تقرير_مصطفى حمزة مازجا بين كونة ثائرا موسيقيا يسعى لإكتشاف أفاق أرحب لنغماته،وبين كونه موسيقيا ثائرا وهب موسيقاه وأغنياته للحرية والحب حتى أتخذة الثوار "مبدعا لآناشيدهم الحماسية" ..يظل مارسيل خليفة إسثنائا فنيا عربيا خالصا . فمثلما يغنى من كلمات الشاعر الفلسطينى سميح القاسم يعيش مارسيل أبن قرية عشميت اللبنانية المولو د عام 1950،رافعا شعار " شفتاي سماءٌ تمطر نارًا حينًا ..حبًا أحيان/في كفي قصفة زيتونٍ /وعلى كتفي نعشي وأنا أمشي وأنا أمشى"، وخير دليل على ذلك ما نرصدة فى هذا التقرير عن أرائة فى حواراته القليله،والتى تكشف جوانب كثيرة من ملامحه، خاصة بعد وصولة القاهرة ليقدم مع ولدية رامى وبشار احدث تجاربة الإبداعية "تريو خليفة" يومى 24 أكتوبر المقبل على المسرح المكشوف بحديقة الأزهر في القاهرة و 25 أكتوبر على المسرح الكبير في مكتبة الإسكندرية الذكريات بالعودة لبداياته نجد أن مارسيل صاحب "أجمل الأمهات" كان لة الحظ فى أن تكون والدته ،هى من تأخذ بيدة لإطلاق سراح طائر الألحان الذى بداخلة، وعن هذا يقول. أمي . بنظرتها الثاقبة والواعية ساعدتني كثيراً على سلوك الدرب الصحيح في طريق الفن الطويل على الرغم من معارضة المجتمع الذي كان الفن في نظره (للتسلية والتفرفش)، وكانت تدافع عن خطواتي هذه عندما تسمع أهل الضيعة يتهامسون (نازعينو لها الصبي) أي (أفسدوا هذا الصبي).( شو بدو يطلعلو من العود شو بدو يعمل بالموسيقى؟!). ويضيف مبدع "أحن إلى خبز أمى " ولم تكن هذه العبارات إلا لتدفعها أكثر فأكثر لمساعدتي على تثبيت موقفي الفني ،وخاصة عندما اقنعت والدي بان يشتري لي عوداً من الشام وكان سعره يومها 25 ليرة سورية. ودخلت هذه الآلة الوترية الى بيتنا الصغير، بعد ان كانت آلاتي الموسيقية محصورة بالطاولات والطناجر وعلب الحليب الفارغة وكراسي الخيزران العتيقة وقضيب الغزار اليابس! ويصف مارسيل إحساسه وقتها معلقا .العود كنت أراه في الصور.. وأحيانا قليلة أشاهده في التلفزيون اسمعه من الراديو ولكن ان يكون في البيت ومعي بالذات .. فهذا أمر لا يصدق،وانتقلت مباشرة من الضرب على الآلات الايقاعية المنزلية الى الضرب على آلة العود من دون ان اتحكم في اوزانه ولكن كنت انقر بريشة النسر كيفما وقعت ولامست الوتر مشدوداً كان أم مرخياً!. أجمل حب وعن الموسيقى التى ولد عاشقا لها يقول خليفة "الموسيقى شريكة حياتي. هي النفس الذي أعيشه يوميا. هي حلمي الجميل الذي يمنحني لذة نادرة. عشت الحرب والهجرة والمنفى وكانت الموسيقى تحميني وتعطيني قوة للأمل ..