تحول موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» على شبكة الإنترنت من وسيلة للتواصل والدردشة مع الأصدقاء إلى ما يشبه «الجمهورية المستقلة» بكل إيجابياتها وسلبياتها. وبالطبع.. هناك فارق كبير بين الجمهوريات المستقلة على أرض الواقع.. حيث شعب متجانس إلى حد ما يجمعه مكان واحد «أرض» ويتخذ له شعار «العلم» ويهدف إلى العيش معًا فى سلام واستقرار، بينما جمهورية الفيس بوك.. افتراضية لا تجانس بين المشتركين معًا ولا هدف سوى المتابعة والدردشة.. وقد لا يعرف بعضهم البعض إلا من خلال «الشات»!.وهناك أدوات أخرى للتواصل على شبكة الإنترنت مثل «الإميل» ولكنه محدد الغرض حيث يميل إلى التواصل الوظيفى، وكذلك «الواتس آب» ويعتمد على أرقام التليفونات ويمكن التحكم فيه.. وكذلك الانستجرام وتويتر.. ولا علم لى بهما!. وكما قلت من قبل هناك إيجابيات لا تنكر للفيس بوك حيث يمكنك من متابعة أخبار معارفك من الأصدقاء والزملاء والأقارب والاطمئنان عليهم ومشاركتهم الأفراح والأحزان. كما يكون أحيانًا- من الحيطة والحذر- مصدرًا للأخبار العامة، حيث بدأ بعض المسئولين فى «تشيير» ما يقومون به من أنشطة داخلية وخارجية وأيضًا، ونظرًا لانتشاره فقد اتخذته بعض الشركات الكبرى كوسيلة إعلانية مضمونة للوصول للمستهدفين للترويج لأنشطتها أو منتجاتها وخاصة الشركات العقارية وشركات السيارات. ولكن مشكلة الفيس بوك.. هى عدم وجود رابط أو ضابط لما ينشر به، حيث إنه عبارة عن صفحات شخصية للمشاركين فيه.. يكتب كل منهم ما شاء له على صفحته سواء كان ذلك لأحداث شخصية أو إعلان عن رأيه فى قضية مثارة فى المجتمع.. وذلك خلافا للمواقع الإخبارية المعروفة والمشهرة والتى تحكمها المهنية إلى حد كبير، فضلًا عن المسئولية الأدبية والجنائية للمشرفين عليها أو العاملين فيها. وعلى سبيل المثال.. هناك بعض المواقع أو الصفحات المجهولة كثيرًَا ما تنشر أخبارًا كاذبة عن وفاة بعض الفنانين مصحوبة بصورة لمجموعة من الأشخاص يحملون نعشًا على أكتافهم ووجوههم مكتسية بحزن شديد ولا مانع من نشر صورة لمجموعة من الفنانات يرتدين الملابس السوداء!، وقد تكرر ذلك كثيرًا- للأسف- مع الفنانين الكبيرين عادل إمام وصلاح السعدنى.. وهو ما أزعج أسرهما ومحبيهما كثيرًا. بل أحيانًا ما تستدرجك بعض الصفحات من خلال نصائح طبية أو غذائية أو بقواعد فى أتيكيت التعامل وعندما تدخل على الصفحة من خلال الرابط الموجود تفاجأ بدعاية فجة لبيع المنتجات أو الأنشطة.. أو أن الموقع إباحى ينشر صورة مستفزة ومزعجة للممارسات الجنسية!. وقد يرى البعض أن مواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت.. هى إحدى المستحدثات الجيدة لما يسمى «بإعلام المواطن» وهو الشخص الذى لا يتخذ الإعلام مهنة أساسية، وإنما لديه الرغبة والقدرة فى التواصل مع الآخرين من خلال النشر والتعريف بالأحداث أو التعبير عن الرأى، أو نشر صورة مجتمعية إيجابية وأخرى مرفوضة. بل أحيانًا ما يكون «متنفس» للإعلاميين المحترفين