قال الدكتور محمود عزب مستشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، أن الازهر وجد في ثورة يناير فرصة سانحة ليبرز له دورا وطنيا في اللحظات الفارقة في المنطقة والامة ، فكان له في التاريخ الحديث هذه الوقفات في حملة بونابرت على مصر كان المحاور والمناقش حتل رحل الغزاة ، وكان شريكا في صناعة نهضة مصر، وكان الأزهر على رأس أول بعثة لتحديث مصر الأزهري رفاعة الطهطاوي الذى ترجم وعرّب كتبا كثيرة. وفى ثورة 1919 عندما جاء القس سرجيوس الى الازهر ورفع شعار “الدين لله والوطن للجميع” وفى حرب 1956 لم يجد الزعيم عبد الناصر الا منبر الازهر وكان من وراءه مسلمى وأقباط مصر . وأضاف “عزب”، خلال مؤتمر “صيانة العيش المشترك في العالم العربي”، الذى ينظمه الفريق العربي للحوار الاسلامى-المسيحى ، وافتتح مساء أمس السبت بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة ويستمر حتى غدًا الاثنين ، ان اللحظة التي نعيشها اليوم عندما كان ميدان التحرير كما كانت مصر بلا اى غطاء امنى ولم يحدث اى اشتباك او تصادم وكان النظام السابق البائد يوهم انه الضمان الوحيد لامن مصر . وشدّد “عزب”، على ان الازهر انطلق مع الثورة ازهرًا جديدًا، فالأزهر في هذا العهد الجديد بعقلية جديدة وعودة جديدة، الازهر يؤمن بالحوار وقد يكون الدين جزء من الحوار فالعقيدة ليست جزء من الحوار، فنتحاور حول القيم العليا المشتركة سواء في ادياننا السماوية او غير السماوية . وقال “عزب ” ان الازهر نجح في جمع كل المتناقضين نجاحا رائعا، الذين لا يجتمعون ابدا ، من خلال وثائق الازهر التي اتفقوا على حب ومرجعية الازهر كمرجعية حضارية من جانبه، وضع الأنبا “موسى”، أسقف الشباب، أربع أساسيات للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، أولهم نشر وسطية الاسلام، من خلال دور الأزهر الشريف، متمنيا ان يكون هناك برامج توعيه للأطفال والكبار تتحدث عن صحيح ووسطية الاسلام وسماحته فالمسلم هو من سلم الناس من يده ولسانه. والأساس الثاني هو الايمان بالتنوع والوحدة، متمنيا ان يكون هناك مرجعية واحدة للكنائس في مصر، وكذلك الأزهر بان يكون هناك تنوع وخصوصية في ذات الوقت مشيدا بالشيخ الطيب، شيخ الجامع الأزهر ، الذى يدعو اطياف المسلمين المختلفين ليكون شركة في الفكر والروح ونعلى قيمة المحبة والسلام . اما الأساس الثالث فهو انتقال الحوار الإسلامي المسيحي من النخبة الى الشعب، ويرى الشعب المساحة المشتركة للمسيحين والمسلمين حول الاله الواحد والفضائل وقصص المحبة بين كافة اطياف المجتمع من خلال وسائل كثيرة مثل برامج تلفزيونية او كتيبات صغيرة، فشعبنا يريد ان يتعلم من خلال ادوارنا المختلفة. والأساس الرابع هو الايمان بدور الاغلبية الحاضنة للأقلية، مشيرًا الى زيادة معدلات الهجر في مصر التي ارتفعت ثلاث اضعاف عن كل عام، فالجميع يبحث عن عيش افضل داعيا الاغلبية ان تحتضن وتطمئن الاقلية. لنكون كلنا شركاء في هذا الوطن. وأكد الأب “بولس روحانا”، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الاوسط، على ان العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين كان منذ تأسيس المجلس في عام 1974 وحتى الان من المكونات الاساسية لهذا المجلس الذى هو بيت المسيحيين والمسلمين على حد سواء، العيش معا بين المسيحيين والمسلمين ليس مسألة محض برجماتية تمليها عليهم ظروف سياسية أو اجتماعية متبدلة ، العيش معا في منظار المؤمنين الخاضعين لله هو دعوة ورسالة لبناء انسانية يشارك في تشيديها المسلمين والمسيحيين في ضوء ايمانهم المشترك بالألة الخالق الواحد. وقد اسمهت تلك الاختلافات في والتباينات في بلبلة العيش المشترك، في جدالات عقيدية التي يجب ان نتركها لحكم الله في يوم القيامة، داعيا ان نبحث عن المساحات الدينية والقيمية بين المسيحيين والمسلمين ، فباسم الكرامة الانسانية المشتركة يمكنا ان نصون العيش المشترك بين المسيحين والمسلمين، فبفعل تلك الكرامة يبدو الانسان كونا مصغرا بحيث يصبح مسؤولا ومؤتمنا على الكل لأنه يحمل الكل. وتساءل القس الدكتور رياض جرجور، الأمين العام للفريق العربي للحوار الاسلامى-المسيحى، عن ما الذى يضمن لنا في المنطقة العربية استمرارية العيش المشترك ، ينبغي على المساواة ويعطى لكافة المواطنين حقوقهم ، مشيرًا الى أن ما يؤسس هذا العيش المشترك هو ممارسة الحوار الاسلامى-المسيحى على صعيد الحياة المشتركة باستمرار وصدق. وان يكون هذا الحوار لا على ظروف تكتيكة عابرة تتغير بمتغيرات الظروف بل على متطلبات ايمانية راسخة ، وما يؤسس لانتمائنا الواحد في المواطنة وولاءنا لها كي يصبح جميع الناس متساوين في الحقوق والواجبات والكرامة . وطالب الدكتور “خالد زيادة”، سفير لبنان في مصر، بإعادة النظر في مفهوم العلاقات المسيحية-الاسلامية في مسألة العيش المشترك ، سيما بعد المخاوف التي اثارتها الثورات والانتفاضات في مصر وسوريا. وان فنرى كتلا ثابتة تحتاج الى التواصل والمجتمعات التي تصيبها الثورات تفترض صورة متحركة فنحن بحاجة الى كتلة تاريخية وليست جامدة وينبغي ان نصل الى لحظة الى كتلة تاريخية شعارها الوطنية وليس الحوار بين المسيحي والمسلم ، فالعيش المشترك يواجه تحديات ولابد ان نعيش المخاض فكل ثورة او تغيير يحتاج الى فترة انتقالية فالعلاقات الاسلامية المسيحية يجب ان نعيد صياغتها بما يتجاوز الهواجس وفكرة العيش المشترك .