للحلم..للصمود". ويضيف ايضا الموسيقى مثل الأوكسجين تتحرك حولنا وهي عين الأذن، حيث لا تستطيع أن تصوغ معنى الموسيقى بالكلمات. إذ لا معنى للموسيقى إلا في ذاتها. ويكمل .اذهب الى بلدان لا أجيد لغتها، ولكن تنقذني الموسيقى، لأنها لغة مفهومة من كل الأمم والشعوب وغير ممكن ترجمتها، ربما تكون الموسيقى اللغة الأسمى للمعرفة البشرية او اللغة العالمية للجنس البشري. عصافير الجليل عام 1976سجل مارسيل فى باريس أول ألبوماته(وعود من العاصفة) الذى يضم أربع قصائد للشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش،ومن وقتها ،لايذكر إسم أحدهما إلإ ومعه الأخر،ومع عود مارسيل وقصيدة درويش ردد محبيهم "أحن إلى خبز أمى"،"ريتا"،"أحمد العربى" وغيرها. وعن ثنائيات خليفة ودرويش يقول الموسيقار الكبير. منذ أولى محاولاتي وقبل ان يتعرف واحدنا الى الآخر، كنت أحس ان شعر محمود قد أنزل عليّ ولي، فطعم «خبز» امه كطعم خبز امي، كذلك عينا «ريتاه» ووجع «يوسفه» من طعنة أخوته و «جواز سفره» الذي يحمل صورتي أنا، وزيتون «كرمله»، رمله وعصافيره وسلاسله وجلاديه، محطاته وقطاراته، رعاة بقره وهنوده… كلها كلها سكناها في أعماقي. فلا عجب إن آلفت موسيقاي أبياته في شكل طبيعي دونما عناء أو تكلّف. يقيني ان شعره كتب لأغنيه، لأعزفه، أصرخه، أصليه، أذرفه… أحوكه ببساطة على أوتار عودي، وإذا أشركت كل آلات الأوركسترا مع كلماته وصوتي طلع ذلك الإنشاد الذي يهز ويؤاسي، يحس ويقاوم. صرخة ثائر مارسيل الذى غنى " أنا من تحفر الأغلال في جلدي/ شكلًا للوطن، إنها الثورة من أجل الحرية" لم يدعى يوما على العكس من الكثيرين أنه فنان بدرجة "مناضل" ، ولهذا أعلنها صريحة وقال. ليس هناك شيء اسمه «فن نضالي»، «فن سياسي»، «فن تحريضي».. هناك فقط فن.. هناك التزام بقضايا: الحب التزام، الأرض التزام، العيش التزام، البحث عن الجمال هو التزام، لكن كيف نحقق ذلك بوعي فني، هنا تكون الإضافة، وهنا تستطيع أن تقول إنك قد حققت شيئا أم لا. كل الناس ملتزمون بأشياء لكن فيهم من هو ملتزم باللاشيء، وفيهم ملتزمون بقضايا جوهرية إنسانية، في النهاية الفن يعبر عن عمق الحدث وليس عن الحدث بالذات. أحبك أكثر خليفة الذى يرى ان "الحب هو الوردة السرية الجميلة المخبأة في دواخلنا ،و تمدنا بالقوة والحرية وتمنع فساد الحياة" يردد دوما اننا «يجب أن نتعلم الحب من جديد»،ويفسر ذلك موضحا .