الذين ضاقت عليهم أماكنهم الأصلية ومنعوا من التعبير عن رأيهم فيها.. سواء لأسباب شخصية ومنها الخلاف مع رؤسائهم فى العمل أو لأسباب موضوعية تتعلق بالسياسة التحريرية للوسيلة الإعلامية. وهى وجهة نظر لها وجاهتها.. وصحيحة إلى حد كبير.. ولكن نقطة الخلاف هنا أنه لا قواعد ولا ضوابط ولا سقف لما ينشر على الفيس بوك.. بل كثيرًا ما يضطر البعض منا لإغلاق تلك المواقع أو الصفحات بعمل «بلوك» لها تأذيًا مما ينشر عليها وحفاظًا على البقية الباقية من الأعراف والتقاليد المجتمعية التى ورثناها عن الآباء والأجداد والتى تراعى الخصوصية وحماية النشء ومراعاة الآداب العامة. أما «الهرى» أى الكلام الكثير المعاد على الفيس بوك فحدث ولا حرج، ولست متأكدًا من فيهما سبق الآخر فى ذلك.. برامج التوك شو على القنوات الفضائية.. أم مواقع الفيس بوك؟! وفكرة «الهرى» هنا أن تمسك موضوعًا معينًا وتحكى فيه كثيرًا.. بكلام لا يعتد به وأفضل ما يوصف به أنه مضيعة للوقت وإهلاك للجهد، والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى منها مثلًا حكاية «السجادة الحمراء» وكذلك قضية الشاب إسلام جاويش.. وأخيرًا هزيمة النادى الأهلى لنادى الزمالك فالذين هاجموا رئيس نادى الزمالك أكثر من الذين أشادوا بفوز النادى الأهلى!. وحاليًا هناك «هرى» كثير لا يخلو من بعض الفائدة بالنسبة للأخ عمرو خالد الملقب بالداعية الإسلامى العصرى! والذى يستهدف تجنيد الشباب لعمل الخير بينما يجندهم لمتابعته تمهيدًا لتسليمهم لآخرين ليقنعوهم بالانضمام إلى جماعات دينية متطرفة!. والسبب فى ذلك أن البعض من أولى الأمر منا ضم هذا «الخالد» الذى لا يرغب فى الاختفاء عن الأضواء إلى «مبادرة أخلاقنا» أى دعوة المجتمع مع التركيز على الشباب للعودة إلى الأخلاق الحميدة التى سادت مجتمعاتنا من قبل. وأنا لا أريد أن أظلم الأخ عمرو ولكن أعتقد ومن زمن طويل أنه يجيد التمثيل المزيف.. وهو نفعى لأقصى درجة، كما أنه «واجهة» لأشياء أخرى يعلمها غيرى أكثر منى!. هذا «رأيى» فى جمهورية الفيس المستقلة، ومع ذلك فأنا متابع جيد لما ينشره بعض الأصدقاء على صفحتى.. وخاصة ما ينشره صديقى المذيع المغترب فى أمريكا من رسوم جميلة بريشته الخاصة، وأيضًا اختيارات الصديقة الشاعرة نهال القويسنى لمناظر طبيعية ساحرة، والأشعار التى يختارها زميلى مجدى كامل الكاتب الصحفى بالأخبار، والمتابعة السياسية لزميلى جلال نصار رئيس تحرير الأهرام ويكلى، وحكايات ونوادر الصحفى المجتهد محمد صلاح الزهار، وأيضًا «أسلوب» الزميل سليم عزوز رغم اختلافنا السياسى.. وما تنشره الزميلة خيرية شعلان من إبدعات زوجها الزميل رجائى المرغنى.. وغيرهم.. وغيرهم.. وهم كثر. والخلاصة أن الفيس بوك.. ممكن يبقى نقمة وممكن يبقى نعمة.. وكل باختيارك. أما الذين يهاجمون غيرهم أو يشهرون بأماكن عملهم.. فهؤلاء قليلو العقل والدين.. ولا نملك غير الدعاء لهم بالشفاء العاجل!. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» صدق الله العظيم.