3 يونيو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    الرئيس السيسي يصدر قرارا جمهوريا جديدا.. تعرف عليه    سامية سامي التعامل الفوري مع أي شكاوى أو استفسارات لضمان أعلى درجات الرضا والراحة لحجاج السياحة    كوريا الجنوبية.. الناخبون يتوجهون إلى الصناديق لانتخاب رئيس للبلاد    استشهاد 27 فلسطينيا في مجزرة جديدة ارتكبها جيش الاحتلال بمركز توزيع مساعدات جنوب غزة    وكيل تعليم الغربية يتابع سير امتحانات الدبلومات الفنية للدور الأول    غلق وتشميع مركز لعلاج المخ والأعصاب والعناية المركزة بنجع حمادي    محافظ أسيوط يتفقد المركز الصحي الحضري لمتابعة مستوى الخدمات الطبية المقدمة    الصحة: التشديد في مراقبة تداول الأدوية داخل السوق المصري واتخاذ إجراءات لضمان عدم إساءة استخدامها    ننشر أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 3 - 6 - 2025    عضو الاتحاد السكندري: محمد مصيلحي لا غبار عليه.. ويتعرض للهجوم لهذا السبب    «الملوخية ب20».. أسعار الخضار فى أسواق الإسكندرية اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    وزير الكهرباء يتابع تصنيع مهمات وتوربينات مفاعلات محطة الضبعة النووية بفرنسا    قبل بدء عرضه، تعرف على أبطال مسلسل فات الميعاد    رئيس جامعة القاهرة: تقديم خدمات الكشف الطبي على أبطال مصر في ألعاب القوى    سفيان رحيمي نجم الشباك في العين الإماراتي قبل مونديال الأندية    لموسم حج صحي، 8 نصائح مهمة من القومي للبحوث لمقاومة نقص المياه والأملاح بالجسم    إضافة أسرّة رعاية مركزة وحضّانات وأجهزة غسيل كلوي بمستشفى الكرنك بالأقصر    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    «هُدنة 48 ساعة فقط».. بيان مهم بشأن حالة الطقس ودرجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    حبس المتهمين بخطف شخص بسبب خلافات مالية بالمقطم    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    منها «سيد الظلام» ما هي أكثر الأبراج شرًا.. اكتشف الجانب المظلم لكل برج    ماذا قدم الزمالك وبيراميدز مع بسيوني قبل نهائي الكأس؟    غارات مميتة على غزة .. وحدث مهم في سوريا (فيديو)    جامعة بنها تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة (الشروط وطريقة التقديم)    سعر الدولار الثلاثاء 3 يونيو 2025 في البنوك    قرار مفاجئ من ياسين السقا بعد خبر زواج والدته مها الصغير من طارق صبري    البيت الأبيض: اتصال محتمل بين ترامب وشي الأسبوع الجاري    تشكيل الزمالك المتوقع أمام بيراميدز في نهائي كأس مصر.. وموقف زيزو    «نرحب ولكن بشرط».. بيراميدز يُعلن موقفه من التعاون مع الأهلي في الصفقات    لماذا فشل مقترح عقد امتحانات الثانوية العامة ب الجامعات؟.. التعليم تجيب    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    أوربان: بروكسل قررت أن على أوكرانيا مواصلة النزاع    موعد مباراة الترجي وفلامنجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    مروان عطية: لم نعرف بقرار الإدارة قبل مباراة الزمالك بساعة ونصف.. وألعب مصابا    منح شهادات امتحانات النقل مجانًا لطلاب الوادي الجديد    الحوثيون يقصفون دولة الاحتلال.. مستوطنون في الملاجئ وتعليق الطيران    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    رئيس قسم الزلازل ب"القومي للبحوث الفلكية": قوة الهزة 5.8 وضرب عدة دول منها مصر    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحيا الحياة | بقلم: محمد المخزنجي


«يحيا الموت.. يسقط الذكاء»
ذلك الهتاف المُنكَر جأرت به حنجرة «ميلان أسترى» أحد زعماء الفاشية خلال ندوة فى جامعة «سلمنكا»، أقدم وأعرق جامعات إسبانيا، عشية الحرب الأهلية الإسبانية (1936 1939) بين الفاشيين والجمهوريين هناك، وكان فى الندوة حشد من أتباع هذا الزعيم الغوغائى فى مؤخرة القاعة رددوا الهتاف وراءه بحماس وحشى هز المكان رغم أنهم كانوا قلة، مما جعل الحضور من الأغلبية الصامتة يزداد خوفهم ويتعمق صمتهم، إلا أن رجلا واحدا لم يلتزم الصمت فى مواجهة ذلك، وهو رئيس الجامعة « ميجيل دى أونامونو» الذى كان رجل فكر وفيلسوفا مرموقا، انتظر حتى أنهى الزعيم الفاشى كلمته وهتافاته، وصعد إلى منبر الندوة، وتكلم..