بدون الحب فالحياة تصير باهتة وبدون معنى، وكل ما يجمع هذه الحياة ويخيط دقائقها وساعاتها وأيامها هو هذا الإحساس الخفي المسمى «حب». ولا أقصد بالحب فقط حب الزوج أو «الثنائيات» لأن للحب يمكن أن يولد فقط عندما ننظر إلى وردة ونستحلي جمالها، ولا يجب على هذا الجمال أن يستهويك لدرجة أن يصير شيئا عاديا، والشمس التي تشرق كل يوم يجب أن أنظر إليها كل صباح بنظرة أخرى وكإشراقة جديدة، مختلفة عن إشراقات أمس وأول أمس والأيام الماضية، وكل يوم يجب أن يكون هناك مغزى لرؤيتك للشمس، إذن هذا النوع من الحب يقوم في جزء كبير منه على عدم التعود على الأشياء التي نراها وأن ننظر إلى الحبيب كل يوم بشكل مختلف بمعنى أن نستعيد الدهشة الأولى في كل شيء تقوم به في حياتك.
عصفور طل
خليفة الذى يعتبرة عشاق أبداعاته طائر االحرية منذ أن أطلق رائعته "عصفور طل من الشباك" كاد مرتين أن يواجه شبح الدخول الى قفص السجن،وكانت الأولى عام 2003 ،حيث أقيمت ضدة دعوى قضائية في لبنان لأنه استخدم آية قرآنيةً في أغنية (أنا يوسف يا أبي) وهي قصيدة كتبها محمود درويش تستلهم قصة يوسف من القرآن في إسقاط على القضية الفلسطينية، وتمت تبرئة مارسيل خليفة لاحقاً. وفى عام 2007 صوت نواب البرلمان البحريني على إنشاء لجنة للتحقيق في عرض لمارسيل خليفة وقاسم حداد باسم "مجنون ليلى" في فعاليات مهرجان ربيع الثقافة في البحرين،حيث اتهم النواب الإسلاميون العرض (أداء راقص) بأنه يتضمن إيحاءات جنسية.،وأصدر مارسيل خليفة بالاشتراك مع الشاعر قاسم حداد بياناً بعنوان جئنا لنعلن أن الحب يستهجن "الإرهاب الفكري". بلادى عندما قامت ثورة 25يناير لم يكتفى مارسيل خليفة بإهداء الشعب المصري عمله الموسيقي "الكمان والأوركسترا" ،بل أصدر بيانا يؤكد فيه دعمه الكامل لثوار الربيع العربى فى مصر وتونس،وقال فيه.أَنَا 0لْمُوَقِّع أَدْنَاه مَرْسِيل خَلِيفَة،حَمَلْتُ مَعِي أَلَمِي وَ0لْتِزَامِي بِقَضَايَا 0لأُمَّةِ، وَقَدَّمْتُ مُسَاهَمَتِي فِي 0لتَّعْبِيرِ عَنِ 0لأَلَمِ فِي صِنَاعَةِ مُسْتَقْبَلٍ إِنْسَانِيٍّ مُخْتَلِفٍ يَلِيقُ بِنَا وَيُتَرْجِمُ طُمُوحَاتِنَا. وأكمل .أَشْعُرُ 0لآنَ، وَأَنَا أُتَابِعُ شَأنَ 0لْمُوَاطِنِينَ 0لْعَرَبِ وَكَافَّةَ وَقَائِعِ هٰذِهِ 0لثَّوْرَاتِ 0لشَّعْبِيَّةِ 0لْعَارِمَةِ، أَشْعُرُ بِ0لْمَسْؤُولِيَّةِ تُطَوِّقُنِي لِكَيْ أَبُوحَ بِشُعُورِ 0لْغَضَبِ تِجَاهَ حَمَّامَاتِ 0لدَّمِ 0لَّتِي تُغْرِقُ بِهَا أَجْهِزَةُ 0لْقَمْعِ 0لْعَرَبِيَّةُ مُدُنَنَا وَقُرَانَا وَشَوَارِعَنَا، رَدًّا وَحْشِيًّا عَلَى مَطَالِبِ جَمَاهِيرِ شَبَابِنَا وَكُهُولِنَا وَنِسَائِنَا 0لْعَادِلَةِ وَ0لْمَشْرُوعَةِ فِي 0لْحُرِّيَّةِ وَ0لدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ وَ0لْغَدِ 0لأَفْضَلِ. وأضاف .