لا يخفى على أحد سعي ترامب لفرض نظامه الفاشي على العالم وخاصة فى المنطقة العربية والإسلامية، ويتخطى بقراراته الكثير من المسلمات الأممية، ويتوافق مع نتنياهو فى سياسة حرق الأرض والبشر، ويمضيان بإصرار نحو إصابة سكان العالم الحر بصدمة نفسية، من خلال الممارسات القمعية والوحشية فى حرب غزة، ويسعى ترامب إلى طمس المشاعر الإنسانية وموت الضمير العالمي بفرض عقوبات على قضاة محكمة العدل الدولية، أو بإلغاء المنح الدراسية للطلاب الثائرين، أو الوقف عن العمل للمعارضين لحرب غزة. ويعكس خروج الحشود فى أستراليا وفى بريطانيا حتى فى واشنطن مدى قوة الصدمة النفسية إزاء مجازر تنتهك شعبا أعزل، ولأول مرة يظهر هذا الكم الهائل من الحشود فى العصر الحديث تعلن بعدم القبول بنظام دولي لا يرغب فى السلام، ويزيد صدمة العالم الحر العرض العسكري الضخم فى الصين، والذي اعتبره ترامب بمثابة تهديد لأمريكا، وأوروبا تراه تحديا للنظام العالمي. واجتمعت تلك الحشود على قلب واحد تنكر النظام العالمي الجديد بكل أطرافه، والسؤال هل تعد أصوات شعوب العالم الحر إنذارا بسقوط هذا النظام العنصري؟ ووسط هذه المأساة الحديثة يهل علينا مولد الرحمة، وقد بعث الله الرسول فى فترة عاشت حروبا دامية من الفرس والروم وعلى الطرف الآخر الغزو الساساني للقدس فى عام 614، وهو ما رصده الكاتب "خوان كول" فى كتابه "محمد رسول السلام.. وسط صراع الإمبراطوريات". وكأن خوان كول يقول ما زالت رسالة النبي محمد تدعو للسلام بين صراع الإمبراطوريات الحديثة، وستبقى رسالة تطرح البديل للعنف على مدار الزمن، وتقوم فكرة الكاتب حول اشتعال حرب كبرى بين الرومان والساسانية تسببت فى إصابة الشرق الأدنى بالرعب، ويتزامن ذلك بظهور النبي فى شبه الجزيرة العربية، ويأخذ النبي منحى جديدا، ويبني مجتمعا دعائمه السلام، وقبل بعثته كانت القبائل العربية منخرطة مع أحد طرفى الصراع، ثم ينفى الكاتب أن الرسول نشر رسالته بالعنف والحرب. وأقر خوان كول أن النبي فى كل دعواته يؤكد على السلام، ويرجع هذا إلى أن السلام الطريق الوحيد لتحويل مجتمعاتنا إلى جنة على الأرض، ويسرد فى عرض دلائل السلام فى رسالة الإسلام، وكتب أن النبي دائما ما كان يحث على العفو، وتنحية الخلافات والنعرات القبلية، ويضيف بقوله دعوة النبي للعفو على النقيض بما نعرفه نحن الغرب عن الإسلام، وقد يكون إقرار كول بدعوة محمد للسلام بعد قراءته لوصايا الرسول لصحابته عند الحرب، وأوصاهم بألا يقطعوا شجرة ولا يقتلوا طفلا أو امرأة أو شيخا.