«مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    العجالي قائم ب 190 جنيها.. أسعار الأضاحي 2025 في أسواق الشرقية    رابطة مستأجري الإيجار القديم: لا نتفاوض في مدد 5 أو 7 سنوات.. ومتمسكون بحكم الدستورية    48.8 مليار جنيه مكاسب سوقية للبورصة المصرية خلال أسبوع ومؤشر EGX30 يرتفع 2.26%    ترامب يأمر البنتاجون بوقف التنسيق مع إسرائيل بشأن "ضرب إيران"    ترامب: ماسك شخص رائع وسيبقى دائما معنا لمساعدتنا    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    رابط نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 الترم الثاني بالاسم في محافظة الفيوم    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    أيام مفترجة، ريهام سعيد تعلن الصلح مع طبيب التجميل نادر صعب بعد اتهامه بتشويه وجهها (فيديو)    إسرائيل تقصف مجددا أهدافا لحزب الله في لبنان    «قرار الأهلي».. رد مفاجئ من سيد عبدالحفيظ على مزاعم بيع زيزو    إمام عاشور يوجه رسالة ل حسام حسن    "قبل ريفيرو".. ماذا قدم المدربين الإسبان مع النادي الأهلي؟    هيشتغل إلى 2.30 صباحا، تعديل تشغيل قطار العاصمة الكهربائي اليوم بسبب حفل ضخم بالنهر الأخضر    كان نايم.. مصرع شاب دهسًا بسيارة والده في العاشر من رمضان    إنييستا: إنريكي موهوب.. وإنتر يمتلك لاعبين كبار    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مصرع تلميذ صعقاً بالكهرباء أثناء تشغيله التليفزيون بمنزله في سوهاج    بعد إمام عاشور.. (3) لاعبين ينتظرون عفو حسام حسن    الحوثيون يعلنون مهاجمة مطار بن جوريون وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي    «بنتلي» تشوق لنسخة جديدة من بنتايجا عالية الأداء مع وضع الانجراف    عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد الانخفاض    أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    20 صورة ومعلومة عن الفنانة هايدي رفعت بعد خطوبتها    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب باكستان    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟    بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    مصرع شخص وإصابة آخرين فى حادث تصادم بالحوامدية    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    عضو مجلس الأهلي: كنت أثق في اللاعبين للتتويج بالدوري    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة ثقافية مثلثة الأبعاد | بقلم السيد ياسين
نشر في وكالة أنباء أونا يوم 08 - 10 - 2014


الكاتب السيد ياسين
استطاع الكاتب الكبير «محمد حسنين هيكل» فى حديثه التليفزيونى الأخير مع «لميس الحديدى» أن يرسم بدقة بالغة وبرؤية صافية مرحلة انهيار النظام العالمى القديم وبداية نشوء نظام عالمى جديد.
ويمكن القول إن انهيار النظام العالمى القديم كان رمزه البارز انهيار الاتحاد السوفيتى ونهاية عصر الحرب الباردة، التى دارت فيها معارك إيديولوجية وسياسية ضارية بين الماركسية كما طبقت فى الاتحاد السوفيتى، والرأسمالية والتى كانت الولايات المتحدة الأمريكية هى رمزها البارز.
وقد أدى سقوط الاتحاد السوفيتى إلى تحول النظام العالمى من نظام ثنائى القطبية يتصارع فى سياقه الاتحاد السوفيتى من جانب والولايات المتحدة الأمريكية من جانب آخر، إلى نظام أحادى القطبية انفردت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بالجلوس منفردة على قمة العالم، ومارست هيمنتها المطلقة على عملية اتخاذ القرار الدولى، بحكم قوتها العسكرية ومبادراتها التكنولوجية وقوتها الاقتصادية (فى الفترة ما قبل الأزمة المالية الأمريكية الكبرى عام 2008). وقد أدى غرور القوة المطلقة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أن تنفرد بقرار شنها الحرب ضد العراق، بزعم أن نظام «صدام حسين» يمتلك أسلحة دمار شامل، بالرغم من معارضة الدول الكبرى الأعضاء فى مجلس الأمن.
بل إن هذا الغرور الإمبراطورى انتقل للأسف إلى مراكز الأبحاث الاستراتيجية الكبرى وفى مقدمتها مؤسسة اراند، التى نشرت منذ سنوات بحثاً تضمن فكرة رئيسية مؤداها أن الولايات المتحدة الأمريكية من حقها كقطب أوحد إجهاض محاولة أى دولة تحديه حتى باستخدام القوة العسكرية!
كان ذلك منذ سنوات قبل أن تتعثر الإمبراطورية الأمريكية فى خطاها، وتبدأ مرحلة الأفول ليس بسبب أزمتها الاقتصادية فقط، ولكن بحكم ظهور أقطاب جديدة كالصين والهند تؤشر على الانتقال من العالم الأحادى القطبية إلى عالم متعدد الأقطاب.
وربما ما ميز حديث الأستاذ «هيكل» أنه لم يركز فقط فى مجال شرحه لعملية الانتقال من العالم القديم إلى العالم الجديد على المناهج التقليدية التى كانت تركز على مبادئ نظرية توازن القوى، ولكنه مارس منهجية التحليل الثقافى بصورة عميقة حين رسم ملامح العالم الجديد وركز على الظواهر الثقافية البازغة. وقد شرح فكرة سقوط الدولة الوطنية داخل الحدود المستقلة كما ورد فى كتاب «هنرى كيسنجر» «النظام العالمى» الذى صدر حديثا مقرراً إذا كان واقع القوى يتغير والدولة المستقلة سقطت فذلك لأنها أصبحت مكشوفة بالكامل أمام نظام مالى عالمى وأمام وضع عالمى به الفن والاتصال والرياضة وأسواق المالب وراجع نص الحديث االشروقب بتاريخ (27 سبتمبر 2014).
