قبل زيارة الرئيس دونالد ترامب للخليج نشرت مدونة دورية "فورين أفيرز" مقالا لأحد أهم كتابها المتخصصين فى شئون الشرق الأوسط، وهو مارك لينش (مدير معهد دراسات الشرق الأوسط وبرنامج دراسات الشرق الأوسط، وزميل أول غير مقيم فى مركز الأمن الأمريكي الجديد)، وأتصور أن المقال، كان موضوعيا إلى حد كبير، ويحمل إجابات أقرب للحقيقة عن هذه الزيارة، على الرغم من أن الكاتب غربى: – يرى لينش أنه بعد مرور مئة يوم على إدارة الرئيس ترامب الثانية، يشعر القادة والرؤساء العرب بالحيرة والقلق، حيث تبدو سياساته فى الشرق الأوسط مشابهة لسياسات سلفه بايدن، وهو أمرٌ مُفاجئ بالنظر إلى مدى جذرية الإدارة الجديدة فى تغيير الحكومة الفيدرالية وتغيير التحالفات الأمريكية الأساسية، وسياسات ترامب تجاه غزة واليمن اللتين مزقتهما الحرب، على سبيل المثال، هي فى جوهرها نسخٌ أكثر وحشيةً وأقل تحفظًا من تلك التي انتهجها بايدن. – يخشى القادة العرب من نهاية اللعبة التي تخطط لها إسرائيل (وترامب) فى غزة والضفة الغربية.. فى شهر فبراير، اقترح ترامب طرد أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون فى غزة "مؤقتًا" وإعادة توطينهم فى أماكن أخرى (ربما مصر والأردن) حتى يتمكن من تحويل المنطقة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".. التدفق الكبير لسكان غزة من شأنه أن يزعزع استقرار أي دولة عربية تستقبلهم. – تخشى قطر أن تصبح كبش فداء للمفاوضات الفاشلة بين إسرائيل وحماس، حيث يلقي نتنياهو باللوم على إخفاقات سياسته.. وتخشى الإمارات العربية المتحدة من أن تكلفها واشنطن بتمويل إعادة إعمار غزة، وتخشى جميع الحكومات العربية من أن تؤدي الحرب التي لا تنتهي إلى تطرف سكانها. – هناك احتمال كبير ألا يُنجز ترامب الكثير خلال زيارته، باستثناء إبرام بعض صفقات الأسلحة، لكن عليه أن يسعى إلى إنجاز شيء عظيم، عليه أن ينتهز الفرصة ليُعلن بوضوح عن نيته فى إبرام اتفاق نووي وسياسي مع إيران.. من شأن مثل هذا الاتفاق أن يستغل انتكاسات طهران المؤقتة، ويُدمج إيران فى رؤية جديدة للنظام الإقليمي.. من شأن الاتفاق أن يتماشى جيدًا مع المزاج الإقليمي من خلال تقليل خطر حرب إسرائيلية مع إيران؛ وتطبيع العلاقات الإيرانية مع الخليج؛ وكبح جماح حلفاء إيران فى جميع أنحاء المنطقة، بما فى ذلك حزب الله والحوثيين والمتمردين الأسديين الناشئين فى سوريا.. إذا توصل ترامب إلى اتفاق يشمل أكثر من مجرد البرنامج النووي الإيراني، فيمكنه الادعاء بأنه حقق صفقة أفضل مما حققه الرئيس الأمريكي باراك أوباما. – ضبط النفس الذي يتبناه ترامب تجاه إيران اقترن بدعم كامل للحملات العسكرية الإسرائيلية، ويبدو أن إدارته تقبل طموح إسرائيل لإعادة تشكيل النظام الإقليمي بالقوة العسكرية.. وإذا كان ثمن موافقة إسرائيل على اتفاق نووي مع إيران (بدلاً من مهاجمة المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية من جانب واحد) هو أن تأذن الولاياتالمتحدة باستكمال تدمير غزة، وربما ضم الضفة الغربية، فإن الآثار المستقرة لأي اتفاق مع إيران ستكون قصيرة الأجل.. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يرتكز أي اتفاق جديد مع إيران على نظام إقليمي مُعاد تشكيله، ويشمل كحد أدنى وقف إطلاق نار دائم فى غزة، وتدفقًا كبيرًا للمساعدات الإنسانية إلى القطاع، ومسارًا معقولًا نحو إقامة دولة فلسطينية، يصعب تصور ذلك، بالنظر إلى طبيعة موظفى هذه الإدارة وعملياتها السياسية وتفضيلاتها. – لقد قوّض (ترامب) بشكل جذري القوة الناعمة الأمريكية والوجود الأمريكي غير العسكري فى المنطقة من خلال تقويض قدرة الحكومة الفيدرالية على تنفيذ السياسات، وإغلاق الحدود الأمريكية، وتقليص المساعدات الخارجية، وإغلاق مؤسسات الدبلوماسية العامة. – إذا كان ترامب يريد حقًا كسر الحلقة المفرغة من فشل السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، فإن هذه الزيارة إلى الخليج ستكون الوقت المناسب للبدء.