قال الفيلسوف الإسبانى يومها: «سمعت للتو ذلك الهتاف النيكروفيلى يحيا الموت! وأنا الذى أمضيت حياتى فى تشكيل مفارقات أثارت غضب الآخرين الذى لا يمكن فهمه، يجب أن أقول لكم: إن السيد ميلان أسترى كسيحٌ، ولنقل ذلك من دون أدنى تخفيض للصوت. ولسوء الحظ يوجد كثيرون من الكسحاء الآن فى إسبانيا، وسيكون لدينا عدد أكثر منهم إذا لم يساعدنا الله. ويؤلمنى أن تفكير ميلان أسترى سوف يكون نموذجا للجنوح النفسى الجماعى، فالأشلّ الذى تعوزه العظمة الروحية، من دأبه أن ينشد الراحة المنحوسة فى نشر البتر والتشويه من حوله».
فى مواجهة ثبات المفكر الشجاع، لم يستطع الفاشى تمالك نفسه فأخذ يصيح بهياج هستيرى «يسقط الذكاء. يحيا الموت»! وضجت كتائب الفاشيين فى القاعة تردد صيحته، لكن المفكر المرموق تابع الكلام بالشجاعة ذاتها: « هنا معبد الفكر، وأنا راهبه الكبير. وأنت الذى دنَّست حُرمته. أنت ستفوز، لأن لديك فائضا من القوة الغاشمة. ولكنك لن تكون مقنعا، حيث تحتاج ما تفتقر إليه: العقل، والحق فى الصراع الذى أرى أنه من العبث حثك فيه على التفكير فى إسبانيا».
كان مصير البروفيسور الفيلسوف بعد هذه المواجهة هو وضعه فى الإقامة الجبرية تحت الحكم الفاشى بقيادة الديكتاتور «فرانكو»، ووافته المنية بعد شهور من العزلة والقسوة، وقد التقط رائد علم النفس الاجتماعى «إريك فروم» من كلمة الرجل التاريخية مصطلح النيكروفيليا ليوسع دلالاته، فلم يعد يقتصر على جنون عشق الجثث، بل صار دالاً على الشغف بتحويل كل ما هو حى إلى غير حى، وبالتدمير من أجل التدمير، وقد وضع إريك فروم «التدميرية المنتقمة» على رأس كل التظاهرات التدميرية فى النيكروفيليا. فهل ما رأيناه فى الجمعة الفائتة، وجُمعات إخوانية ماضية وربما قادمة، إلا تجسيداً بغيضا للتدميرية المُنتقِمة، تعيد ترديد الهتاف الفاشى الإسبانى بلسانٍ عربى أثيم: «يحيا الموت.. يسقط الذكاء»؟!
يُعرِّف فروم التدميرية المنتقمة بأنها رد فعل عفوى على الألم المبالغ فيه لشخص أو أعضاء جماعته التى يتماثل معها، وهى تختلف عن العدوان الدفاعى العادى بصفتين: أولاهما، أنها تأتى بعد وقوع الضرر الحقيقى أو المزعوم، ومن ثم فهى ليست دفاعا إزاء خطرٍ ماثل. وثانيتهما، أنها مفعمة بالتوق الشديد للتدمير الذى لا يُشفَى غليله. وتدميريات أيام الجمعة الإخوانية تنطبق عليها الصفتان بوضوح، فلا يبقى إلا التساؤل عن الدوافع الانتقامية فيها: انتقام مِن ماذا؟ ولأجل ماذا؟ فمقولة «الشرعية» التى صارت شماعة يعلق عليها زعماء تنظيم الإخوان فجعتهم للسلطة وفجيعتهم لفقدها، سقطت برفض أغلبية المصريين الكاسحة لحكمهم الأنانى والمعتم، وتأكد سقوطها بما كشفته همجية وعنف تظاهرات الإخوان وأنصارهم التى بلغت حدودا من القبح ضاعفت رافضيهم، وزاد من القبح دموية تلك الهجمات والتفجيرات الخسيسة التى ارتكبها أنصارهم وبعض منتسبيهم.
