سؤال يطرح نفسه على الذهن العربي في أوسع نطاقته حول ماهية الدور الذي تلعبه قطر في المنطقة العربية خاصة في ظل العواصف العربية العاتية التي أتت على أنظمة لتصعد بأخرى مثلما هو الحال في الحدث المصري الذي شهد أفول نظامين متعاقبين خلال ثلاث سنوات و ثمة ظهور بازغ لنظام جديد يمهد لعصر الإدارات في مصر لا عهد الأنظمة كما هو الحال في القسم المتحضر من العالم الإنساني ، الا ان نفس تلك العواصف قد جلبت كل ما هو غير محمود في أطالب من اللا استقرار و ما يمكن أن تطلق عليه حكم الميليشيات في سوريا و ليبيا الى حالة التماهي بين ما هو إنجاز و بين ما هو مثير للريبة و القلق في الداخل التونسي و التي قد تمتد على امتداد الخط الى الجزائر بعدما أعلن " بوتفليقة " الذي ابلي بلاء حسنًا في حماية الجزائر من الإرهاب و في خلق نموًا اقتصاديًا لا ينكره أحد إلا أن بقائه على رأس السلطة لمدة أو مدتين رئاسيتين بعد فترة حكم دامت ل 15 عامًا و في ظل تردي واضح لحالته الصحية – أمد الله في عمره – قد يأتي بما لا يرتجى لمن هم في جانبه و من قد يشتهيه التيار الديني المتطرف هناك و ما قد لا يكون محسوبا بدقة من قبل التيارات الديموقراطية المعارضة . يبدو المشهد في مجمله مختلطًا بالشائبة القطرية التي كانت و لا تزال عنصرًا شديد الفاعلية في كل ما سبق ذكره و لا يقتصر الدور القطري على كونه راعيًا لجماعة سياسية مسلحة و بالطبع يخطأ من يظن ان بقية الدور هي مجرد التمويل او الإيواء و إنما قد يذهب من يريد التدقيق الى طبيعة الدور المحوري الذي تلعبه قطر في المنطقة بأسرها طبقًا لما رسم لها من قبل إدارات أمريكية متعاقبة على اختلاف ألوانها بداية من إدارة الجمهوريين وقت رونالد ريجان و تحديدا في عام 1983حين اكتملت الرؤية الامريكية للتعامل مع العرب بعد استقرار نسبي في المنطقة بتحييد مصر و وضعها في حالة العزلة ثم عزل الخليج و امركة اقتصاده لتفادي تكرار الدرس القاسي الناتج من منع البترول العربي ثم صناعة حكم هش في السودان مشكل على أسس طائفية ثم فصل شمال افريقيا عن طريق تغييب الهوية العربية ، لتتاعقب الإدارات الامريكية باحثة عن تجويد ناجع لتفتيت المنطقة الأكثر تأثيرًا في العالم نظرًا لوضعية جيوسياسية متميزة يغلفها ثراء واضح بالثروة التعدينية و التي تحتاج الى نصيب متوافر من المورد البشري و الذي هناك حاجة ملحة لخروجه من المعادلة لضمان القدرة على خاق نظام جديد ليأتي الحل فيما أورده " صامويل هنتجتون " استاذ العلوم السياسية الشهير من خلال اشعاله النقاش مستعر عام 1993ول ما سماه بصدام الحضارات و الخلوص الى استيعاب الحضارة اللاتينية الاوروبية في قلب الثقافة الأنجلوبروتستانتية الامريكية ثم النظر بروية تجاه الثقافة الكونفوشيوسية " الصين " و بهذا تصبح القومية الثقافية لدى العرب ( النواة ) و المسلمين ( المجموع الأشمل ) هي الهدف الرئيسي للصراع في مرحلته الاولى لحين التفرغ للصين لكن كانت جملته الاثيرة " "الغرب فاز بالعالم ليس بتفوق أفكاره أو قيمه أو ديانته، ولكن بتفوقه في تطبيق العنف المنظم. الغربيون غالبا ما ينسون تلك الحقيقة، إلا أن غير الغربيين لا ينسونها أبداً". هي ما دفعت الولاياتالمتحدة لإيجاد ذراع جديد لها في المنطقة بخلاف اسرائيل و التي تشكل خط تماس الخلاف الجوهري و التي لن يتقبلها العرب و لا المسلمين مهما طال الوقت او هدأت حدة النزاع بل و سيتم التعامل مع كل زفراتها بكل الريبة فوقع الاختيار على الدويلة التي لا تمتلك مقوما واحدا يضمن لها البقاء حتى على مستوى بعض من التراث الثقافي و ليس لها من الحظوظ سوى ثروة بترولية لزجة الأثر على الاسرة الحاكمة فوصل حمد بن خليفة آلِ ثاني للحكم بعقوق الانقلاب و هكذا فعل تميم من بعد ، لتصبح قطر هي الفناء الخلفي الجديد للسياسات الامريكية في المنطقة فيتم استغلال أطماع الاسرة في التوسع على حساب المملكة العربية السعودية ( شرقا ) و هو ما وعته المملكة مؤخراً و الدفع بقطر كوسيط مقبول عربيًا في خلق ما يبدوا شيئا من الحل لبعض جوانب الصراع العربي الصهيوني باستيعابها لحركة حماس ( الاخوان ) و من جهة اخرى فهي ذراع أمريكية داخل مجلس التعاون الخليجي لتمرير او عرقلة ما تراه واشنطن و تظل في النهاية من درجة تحت الوصف الشهير " بلد عربي شقيق " أو بعبارة مختصرة و اكثر إفادة تستطيع واشنطن ان تمرر عن طريق قطر ( الشقيقة العربية ) ما لا تستطيع تمريره عن طريق الكيان الصهيوني و هو ما تم في ملفات مثل المصالحة الفلسطينية او تحييد سلاح المقاومة لدرجة الإدانة ، لكن فيما يبدو لن النظام القطري ( الزميل ) قد غاب عن حصة الحساب في المدرسة العربية القومية المشتركة حيث فاته ان دعم تنظيم الاخوان و إيواء عناصر من الجماعات الإرهابية المختلفة زائد محاولات التدخل في الواقع السياسي لبعض من تلك الدول يعني تهديدا أصيلًا للوضعية الاقتصادية و الاستثمارية الجديدة لدول مجلس التعاون الخليجي التي لم تعد تعتمد على الريع البترودولاري فما كان من ثلاثة ان سحبت سفرائها ( السعودية ، الامارات ، البحرين ) و لم تعترض الرابعة ( عمان ) و حيدت الخامسة نظرًا لاستضافتها القمة المزمع عقدها في مارس الجاري ( الكويت ) مما يوضح ان دول المجلس صارت في حالة تحفز مستمر تجاه قطر و لم يعد بمقدور واشنطن ان تمرر من خلال الدوحة ما تكن تستطع تمريره عن طريق تل ابيب و هنا نسأل تميم بن حمد الذي يبدوا انه و ابيه رغم تلقيهم العلم في عواصم أوروبا قد فشلوا في ابسط قواعد الحساب .. هل انتم مستعدون لأعوام طويلة من العزلة ؟! و سؤال اكثر صعوبة للعرب .. هل قرأتم ما نشر في العدد السنوي لمجلة نيوزويك في عام 2001 تحت عنوان " عصر حروب المسلمين " ؟!!