جنيه وبيلف على الكل.. عبارة سمعتها من سائق تاكسى أثناء حديثه فى التليفون.. تشابهت مع المثل الشعبى «الموت كاس وداير على الناس»، والطريف أنه يجمعهما رابط مشترك وهو لا حيلة ولا شفاعة فى الرزق ولا فى الموت.. ويشير إلى مدى ذكاء وروح الدعابة العالية فى الشعب المصرى.. والدلالة الجميلة فى عبارة السائق أنه مهما حاول أحد أن يكنز الجنيه لحين فلابد أن يطير لغيره أو يمنع وصول الحق لصاحبه ولكن فى النهاية حتمًا سيأتى من يأخذه أو يضيعه فى أتفه الأشياء.. ويحضرنى هنا ما هو مضحك ومحزن معًا أن أحد أثرياء العرب اشترى تيسا ب 13 مليون ريال سعودى.. وعربى آخر اشترى «بانيو» بمبلغ 6 ملايين درهم لأنه مصنوع من حجر كريم ونادر.. وثالث اشترى ملابس داخلية مستعملة للاعبة تنس معتزلة ب 30 ألف دولار.. وثرى برتغالى قبل وفاته لم يجد من يوصى له بثروته ففتح دليل التليفونات واختار 70 اسمًا بشكل عشوائى وسجل الوصية لهم.. وأصابهم الذهول ولم يصدقوه.. وياما فى الجراب من أغنياء سفهاء وبخلاء حقراء. نعم «اللى معاه قرش يساوى قرش» والفقير متضمنًا مع الغنى فى أحلامهما بأن السماء ستمطر على رأسهما ملايين العملات الصعبة والمحلية.. وتغافل الجميع أن المال ليس غاية بل وسيلة لقضاء الحاجات، وللأسف تربع الجنيه فى عقولهم وطرد كل شىء جميل وظلموا وطغوا وأفسدوا فى الأرض.. فهذا قارون الذى بلغ ثروته إلى حد يعجز الرجال الأقوياء حمل مفاتيح كنوزه ولكنه أفسد وتطاول على العباد ونسى المنعم وبث الفتنة بين العباد فكانت نهايته الخسف، ولقى نفس المصير صاحب الجنتين.. وفى عصرنا الحالى بعض أصحاب الشركات عابرة القارات والمحيطات استولوا على مقادير الشعوب الفقيرة فى مقابل زهيد ويصدرون إليهم السموم والمنتجات الفاسدة.. وكان فى الانتظار سوء عاقبتهم انهيار للعديد من شركاتهم بسبب التلاعب فى البورصات العالمية، وتشتعل الصراعات بين الدول الكبرى فالصين وروسيا من جهة وأمريكا وأوروبا من جهة أخرى.. ثم نسمع دولا كبرى وأثرياء يخسرون المليارات نتيجة هبوط سعر البترول.. حتى ذهب بعض الباحثين إلى أن من أهم أسباب الحرب العالمية الأولى هو الصراع التجارى والاقتصادى والسباق على اقتسام النفوذ عبر العالم والسيطرة على الأسواق.. إذًا الاحتكار للمال والعبودية هو هدفهم الرئيسى والنهاية الطبيعية هلاك الجميع وزعزعة الاستقرار والأمان.. ومع ذلك لا يتعلم الإنسان من الدروس وحكمة الخالق لأنه جهول، فنجد شاب يلهث ليتزوج فتاة ثرية ويترك قول الرسول (?) «اظفر بذات الدين تربت يداك» ثم يشكو الأمَرّين.. وغنى يصر على عدم إعطاء الأجير أجره كاملا ثم يجد من يسرقه أو أحد أبنائه يضيعه فى ملذاته.. وهؤلاء جميعا دولا وأفرادًا يهربون من حقيقة أن المحيطين بهم لديهم نصيب مفروض من الثروات والمال.. ولا يعنى هذا تحريم الثراء وامتلاك المشروعات والأراضى فالإسلام منح حقوق الملكية الفردية وإعمار الأرض بالسعى والاجتهاد، ولكن إذا صاحبه اليقين بالرضا والشعور بالقناعة فقد أراح باله ونعم بالسعادة والأمان.. فالطمأنينة تتلاشى مع الطمع، فرجل الأعمال «كارل رابيدير» قرر التخلى عن ثروته لأنها لم تدخل له السعادة إلى قلبه كما ذكر. وتؤكد تقارير المنظمات الدولية مدى ظلم منظومة العدالة الاجتماعية فى العالم، فيقول تقرير منظمة أوكسفام البريطانية إن 1% من أغنياء العالم ثروتهم تعادل ما يملكه العالم، وتناشد المنظمة فى تقريرها قمة المنتدى الاقتصادى العالمى القادم على اتخاذ إجراءات مناسبة لمواجهة عدم المساواة فى امتلاك ثروات العالم.. وأضيف على تقريرهم إلى متى يعبثون بأرواح البشر وصحتهم ويسلبون جهدهم وعقولهم؟ qqq n والسؤال: هل سنرى عالما متحررًا من عبودية المال ونبذ لغة المصالح.. والتعامل بالقانون والشرائع السماوية وتقليل الفجوات الشاسعة بين الشعوب.. لكى يتلذذ الغنى بثروته بدلا من مال يسرق ابتسامته.