لقد بلغت المُمارسات التدميرية لهؤلاء حد التطبيق الفعلى للشعار الفاشى القبيح «يحيا الموت.. يسقط الذكاء»، فأحداث الجمعة الماضى، كمثال قريب، فضحت السلمية المزعومة فى تظاهراتهم، ثم إن حرائرهم لم يعدن حرائر، بالعض والضرب بالكراسى وتعرية أستاذة بالقوة وتصويرها عنوة، ومع ذلك أرفض أى خشونة ذكورية معهن، وأطالب بشرطة نسائية للتعامل مع العدوانيات منهن، أما حرق الطلاب كلياتهم ومنع الامتحانات بالقوة وسيل الكتابات البذيئة على مواقع الإنترنت وأسوار الجامعات وحتى المساجد، فهى تشخيص فاجع ليس لسقوط الذكاء فقط، بل لسقوط أخلاقى لجماعة نشأت بزعم إحياء مكارم الأخلاق منذ ثمانين عاما! وهدمها الانحطاط الأخلاقى المقترن بشهوة السلطة وغرور التسلط وما يتبعهما من عنف يتلازم مع الكذب، وقد صار العنف عقيدة لدى زعماء هذه الجماعة منذ مدة، وقد تبجح أحدهم حين كانوا فى سدة الحكم بوجود «أربعمائة ألف انتحارى» مستعدين لحماية سلطتهم! وقبل يومين أعلنت أجنحة مما يسمَّى «تحالف دعم الشرعية» عن تصعيد العدوانية إلى مرتبة «الخروج بلا عودة»! وما هذا وذاك إلا تجسيد لهتاف «يحيا الموت». فهل من هتاف بديل لذلك البلاء؟!
«تحيا الحياة»، هتافٌ بديلٌ، يجعلنى بصيرا بحياة كل الفرقاء فى الصراع المصرى الحالى، ومنهم بشر طيبون بين الإخوان وأنصارهم بالطبع، فلا يمكن أن نحذف الخير من قلوب بعض البشر لمجرد أن قادتهم يُحرِّضون على الشر، فالخير فى روح الإنسان أصل من أصول الفطرة، وهنا أصغى لاقتراح الكاتب النبيل الجميل الدكتور أيمن الجندى فى عموده ب«المصرى اليوم» عدد الأثنين الماضى، يقول: «لو كنتُ مكان الإخوان لتنازلت عن الحكم ولسلّمت بالأمر الواقع صيانةً للدماء ودفعا لشر أكبر. ولو كنت مكان السلطة لدفعت الديّة للقتلى، ولحاولت لمّ الشمل بأى طريقة»!
اقتراح طيب وصادق بلا شك، لكنه يظل مفتوحا لاستدراكات لازمة، فتنازل الإخوان عن الحكم ليس مجرد تسليم بالأمر الواقع، ففيه استجابة واجبة لحقيقة أن الأغلبية رفضته وزادتها العواقب رفضا له. أما الدية فالعرض الأمين والمنطقى لكامل الصورة يقول بأن محرضى منصة رابعة وغيرها دفعوا الناس للتهلكة طلبا للسلطة الدنيوية تحت مزاعم إعلاء سلطان الديان، ومن ثم باعوا الشهادة للضحايا بالكذب وكانوا أول الفارين، فهم جناة رئيسيون وملزمون بالمشاركة فى «دفع الدية» إن اقتضت الأمور دية! ثم، من يدفع دية الشهداء من جنود وضباط الشرطة والجيش وقد كان منهم أول من سقط شهيدا فى فض اعتصامى رابعة والنهضة ومواجهات سيناء، أوليس البادى بالقتل أظلم؟!
تحيا الحياة، ويحيا ذكاء العقول والقلوب، أهتف بهما للم شمل الأمة على أسس عادلة وفاصلة وجديدة بالضرورة، ولا أرى أى تناقض معهما فى الإعلان عن أننى سأقول للدستور «نعم»، و«نعم» بلا تردد للسيسى رئيسا إن ترشَّح، ليس فقط لأنه رجل ذكى وقوى وشجاع وقادم من تجربة قيادية وإدارية ومعرفية كبرى لمؤسسة الجيش المصرىالمتطورة والمنضبطة والمُنجزة، ولكن أيضاً لأن هذا الرجل القوى والذكى والشجاع فى قلبه عاطفة ورحمة أكثر من سابقيه ومن كل من سنراهم يتدافعون نحو كرسى الرئاسة، وسيكون عادلا، حتى مع الإخوان!
وتحيا الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.