أصدرت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، حكما بإلغاء قرار مدير عام منطقة بريد كفر الشيخ فيما تضمنه من نقل أحد المواطنين من وظيفة مسؤل دفاع مدني وحريق بها إلى وظيفة كاتب بشؤن العاملين لقيامه بالتظاهر والاعتصام خلال المدة بين 18 و23 مايو 2009، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودته إلى عمله الأصلي، وإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات. وأكدت المحكمة في حكمها أن حرية إبداء الرأي والتظاهر السلمي من أدوات إصلاح الحكم، فيضطر إزاءها الحكام إلى احترام القانون أو يعاندون فيسقطون، وأن حرية التعبير حق لجميع أفراد الشعب المؤيد للحكومة والمعارض لها، شريطة عدم المساس بمقتضيات الدفاع الاجتماعي، كما أنها ليست مطلقة من كل قيد بلا ضوابط تخرج عن سلميتها التي هي جوهر ممارستها، بل مقيدة بالحفاظ على النظام العام والأمن العام، وأن للشعب دورا في متابعه حكامه لتتوافق المصالح المشروعة مع الأحاسيس العامة للجماهير، وأن العنف أو التخريب بما يهدد استقرار الوطن لا يعد وسيلة سلمية للتعبير ويخرج عن الولاية الحامية للحقوق. وشددت على أن تقليص حرية الرأي إهدار لسلطان العقل وتغييب ليقظة الضمير فلا يملك أحد ان يفرض على غيره صمتا ولو بقوة القانون، وان حرية التعبير يجب ألا تنطوي على آراء تنعدم قيمتها الاجتماعية مثل شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية، وأن انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيرا بنواحى التقصير فيه لا يؤدي إلى الإضرار بمصلحة مشروعة طالما كان سلميا. وقالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبدالحميد متولي وذكى الدين حسين ووليد الطويل وأحمد مكرم نواب الرئيس، إن ما استند إليه القرار المطعون فيه من أن المدعي وهو يعمل بوظيفة مسؤول الدفاع المدني والحريق، شارك مع زملائه في التظاهر والاعتصام إلا أنه لم يثبت من الأوراق أنه اخل بأداء واجبات عمله أو تسبب في تعطيل سير المرفق أو مصالح المواطنين أو الإضرار بمصالح العمل، بل كان تنفيسا منع مع زملائه عن سوء احوالهم الوظيفية التى دفعتهم لذلك. وأضافت أن أن الأوراق قد أجدبت عن أنه خرج عن سلمية ما قام به بالاشتراك مع زملائه في التعبير عن إرادتهم المشتركة بقصد حث الإدارة على الاستجابة لمطالبهم لتحسين أوضاعهم الوظيفية المشروعة، وأن ما قام به ليس محظورا بمقتضى القانون القديم الذى كان يسري في ظله بحسبان أن قانون التظاهر الجديد يسري بأثر مباشر على الوقائع اللاحقة لنفاذه، وهو لم يخالفه أيضا ومن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ صدر استنادا لهذا السبب يكون قد خالف حكم القانون ومشوبا بالانحراف بالسلطة لتغوله على إحدى الحريات العامة بما لا يحقق المصلحة العامة. وأكدت المحكمة أن حرية التظاهر السلمي أضحت من حقوق الإنسان العالمية بحسبان أنه فرع من فروع حرية الاجتماع وإحدى وسائل التعبير السلمي عن الإرادة الجماعية للمشاعر المشتركة للمواطنين تمارس في الطريق العام تنفيسا عما يختلج في نفوسهم للضغط على الحكومة كى تفتح عينيها على مصالح مشروعة لم تكن تراها أو كانت تتجاهلها لأسباب أو أهواء أو ظروف لتتوافق سياستها مع الأحاسيس العامة للجماهير، فهي تتظاهر للتنفيس عما تعانيه من بؤس اقتصادي عجزت السلطة عن معالجته أو للضغط عليها لتتبنى سياسات أكثر فعالية وأقرب عدالة تضمن الأمن في المجتمع خاصة حينما يكون تهديد المخاطر للمواطنين يفوق قدراتهم فيصبح الاحتماء بالدولة وسلطاتها امر لا مفر منه. وأوضحت أنه إذا كان حق التكلم هو بداية الحرية فإن ضرورة إصغاء الدولة -بحق- هو جوهر تلك الحرية على نحو أضحت معه حرية الرأي خاصة في المظاهرات السلمية من أدوات إصلاح الحكم، ذلك أن الحكم الرشيد الذي يبغي الخير للوطن متجردا عن المكاسب الشخصية والأمجاد الزائفة هو الذي يدعم تلك الحرية ويحرص على ممارسة المواطنين لها للتعرف على رغباتهم وسبل تحقيقها ليكون عمل السلطة مطابقا لهذه الرغبات وتلك الامال التى تجيش بها النفوس فتعبر حينئذ – بحق – عنهم وتعد ممثلة للشعب الذى تمارس السلطة نيابة عنه. وأشارت إلى أن الحرية تؤدي دورا هاما في رقابة الشعب على حكامه فهي التي بها يتسنى للمحكومين الإخبار والتعليق على تصرفات المسؤلين وهو ما يكفل لهم سلامة تصرفات حكامهم لانهم سوف يكاشفونهم بكل سوءة من سوءاتهم فيضطرون الى احترام النظام والقانون او يعاندون فيسقطون فينزوى العيب وتظهر المصلحة العامة وتزدهر وبغير ذلك لا يبدو للشعب من دور فى متابعة حكامه والزامهم سبل الهدى والرشاد.