والواقع أن الأستاذ «هيكل» يشير بذلك إلى ظواهر العولمة المتعددة الدولية والسياسية والفكرية والثقافية. والاتصالية، والتى أثرت على بنية المجتمعات المختلفة وعلى القيم السائدة فيها. والواقع أن تحليلاته العميقة عن مظاهر تحول النظام العالمى والذى لم تتضح معالمه كاملة حتى الآن تحتاج إلى مناقشات متعددة، ولكنى وقفت طويلاً أمام قوله فى عبارة جامعة «نحتاج إلى ثورة ثقافية لتصنع صحيح الدين والتاريخ والعلم». والواقع أننا إذا حللنا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة فى مصر الآن لاكتشفنا أننا فى الواقع فى حاجة إلى عدة ثورات لا ثورة واحدة. ثورة اقتصادية تغير بناء الاقتصاد المصرى على أسس وطيدة أخذا فى الاعتبار ظاهرة العولمة بكل أبعادها، وثورة سياسية تجدد النظام السياسى بصورة جذرية بما يكفل مشاركة كل الأجيال السياسية المصرية فى بناء مصر الجديدة، وثورة اجتماعية تجسر الفجوة الطبقية العميقة والخطيرة بين الأقلية من الاغنياء الذين كونوا ثرواتهم المهولة سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، أو بمعنى آخر «سكان المنتجعات» والغالبية العظمى من الشعب ممثلة فى الطبقات الفقيرة (26% من المصريين تحت خط الفقر) ممن يمكن أن يطلق عليهم «سكان العشوائيات» (يعيش فيها 16 مليون مصرى).
وتبقى أخيراً الحاجة الملحة إلى ثورة ثقافية من شأنها أن ترسخ جذور الدولة الحديثة والمواطنة، وتقضى «وفق سياسات ثقافية جماهيرية حددنا ملامحها البارزة فى ورقة العمل التى قدمناها فى (14 يوليو الماضى) إلى المجلس الأعلى للثقافة» على منابع التطرف واتجاهات الإرهاب.
ويمكن القول أن الأستاذ «هيكل» فى تحديده لملامح الثورة الثقافية الثلاثية الأبعاد والتى تقتضى ترسيخ قيم صحيح الدين، وصحيح التاريخ وصحيح العلم، تمثل محاور أساسية يمكن أن تقوم عليها النهضة المصرية الجديدة. غير أن هذه المحاور تواجه فى الواقع مشكلات متعددة نظرية وعملية.
وأول هذه المحاور ترسيخ قواعد صحيح الدين. ونحن نعرف أنه دارت معارك فكرية كبرى بين المثقفين المصريين الذين أرادوا تجديد الفكر الدينى فى الثلاثينيات وعلى رأسهم «طه حسين» وبعلى عبد الرازقب وعدد آخر من الكتاب الذين أدركوا خطورة الخضوع للتفسيرات التقليدية للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وبين المشايخ وحلفائهم من المثقفين التقليديين الذين حاربوا مشروع تجديد الفكر الإسلامى.
غير أن المعارك الراهنة تجاوزت بكثير محاولات التجديد الفكرى، لأننا أصبحنا بصدد نشوء حركات إسلامية إرهابية مارست جرائم متعددة ليس ضد السلطة فقط ولكن ضد جموع الشعب. وآخر هذه التنظيمات تنظيم «داعش» الذى أعلن عن قيام دولة إسلامية فى سوريا والعراق واختيار «أبو بكر البغدادى» خليفة للمسلمين. ومعنى ذلك أننا بصدد معركتين فكريتين. الأولى ترسيخ قواعد صحيح الدين بتعبير الأستاذ «هيكل»، والثانية مواجهة الفكر الدينى المتطرف الذى أنتج الجماعات الإرهابية المتعددة والتى أصبحت لها فروع فى كل الدول العربية بلا استثناء.
أما المحور الثانى وهو صحيح التاريخ فنحن بصدد إشكالية كبرى نظرية ومنهجية وعملية على حد سواء. وذلك لأن التاريخ الحقيقى ينبغى أن يتسم بالموضوعية، بمعنى الاعتماد على التوثيق الدقيق للوقائع ومحاولة تفسيرها بشكل متزن بحيث لا يعلى من شأن الوقائع الفرعية على حساب الوقائع الأساسية.
وفى هذا المجال هناك ظواهر مرضية شتى أبرزها التحيز المسبق لكاتب التاريخ إزاء حدث مثل ثورة 23 يوليو 1952، أو إزاء شخصية تاريخية مثل «جمال عبد الناصر». فذلك من شأنه فى الواقع تزييف التاريخ.
ويبقى بعد ذلك التركيز على صحيح العلم، والواقع أن هذا المحور يتضمن مشكلات متعددة أهمها على الإطلاق ترسيخ قواعد الثقافة العلمية فى المجتمع، والعمل على تبسيط العلوم حتى يستطيع المواطنون العاديون متابعة أنشطة البحث العلمى المختلفة.
غير أنه أخطر من ذلك كله مواجهة سيادة التفكير الخرافى فى المجتمع سواء نتيجة شيوع تفسيرات دينية زائفة، أو نتيجة تدنى الوعى الاجتماعى والثقافى.
صحيح العلم فى رأينا لا يمكن أن ترسخ قواعده بغير الاعتماد على تاريخ العلم وفلسفة العلم وسوسيولوجيا العلم.
هذه بعض الخواطر السريعة على حديث الأستاذ «هيكل» الذى تميز بالعمق والصفاء الفكرى والقدرة على استشراف المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.