به من إلغاء اتفاق المناخ على الموقع الإلكترونى نفسه، وهذه رسالة طمأنة أخرى للعالم المتقدم، ولباريس على وجه الخصوص.
من غير المستبعد فى وقت لاحق تراجعا مماثلا عن بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، وهذه مسألة محتمة فالتكاليف السياسية والاستراتيجية باهظة وتأثيراته فى تزكية النعرات العرقية فوق طاقة الولايات المتحدة ومصالحها فى الجوار المباشر.
الإشارات أقرب إلى محاولات «تطبيع الرئيس على حقائق الموقف»، غير أن الطبع قد يغلب التطبع.
بذات القياس فإن تصريحاته الصادمة فى الشأن الخارجى ليست القول الفصل ولا الأخير.
بتقدير أولى أوروبا نقطة البداية لأى تعديل محتمل.
لا تحتمل الولايات المتحدة خسارة أغلب حلفائها فى القارة العجوز، ولا التضحية بعلاقات طبيعية مع الاتحاد الأوروبى، أو دورها المركزى فى حلف «الناتو».
المرشح الأحمق غير الرئيس المسئول، فالأول يستطيع أن يصرح بما يطرأ على باله، كأنه مشهد من تليفزيون الواقع الذى شارك بالتمثيل فى بعض حلقاته، والثانى كل كلمة تصدر عنه تتابعها مراكز صناعة القرار فى العالم وتحلل أبعادها وخلفياتها وما يترتب عليها.
لم يتردد قادة أوروبيون مثل الرئيس الفرنسى «فرانسوا أولاند» والمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» فى إبداء انزعاجهما البالغ من صعود «ترامب»، خشية أولا أن تزكى ظاهرته صعودا كبيرا لليمين العنصرى فى أوروبا، وفى البلدين على وجه الخصوص. وخشية ثانيا أن تفضى سياساته إلى تقويض الاتحاد الأوروبى وحلف «الناتو» واصطناع خصومة غير مسبوقة بين الولايات المتحدة وأوروبا فى النظر إلى القضايا والملفات الدولية.
غير أن ما أبداه «ترامب» من اتزان نسبى فى «خطاب النصر» أدى إلى وقف جزئى للتصعيد انتظارا للسياسات العملية.
كما لم تتردد دول فى الإقليم بدرجات مختلفة فى التعبير عن دواعى قلقها.
وكانت إيران الأكثر وضوحا خشية أن يلتزم القادم الجديد إلى البيت الأبيض بما تعهد به فى حملته الانتخابية من إلغاء الاتفاق النووى، غير أن مخاوفها تنازعها حسابات عكسية دعتها إلى شىء من التهدئة المبكرة.
فهناك تعهد ل«ترامب» بفتح صفحة جديدة مع روسيا ورئيسها القوى «فلاديمير بوتين» تتمدد بالطبيعة إلى تنسيق أكبر فى الحرب على «داعش» بسوريا دون أن يكون مطروحا بحسب تعهد آخر إطاحة الرئيس «بشار الأسد»، وذلك يوافق الحسابات الإيرانية.
كما أن الاتفاق النووى لم تكن الولايات المتحدة الطرف الوحيد فيه، فقد شاركت أطرافا أوروبية فضلا عن روسيا فى التوقيع عليه واعتمدته الأمم المتحدة كوثيقة دولية لها حجيتها النافذة.
الملف الروسى الأكثر حساسية وأهمية فى أوروبا والإقليم وسؤاله الجوهرى: ما طبيعة أية تفاهمات مقبلة.. ومدى تقبل المؤسسات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية لها؟
‫«‬بوتين» المحنك أبدى شيئا من الحذر، فهو يدرك أن التفاهمات ليست سهلة، وأن نوايا «ترامب» ليست الكلمة الأخيرة.
