قالت مغنية الأوبرا المصرية المبدعة الميتزوسوبرانو جالا الحديدي أنها تشعر بالسعادة لوجودها في تركيا لتأدية دور البطولة في أوبرا كارمن بدار أوبرا أنقرة، قائلة إن "الأتراك استقبلوني استقبالا حافلا، وخاصة أنني من أبرز المغنيات العالميات اللائي يؤدين أوبرا كارمن، وقد أديتها في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدةالأمريكية". وأشارت الحديدي، وهي أول مغنية أوبرا مصرية تقوم بالغناء في تركيا، في حوار لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في أنقرة اليوم الأربعاء قبل توجهها بساعات لأداء المسرحية الأوبرالية الخالدة، إلى أن مدير دار الأوبرا بأنقرة أولوسان جلوكلو قد وجه دعوة لها لأداء كارمن في أنقرة. وأضافت "أنا أدرك تماما أنه قد تم توجيه الدعوة لي لأداء أوبرا كارمن هنا في تركيا من منطلقات ثقافية بحتة وليست لها أي دخل بالسياسة، لكن في نفس الوقت هي خطوة جيدة لأن يدعونني كمغنية مصرية، وجميع من حولي يرددون لي دائما أني قادمة من حضارة عظيمة ودولة كبيرة، هي بالتأكيد خطوة جيدة، وهذا ما يجب أن يكون حيث يتحتم دائما أن تكون المشروعات الثقافية متجاوزة للجنسيات، فالفن من شأنه تقريب الشعوب من بعضها البعض". وأوضحت أن كارمن تتحدث عن فكرة المرأة المتحررة بصورة زائدة، لكن الشئ الذي لاحظته وأنا أؤدي دور كارمن في عدة دول أن الفكرة التي وراء كارمن تتخطى الحدود سواء من ناحية الفكر الموسيقي بها أو تنمية الشخصية نفسها، وعلى الرغم من أن كارمن بالأساس قصة من البيئة الأسبانية، إلا أن فكرة التحرر أو الحب أو الكراهية في هذه الأوبرا تحديدا ليست مرتبطة ببلد ما، حيث نقوم بأداءها في مصر، فهي أوبرا جميلة ولا يشعر الجمهور في أي بلد من البلاد أنه منفصل عن الفكرة وراء هذه الأوبرا العظيمة. وأشارت إلى أن المصريين يمتلكون إحساسا عاليا وتذوقا خاصا للفن، وهو ليس بالأمر الغريب على مصر، هذا البلد المصدر للسينما والغناء والفن بشكل عام، فمصر بلد ذا تاريخ ثقافي كبير للغاية، ولذلك على مصر أن تعود بلدا مصدرا للثقافة وخاصة في الوقت الحالي فالتعويل على الثقافة حاليا من شأنه أن يعيد للسياحة المصرية زخمها. وفي سؤال حول مدى تقبل الشعب المصري لفن الأوبرا، قالت الحديدي أن فن الأوبرا لم يكن أبدا موجها إلى عامة الشعب، وهذا لا ينطبق على مصر فقط، بل ينطبق على أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية وفي كل مكان، فالأوبرا في تاريخها دائما ما كانت تخاطب المستويات الملكية وعلية القوم والطبقات الأرستقراطية. ولفتت إلى أنه حتى في ألمانيا لا يقبل على مشاهدة فن الأوبرا سوى كبار السن، فالشباب لن يتحمل أن يجلس على سبيل المثال لمشاهدة عمل أوبرالي يستمر لثلاث ساعات، ولذلك لا يجب أن يعاب على قطاع كبير من الشعب المصري عدم استيعابه لفن الأوبرا. وقالت الحديدي "أنا أتابع التطورات في مصر مثل أي مواطن مصري وسعيدة للغاية بالتطورات التي وصلنا إليها، وخاصة بعد أن توقف حال الوطن لدرجة محزنة، بما أثر علينا ثقافيا وسياحيا، حيث مررنا بظروف قاسية جدا كشعب، ولكن الآن الحال أفضل كثيرا، حيث انتهى للتو مهرجان السينما، وهو ما يؤشر إلى أننا نحاول أن نعود مرة أخرى إلى نشاطنا الثقافي المميز". وأضافت الحديدي "أريد أن أحيي شعب مصر على ما قمنا به، حيث لو كانت ألمانيا قد نجحت في عام واحد فقط في التخلص من السرطان المسمى "هتلر" لكان تاريخ العالم قد تغير تماما، أما نحن ففي عام واحد فقط نجحنا في أن نجمع شتات أنفسنا ونتخذ القرار