على شبكات التواصل الاجتماعي ، احتدم الجدل حول كيفية قراءة المقاطع التي بثتها شبكة رصد للفريق السيسي ، والتي ادعت شبكة رصد أنها مُسربة ويرى البعض أنها مُفرج عنها وبعيداً عن هذا الجدل وعن تفسير المدرسة المتأسلمة لتلك المقاطع عبر ذهنية تُسيطر عليها الأجهزة التناسلية، والتي لم تُروج سوى القول الضاحك للفريق بأن المتحدث الرسمي العقيد أحمد علي وجه " جاذب للستات " ، فالمقاطع تصلح لتدشين حملة دعائية للفريق أول إن استجاب لرغبات الشارع المتزايدة والتي تطالبه بالترشح للرئاسة ، فهي تحمل خمس رسائل على قدر كبير من الأهمية : اعتراف صريح بثورة يناير : من رجل بالأصل مخابراتي يجلس وسط رفاقه ، فيقول " الحالة التي أوجدتها الثورة " وعليه فهي ليست "مؤامرة" ، وهو رد حاسم على بعض الأصوات الناهشة التي تعالت بإعلام ما بعد ثورة يونية ، وهو اعتراف يتسق فعلياً الأن مع توزيع محطات وقود "وطنية" لأعلام مصر وقد كُتب عليه "25 يناير" ، وبناء عليه فلا تراجع عن ثورتي المصريين . لم يكن لديه نية مُبيتة : للتحرك ضد مرسي وتولي السلطة ، فالفريق السيسي يخاطب رجاله " ده لسه في برلمان جاي وممكن البرلمان ده يطلب استجوابات " لكن الشعب كان له رأي أخر فتحرك الجيش ، مما يتنافى مع ما يُروجه يتامى المعزول عن حياكة المؤسسة العسكرية لمؤامرات كونية ضد الإخوان إمعاناً في تقمصهم لدور الضحية الذي لم يُتقنوا أبداً غيره . هو لا يُميز العسكريين : فحينما قال " لازم يا مصريين تتعودا ، وانتوا تبدأوا يا جيش ، انك تاخد خدمة ، تدفع تمنها " ، فهذا حديث لا ينم إلا عن عقلية تتناقض تاريخياً بقوة مع الموجة التي دفعت بتمييز طبقة العسكريين في أعقاب ثورة يوليو ، وتتناقض بقوة أكبر مع هواجس "حكم العسكر" القادمة من الميدان الثالث والمُدعمة عبر هتافات المحظورة وذراعها الدعائي بالدوحة . يُتقن التخطيط المُحكم : فعلى الصعيد الإعلامي قال " بتاخد وقت طويل عشان تمتلك حصة مناسبة في التأثير إعلامياً واحنا شغالين في ده أكيد ، وبنحقق نتايج أفضل لكن اللي احنا عايزينه لسه موصلنلهوش " وهذا هو الفارق بينه وبين المجلس العسكري السابق الذي اعتمد على نشر صور بكل الشوارع لجندي يحمل رضيعاً مدنياً ، فكان ذلك درباً من كوميديا سوداء دعمت هتاف "يسقط حكم العسكر" . في النهاية ، أرى أن الرسالة الأهم في تلك المقاطع تكمن في سخرية السيسي من الثرثرة بالهواتف " عمر البلاد ما تكبر ويبقى لها إرادة عمل وقتال بالطريقة دي "، هذا الحديث وثيق الصلة بما فعله بعد ذلك بشهور بأصحاب الشعارات الجوفاء والثرثرة السياسية التي كادت تودي لاقتتال أهلي ، فتحمل هو كقائد للمؤسسة العسكرية "نيابة عن الشعب" قرار مواجهة الفصيل الأكثر تنظيماً على الأرض ، هذا قائد يؤمن فقط بالفعل لا بالثرثرة ، رجل يؤمن بأن علامة رفع الفاعل هي الضمة في وطن عجز عن قيادته مجرور من جماعته بالكسرة !!