أَشْعُرُ بِأَنَّ كُلَّ رَصَاصَةٍ تُطْلَقُ عَلَى شَابٍّ مُتَظَاهِرٍ، إِنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى صَدْرِي، وَكُلّ هرَاوَةٍ تُهَشِّمُ عِظَامَ طِفْلٍ تَنْهَالُ عَلَى جِسْمِي،أَشْعُرُ بِ0لْغَضَبِ وَ0لاِحْتِجَاجِ 0لصَّاخِبِ وَ0لثَّوْرَةِ 0لدَّاخِلِيَّةِ تَنْفَجِرُ فِي رَأسِي وَفِي وجْدَانِي وَلِسَانِي، وَأَنَا أَرْغَبُ فِي أَنْ أَقْذُفَهَا بِوُجُوهِ 0لْقَتَلَةِ وَ0لسَّفَّاحِينَ، كَأَيِّ طِفْلٍ وَشَابٍّ وَكَهْلٍ، هُنَاكَ فِي وَسطِ 0لْجُمُوعِ، يُنَاضِلُ بِإِبَاءٍ وَشُمُوخٍ فِي صِنَاعَةِ مُسْتَقْبَلِ 0لْوَطَنِ وَ0لأُمَّةِ. وقال ايضا .أَنَا مُتَضَامِنٌ مَعَ أُولٰئِكَ 0لْمَلاَيِينِ 0لَّذِينَ يَهْتِفُونَ وَيَصْرُخُونَ 0حْتِجَاجاً عَلَى 0لْقَمْعِ وَ0لْمَوْتِ. أَنَا مِنْهُمْ وَفِيهِمْ. لاَ أُبَارِحُهُمْ. دَمِي دَمُهُمْ، صَوْتِي صَوْتُهُمْ، مَصِيرِي مَصِيرُهُمْ.،غَنَّيْتُ لَهُمْ وَمَنَحُونِي 0لشُّعُورَ بِأَنَّهُمْ أَهْلِي 0لَّذِينَ يُقَوُّونَنَا عَلَى صُنْعِ 0لْمُسْتَحِيلِ.،أَنَا مِنْهُمْ، وَفِي مُوَاجَهَةِ مَنْ يَسْفِكُ دَمَهُمْ. لاَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَخُونَ قَضِيَّتَهُمْ. إِنَّ مَا يَجْرِي فِي لِيبيَا وَ0لْيَمَن وَ0لْبَحْرَيْن، وَ0لْبَقِيَّةُ تَأْتِي… إِنَّمَا هُوَ مَزِيجٌ مِنَ 0لْمَلْحَمَةِ وَ0لتّرَاجِيديَا؛ الْمَلْحَمَة 0لَّتِي 0نْتَصَرَتْ فِي تُونس وَمِصْرَ، وَسَتَنْتَصِرُ فِي غَيْرِهَا مِنْ بِلاَدِ 0لْعَرَبِ أَجْمَعِينَ؛ وَ0لتّرَاجِيديَا 0لدَّمَوِيَّة 0لتِي تُحَاوِلُ يَائِسَةً أَنْ تَعْتَقِلَ 0لتَّارِيخَ. وأختتم بيانه بالقول ِلهٰذَا 0لسَّبَبِ، وَلأَنَّنِي لاَ يُمْكِنُ أَنْ أَكُونَ إِلاَّ مَعَ شَعْبِي فِي كُلِّ قُطْرٍ عَرَبِيٍّ، أَعْتَذِرُ عَنْ تَلْبِيَةِ دَعْوَةِ 0لْمُشَارَكَةِ فِي مَهْرَجَانِ 0لرَّبِيعِ بِ0لْبَحْرَيْن.،لاَ أَسْتَطِيعُ إِلاَّ أَنْ أَكُونَ فِي مُعَسْكَرِ 0لْحُرِّيَّةِ وَ0لْمُطَالَبَةِ بِ0لدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ وَنَبْذِ 0لْعُنْفِ.،لاَ أَقِفُ هٰذَا 0لْمَوْقِفَ فَقَطْ لأَنِّي عَرَبِيٌّ وَمُلْتَزِمٌ بِقَضَايَا أُمَّتِي. كُنْتُ سَأَقِفُهُ لَوْ لَمْ أَكُنْ كَذٰلِكَ. إِنَّهُ، فِي 0لْمَقَامِ 0لأَوَّلِ، مَوْقِفٌ إِنْسَانِيٌّ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفاً سِيَاسِيّاً.