الصائب بأنه يجب أن نعود كمصر التي تتحدث رسميا نيابة عن حوض البحر المتوسط والدول العربية في حوض البحر المتوسط وقوتنا السياسية". يجب أن نتعلم من الشعوب الأخرى أهمية وجدية العمل، ونحن بحمد الله تجاوزنا مرحلة صعبة، ولكن بإذن الله سنعود إلى مكانتنا مرة أخرى لأننا شعب يحبه الله، وإلا ما كان ذكر الله شعبنا في القرآن والإنجيل والتوراة، ولهذا يجب أن نتوقف عن التلاسن في البرامج الحوارية والهجوم على بعضنا البعض وأن نسعى بدلا من ذلك جميعا إلى البناء. وأود أن أؤكد على أن الإرهاب لا دين له، ولكن أتمنى أن ندرك جميعا أنه لا الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية تقول بقتل الناس، ويجب أن نتجنب ظلم الناس بسبب دياناتهم، وعلينا أن نستمر في جهودنا في محاربة الإرهاب، ويجب أن تبدأ هذه الحرب في المدارس وفي المؤسسات الثقافية وفي أي جهة تخاطب عامة الشعب حيث علينا أن نركز على فكرة المفهوم الخاطئ للدين حتى يمكننا أن نستأصل الإرهاب من جذوره، ولا يجب أن ننتظر حتى يصبح الشخص إرهابيا ثم ننادي بقتله، هذا لا يجب أن يكون لأنه إنسان على كل حال، فيجب أن نتطرق إلى الأسباب التي انتهت به لأن يصبح إرهابيا. أما بالنسبة لضباط وجنود الجيش والشرطة، فأريد أن أوجه لهم التحية من كل قلبي لهذا المجهود العظيم الذي يبذل وخاصة في هذا الوقت العصيب، وأريد أن أتوجه في هذه المناسبة بخالص عزائي لأسر الجنود والضباط الذين لقوا حتفهم، وأدعو الله أن يقف إلى جانبنا جميعا في هذه الظروف. نحن نواجه حربا شعواء في الخارج من كل الدول الغربية، حيث يعتقد الناس أن ما حدث في مصر كان انقلابا وأننا أضعنا الفرصة لكي نصبح دولة ديمقراطية، وأنا شخصيا أتعرض لهجوم على أرائي ولكنني أبذل أقصى ما عندي لتوضيح الأمور لهم وللتأكيد على أنني من المؤيدين للطريق الذي اختارته مصر حاليا. يذكر أن الحديدى التحقت بفرقة أوبرا القاهرة في عام 2001 وكان عمرها آنذاك ثمانية عشر عاما لتكون بذلك أصغر متزو سوبرانو بفرقة أوبرا القاهرة، وذلك بعد أن درست الغناء الأوبرالى على يد التينور الدكتور صبحى بدير منذ عام 1998 والمتزوسوبرانو سيلفيا بكونسرفتوار "بنديتومارشيللو" في فينيسيا بإيطاليا، وقد تخرجت من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة وحصلت على ليسانس الفلسفة في عام 2005 ثم أتمت دراسة الماجستير في الأدب الإنجليزى والأدب المقارن في يونيو 2007 وكانت رسالتها تحمل عنوان "كارمن: جدل المرأة القدرية". وحصلت الحديدى على العديد من الجوائز في مسابقات فرنسية وألمانية مثل مسابقة الموسيقيون الشباب، كما حصلت على منحة دراسية للدراسة بأكاديمية "باخ" الدولية في شتوتجارت بألمانيا في عام 2005، وفى يناير 2010 فازت بالجائزة التشجيعية في مسابقة دار أوبرا "المتروبوليتان" بالولايات المتحدةالأمريكية. وشاركت الحديدي بالغناء في العديد من الحفلات بعدد من دول العالم فقد غنت في كونيكتيكت ونيويورك وواشنطن بالولايات المتحدةالأمريكية، وروما وفينيسيا وإسكيا بإيطاليا، وشتوتجارت ولايبتسيج بألمانيا، وهلسنكي وسافونلينا بفنلندا، واسطنبول بتركيا، والجزائر، والرباط وكازابلانكا والسويرة بالمغرب. كما شاركت في العديد من المهرجانات الدولية منها مهرجان الصيف الدولي لمدينة شتوتجارت عامى 2004 و 2006م، ومهرجان الثلاث ثقافات وأيضا مهرجان اللأليزيه بالمغرب عام 2005، والمهرجان الأوروبى للموسيقى بمدينة شتوتجارت في عام 2005، ومهرجان أوبرا سافونلينا بفنلندا في عامى 2007 و2008. ه م غ