الغبي من لا يتعلم من أخطائه، هكذا قال حكماؤنا، والمتغطرس يرفض البتة أن تصوبه نحو الطريق الصحيح، وكثيرا ما نصطدم بهؤلاء الأغبياء فى مشوار الحياة، ومن أشهر الأشخاص غطرسة وغباء فى عالمنا الحاضر ترامب وحليفه نتنياهو، وقد لا يختلف عليهما اثنان، أوقعا بلادهما فى عواقب وخيمة ويعتبرونها فتحًا عظيمًا، وفور وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل صوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة لأجهاض عزل الرئيس دونالد ترامب بتهمة "إساءة استخدام السلطة"، وهذا على خلفية شنه ضربات عسكرية ضد إيران دون الحصول على إذن مسبق من الكونجرس، ولم يكن الإجراء الأول لعزل ترامب، وهو إنعكاس عن حالة قلق لدى العديد من الديمقراطيين تجاه إدارته، لا سيما بعد الهجوم المفاجئ على المنشآت النووية الإيرانية، الذي اعتبر مغامرة محفوفة بالمخاطر للتدخل فى شئون الشرق الأوسط. وتتوالى تصريحات ترامب بعد فشله ليبرر غرور وغطرسة قرينه نتنياهو، ودائما ما تبدو كالشىء ونقيضه، وتعكس شخصية صاحبها وتخبطه. ويحاول ترامب لملمة جراح نتنياهو البالغة، وأن إسرائيل لن يكون بوسعها تحمّل ضربات مرتدة شديدة أكثر من ذلك، التي لم تشهد مثيلاً لها منذ إنشائها، واستحضار ترامب الاتفاق بين الهند والباكستان ما هو إلا تبرير للنزول عن شجرة الغطرسة، وسرعان ما استيقظ نتنياهو على حرق وقتل ضابط وسبعة جنود على حافلة إسرائيلية، وبرغم ذلك يستمر فى التهديدات وتغليظ "حنجورته" ضد غزة، التي أكد العديد من الخبراء أن حكومته فشلت وتوحلت فى غزة، لكنه يزعم أن جيشه "رد الصاع صاعين"، وتعهد بمواصلة الحرب ضد المحور الإيراني والقضاء على حركة حماس، واستعادة الرهائن المحتجزين فى قطاع غزة، سواء أحياء أو أموات، وتغافل عن جنوده الأربعة الذين أسرتهم حماس فى الساعات الأخيرة. وبسبب خطورة الغباء كان اهتمام العلماء والباحثين وتناول المؤلف "كارلو ماريا" الاقتصادي الإيطالي فى كتابه المثير تشريحا للغباء، ونشره تحت عنوان "القواعد الأساسية للغباء البشري". ويعرض كارلو تأملات فلسفية وساخرة عن الغباء البشري وأثره الهائل على العالم، ويعلن عن صدمة للقارئ مفاداها أن الأغبياء يسببون خسائر للآخرين ويكسبون أقل مما يخسرون، وقد لا يكسبون شيئا، ويزيد الكاتب فى رعب القارئ ويصور الأغبياء بأنهم أكثر خطورة من الأشرار على المجتمعات. وأشارت صحف عالمية إلى استغلال نتنياهو لغباء ترامب ومحاولة إغراق أمريكا فى حرب ستخرج منها خاسرة. وأوضحت مصادر إيرانية أنها لم تستخدم كل إمكاناتنا العسكرية حتى لا تطيل أمد الحرب. وفى اجتماع حلف الناتو الأخير، الذي حضره ترامب أصر الجميع على وقف الحرب بشكل نهائي، إضافة إلى ضرورة وقف إطلاق النار فى غزة. وفى الخاتمة، لابد من القول أن الغباء أسقط أباطرة ودول عظمى.