"لا تراجع ولا استسلام" شعار طرفي الصراع المحتدم في مصر الآن، وهما الإدارة المؤقتة للبلاد وجماعة الإخوان المسلمين، يتحصن به كل طرف لعدم التنازل أمام الطرف الآخر؛ إذ يعتبران أن التنازل بمثابة "انتحار سياسي"، بحسب خبراء. غير أن طول أمد هذا "العناد" وسط تحديات وضغوط داخلية وخارجية قد يؤدي إلى حلحلة في الموقف، وليس تغيرا جذريا، تتمثل في الوصول إلى مربع توافقي وإن لم تتضح معالمه بعد. وتتمثل أبرز هذه التحديات والضغوط بالنسبة للإدارة المؤقتة في الضغط الحقوقي على خلفية وقوع عدة حوادث قتل فيها أنصار لمرسي، فيما تتمثل بالنسبة لجماعة الإخوان في إطالة أمد الاعتصام مع استمرار الإدارة المؤقتة في تنفيذ خريطتها على الأرض لإعادة صياغة الحياة السياسية في البلاد. وتتمسك الإدارة المؤقتة للبلاد، ومن ضمنها الجيش، بتنفيذ خريطة الطريق التي أعلنها وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، في 3 يوليو الجاري، والإعلان الدستوري الذي صدر في 9 من الشهر ذاته، وتضمنا تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور، رئاسة البلاد مؤقتا خلفا للرئيس المقال محمد مرسي، وتعطيل الدستور مع تشكيل لجنة لتعديله، ثم انتخابات برلمانية تعقبها انتخابات رئاسية في غضون 9 أشهر. بينما تتمسك جماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي باستمرار الاعتصام في ميداني رابعة العدوية، والنهضة، وعدم القبول بأي مفاوضات قبل عودة الرئيس السابق إلى منصبه ليقرر هو الخطوة التالية. مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة والأمريكية، استبعد تراجع أي من الأطراف السياسية عن موقفه، سواء القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية، أو مؤيدي مرسي، في الوقت الحاضر، لكنه توقع في الوقت نفسه أن يكون هناك فرصة "لإعادة الحسابات" بعد فترة من الوقت، وذلك سيكون وفق تغيرات المشهد الحالي. وتوقع كامل أن يكون هناك تخلٍّ عن بعض الشروط الحالية لدى كل طرف والتي سماها ب"المستحيلة" خاصة بعد تصاعد الأحداث التي ستفرض على كل طرف على حدة. متفقاً معه، اعتبر الكاتب الصحفي والمفكر الإسلامي فهمي هويدي أن "الأطراف السياسية في المشهد الحالي لم تصل بعد إلى المرحلة التي يرون فيها حتمية للتراجع، رغم ما يحدث من أعباء حالية على كل منهما، حيث إن الإخوان يواجهون أعباء تتعلق باستمرار الاعتصام في شهر رمضان، لكنهم مستمرون دون تراجع لاعتقادهم بأنه ورقة يمكنهم الضغط بها على الطرف الأخر". لكن محمد صفار، مدير مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بجامعة القاهرة، اعتبر أن "هذه الأعباء بمثابة عامل مساعد على التمسك بالمواقف ولو مؤقتا، حيث يؤمن كل طرف بأن الحشد في الميادين حالياً معيار لحصد مكاسب في السلطة، وهو ما يفسر المليونيات المتكررة والتي من المتوقع أن تستمر الأسابيع المقبلة". صفار قال إن "الحديث عن المفاوضات والمساومات ليس مؤشرا على التراجع"؛ لأنه قد يكون في إطار "الحرب النفسية التي يستخدمها كل طرف ضد الآخر، كأن يكون القائمون على الفترة الانتقالية يحاولون تفتيت عضد المعتصمين أو يكون الإخوان يحاولون الظهور بمظهر القوي الذي تطالبه القوى الأخرى بالتفاوض في إلحاح".