يعرف من موقعه أن اتفاقا جرى فى جينيف بين وزير خارجيته «سيرجى لافروف» مع نظيره الأمريكى «جون كيرى» يفصل بين المعارضة المسلحة والجماعات التكفيرية فى حلب، لم ينفذ منه حرف واحد باعتراض شبه معلن من الاستخبارات المركزية والبنتاجون تحسبا لخلل فى التوازن العسكرى على الأرض يقلص النفوذ الأمريكى فى أية تسوية سياسية متوقعة.
السعودية حاولت بقدر ما تستطيع أن تضبط مخاوفها، ولا شك أن صعود «ترامب» يمثل تهديدا جديا لأمنها ومستقبلها فى ظل مناخ أمريكى معاد لخصه قانون «جاستا»! الذى صدر بما يشبه الإجماع فى الكونجرس ويسمح بمقاضاتها من أسر الضحايا الأمريكيين فى أحداث (11) سبتمبر (2001)، والأمر لم يكن يختلف لو أن «كلينتون» فازت.
وهذا يعنى أن السعودية فى مأزق حرج تحتاج فيه إلى مصر بأكثر مما تحتاج مصر إليها.
وقد كان تعليق شركة «أرامكو» السعودية إمداد مصر وفق عقود موقعة باحتياجاتها النفطية بتسهيلات فى الدفع خطيئة استراتيجية تصورت أن بوسعها استضعاف الدولة العربية الأكبر ودفعها تحت ضغط أزمتها الاقتصادية إلى تسريع تسليم جزيرتى «تيران» و«صنافير» المصريتين.
تحت ضغط الأزمات من غير المستبعد فى مدى منظور تصحيح العلاقات المصرية السعودية، وذلك ضرورى ومفيد للعالم العربى بأسره، لكننا نحتاج هذه المرة إلى مصارحات لا مقايضات وعلاقات ندية لا إملاء فيها ولا استعلاء من شقيق على شقيق.
أرجو أن نلتفت فى صخب الرهانات المتضاربة على صعود «ترامب» أن هناك احتمالا لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، غير أن ذلك مرهون بمدى احتجاج العالم العربى، فقد جمدت هذه الخطوة على مدى عقود رغم إعلان الالتزام بها من أغلب الرؤساء الأمريكيين، وأن نلتفت إلى أن اليمين الإسرائيلى سوف يسعى إلى اقتناص الفرصة للتوسع الاستيطانى والمضى قدما فى تهويد القدس وضم الجولان السورية.
يتبقى بعد ذلك الرهان المصرى على «ترامب».
باليقين فإن هناك شهور عسل مقبلة، قد تطول أو تقصر بحسب التحولات والمتغيرات الإقليمية والداخلية، فالدول تحكمها مصالحها على الأرض لا الأمنيات المعلقة فى الفضاء.
فى شهور العسل سوف تتراجع أية ضغوط بملفات الحريات وحقوق الإنسان، وهذه مسألة مشاحنات متوقعة بين إدارة «ترامب» والميديا فى بلاده، ومع شركائه فى الاتحاد الأوروبى.
كما سوف تتراجع أية ضغوط أخرى لإعادة دمج جماعة الإخوان فى الحياة السياسية وربما تصنف الجماعة بقانون يصدره الكونجرس ك«تنظيم إرهابى»، وهذه مسألة ستخضع بدورها إلى مراجعات فى مراكز الأبحاث والجمعيات الحقوقية، التى اعتادت انتقاد السجل المصرى.
المعنى فى ذلك كله أن مصر تحتاج قبل أية رهانات على أية أطراف دولية أن تقف على أرض صلبة، أن تلتحق بالحقائق الجديدة لعصرها لا بمخلفات عصور سبقت فى النظر إلى الحريات وحقوق الإنسان، وأن تؤكد قوتها بتوافق وطنى على قاعدة احترام الدستور يحصنها من أية أخطار محتملة.
فى مصر، كما أمريكا الآن، القضية الأولى بالرعاية مدى سلامة الوضع الداخلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.