دكتور أيمن سلامة كالت أمس " منظمة العفو الدولية " الاتهامات الجزافية المسبقة للجيش المصري ، بأنه أوقع خسائر في صفوف المدنيين الليبين العزل ، جراء استخدامه القوة المفرطة ، أثناء قصفه الطائرات الحربية المصرية لمعاقل التنظيم الأرهابي "داعش " الذي يلاحقه العالم الأن دون استثناء . و بالرغم أن المنظمة المشار اليها ، منظمة حقوقية في الأساس تعني بالدفاع عن حقوق الأنسان بشكل عام ، بيد أن المنظمة ضربت بعرض الحائط ، كل المبادئ القانونية التي تحكم النزاعات المسلحة ، و العمليات الحربية ، بفرض اعتبار ملاحقة و مجابهة الارهابيين – بوصفهم مقاتليين غير شرعيين – تندرج تحت هذه المبادئ ، التي يأتي في الصدارة منها : التناسب ، و التمييز ، و الضرورة . لقد ثبت من بيان المنظمة الاتهامي – دون بينة واحدة- أن المنظمة تجاهلت مبد أ قانوني أصيل ، و هو أن الضرورة اقتضت أن تقوم مصر الدولة ذات السيادة باستهداف و القضاء علي عناصر ارهابية ، تتخذ من الأراضي الليبية ملاذا لها ، و قامت من قبل بارتكاب هجمات ارهابية ضد عناصر قوات حرس الحدود المصرية في يوليو عام 2014 ، و أوقعت خسائر بشرية و مادية فادحة ، في صفوف القوات المصرية. لم تشر المنظمة ، في معرض اتهاماتها الجزافية الي حق مصر الفردي أو الجماعي ، في الدفاع عن النفس الموصوف في ميثاق منظمة الأمم الأمتحدة بانه :" حق طبيعي أصيل للدول " ، و هو ذات الحق الذي لجأت اليه الكويت ، فضلا عن قوات التحالف الدولي ، في حرب الخليج، فردياً وجماعياً، على أساس الدفاع عن النفس ، وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة. فحين استهدف الهجوم الأمريكي على ملجأ العامرية في بغداد سنة 1991، تدمير هدف عسكري لكنه أوقع وفيات مدنية عديدة. ، ذهب معظم الفقه الدولي الي أن استهداف الملجأ سيكون شرعياً شريطة خضوعه لمبدأ التناسب، أي أن الخسارة في صفوف المدنيين لم تتجاوز تحقيق الميزة العسكرية للمهاجم . لقد كان الهدف الوحيد من قصف معاقل التنظيم الارهابي " داعش " في ليبيا بواسطة الطائرات المصرية ، تدمير وإضعاف القدرات العسكرية للارهابيين ، واخضاعهم وتعجيزهم ، وهم الذين هددوا و لا زالوا يهددون أمن مصر الدولة ذات السيادة ، و لم يكن الهدف من القصف المركز المميز غير العشوائي للأهداف الارهابية المرصودة و المدروسة من قبل ، الحاق الضرر بأي مدني قامر بحياته ، و ارتضي تعريض نفسه لمخاطر مهلكه ، إما باحتضانهم ، أو مرافقتهم أو مجاورتهم . لقد أكد الرئيس المصري – القائد الأعلي للقوات المسلحة – أن قائمة الأهداف الارهابية في ليبيا ، تم رصدها مسبقا ، و لم يكن قصف هذه الأهداف بالتالي وليد الساعة أو اللحظة ، و من ثم فلا يستطيع أي منحاز غير محايد ، أن يزعم عشوائية القصف ، أو عدم التمييز بين الأهداف المدنية و الأهداف العسكرية ، أو بين المقاتلين و غير المقاتلين . لقد فات علي المنظمة ، أن تذكر نسبة الضحايا من المدنيين – في حالة حدوثها – مقارنة بالقتلي في صفوف الارهابيين ، فضلا عن الأهداف التي تم تدميرها للارهابيين من تنظيم داعش ، و هذين الاعتباريين الأخيريين ، دوما يؤخذا في الاعتبار ، عند المقاربة مع الميزة العسكرية التي هدفت القوات المهاجمة الي تحقيقها ، عند الحديث أو الادعاء بالحاق " ضرر جانبي " في صفوف المدنيين أثناء النزاعات المسلحة . إن المقام يقتضي أن نذكر المنظمة المشار اليها ، الي أن أي حديث عن لجوء الجيش المصري الي استهداف الأهداف الارهابية في ليبيا ، في اطار ممارسة مصر الدولة ذات السيادة ، لحقها الطبيعي في الدفاع عن النفس ، ليس هو بطبعه و كنهه ، سياق الحديث عن "الهجمات الترويعية" على السكان المدنيين، أو قصف المناطق قصفاً شاملاً، أو استخدام أسلحة و ذخائر غير تمييزية ، أو التعمد في الهجمات العشوائية ضد المدنيين العزل. و ختاما ، لقد فات علي المنظمة المشار اليها أيضا ، أن احتماء الارهابيين في صفوف المدنيين الأبرياء العزل ، أو استخداهم قسرا دروعا بشرية للاستفادة من الحماية المقررة لهم بموجب قواعد القانون الدولي ، لا تعد حيلة مشروعة أثناء القتال ، بل غيلة أي حيلة غير مشروعة فقها و قانونا ، و كل ما سبق حال انطباق قانون النزاعات المسلحة علي هؤلاء الارهابيين.