أثار قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2254 والخاص بسوريا ردود أفعال متباينة من حيث التفسير وإمكانية التنفيذ والصعوبات التى تجعل من الملف السورى أزمة مستمرة معقدة الأركان ورغم التقارب النوعى فى المواقف بين القوى السياسية الدولية خاصة روسيا وأمريكا وإيران على أهمية حل الأزمة إلا أن هناك تعثرًا واضحًا للتوافق حول مصير الرئيس السورى بشار الأسد ومرجعية التفاوض –فيينا-جنيف– والتوقيت الزمنى لمراحل الحل وتصنيف الفصائل -لكن– يبقى السؤال: كيف سينفذ بند وقف إطلاق النار الوارد فى القرار ومن سيلتزم به فى ظل التواجد الكثيف لكل أنواع أسلحة العالم فى الأجواء الجوية السورية وكذلك تغطية الأرض بمقاتلين وتنظيمات مختلفة من كل دول العالم وهل ستتوقف روسيا عن استخدام القوة ضد التنظيمات المتطرفة ومن يضمن التفرقة على الأرض بين المؤيد للحل السلمى والعناصر المقاتلة مع أو ضد الأسد؟.بات من الواضح أن العملية السياسية التى يتم الإعداد لها فى سوريا حاليا من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2254 بالدعوة إلى وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات سلام قد كرست عجز المنظومة الدولية من خلال الاعتماد على ملفات مؤجلة لم تحسم بعد ولكنها مؤثرة على سير العملية السياسية وآلياتها التنفيذية، ومن بين الصياغات الفضفاضة والغامضة تشكيل هيئة حكم انتقالى فى غضون ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا بعد صياغة دستور جديد تحت إشراف ومراقبة دولية. وترى واشنطن أن وقف الحرب فى سوريا تبدأ بمكافحة تنظيم داعش والحد من تنامى الإرهاب، وحل مشكلة الأسد وتشير بأن وجوده فى السلطة، يتعذر معه توحيد مقاتلى المعارضة والجيش السورى، نظرًا لاستمرار القتال بين الطرفين وقد رد على هذه الفقرة فيصل المقداد الدبلوماسى السورى أنه بعد الاتفاق على الحل يمكن استيعاب الجيش الحر فى الجيش النظامى السورى. وعلى الرغم من الملاحظات التى وردت على القرار 2254 مازالت الشكوك مطروحة وبقوة حول قدرة المجتمع الدولى على فرض تطبيق هذا القرارالذى اتخذه مجلس الأمن مؤخرًا، وهو ما عبَّر عنه وزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر شتاينماير الذى اعتبر أنه «لا تزال هناك صعوبة فى طريق تحقيق السلام فى سوريا وترى بعض الدوائر السياسية المتابعة بأن خطة مجلس الأمن تحتاج من عامين إلى خمسة أعوام لتنفيذها وهناك من يرى أكثر من ذلك وكل التفسيرات تخضع للأجندات والمصالح التى يتم إبرامها بدماء الشعب السورى التى تزهق يوميًا على الطرقات. وكان مجلس الأمن الدولى قد تبنى بالإجماع القرار رقم 2254 حول سوريا والذى يدعو إلى وقف لإطلاق النار وإجراء مفاوضات سلام اعتبارا من بداية شهر يناير المقبل. وفيما يلى أبرز ما تضمنه هذا القرار: وقف إطلاق النار: حيث أكد مجلس الأمن أنه يؤيد وقفا لإطلاق النار على كل الأراضى السورية، وقد اتفقت المجموعة الدولية لدعم سوريا (تضم 17 بلدا وثلاث منظمات متعددة الأطراف على تقديم الدعم له وتعهدت بتسهيل تطبيقه. وسيدخل حيز التنفيذ فور اتخاذ ممثلى الحكومة السورية والمعارضة الإجراءات الأولية على طريق الانتقال السياسى برعاية الأممالمتحدة لكنه لن يطبق على الأعمال الهجومية أو الدفاعية ضد تنظيم داعش أو جبهة النصرة. العملية السياسية: أكد قرار مجلس الأمن أن الوسيلة الوحيدة لتسوية دائمة للأزمة السورية هى عملية سياسية مفتوحة يقودها السوريون وتلبى التطلعات المشروعة للشعب السورى وتجرى فى إطار التطبيق الكامل لبنود مؤتمر جنيف الذى صدر فى 30 يونيو 2012 وتم تبنيه بالقرار رقم 2118 - فى 2013. وأوضح القرار أن بيان جنيف ينص للمرة الأولى على الخطوط العريضة لانتقال سياسى فى سوريا لكنه لم يطبق بسبب خلافات بين الولاياتالمتحدةوروسيا خصوصًا حول دور الرئيس السورى بشار الأسد. المفاوضات: طلب مجلس الأمن الدولى من الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى سوريا ستيفان دى ميستورا جمع ممثلى الحكومة السورية والمعارضة للبدء وبسرعة فى مفاوضات رسمية حول عملية انتقال سياسى، وتحديد بداية يناير 2016 للمباحثات بين الحكومة والمعارضة الانتخابات: يدعم المجلس عملية تفضى إلى إقامة حكم يتمتع بالمصداقية والشمولية ويتجنب الطائفية خلال ستة أشهر مع وضع خطة لبناء دستور جديد وإجراء انتخابات حرة وقانونية خلال ال18شهرًا». ويمكن لكل السوريين بما فى ذلك المغتربين المشاركة فى هذه الانتخابات. الأطراف الفاعلة: يدعم مجلس الأمن المبادرات الدبلوماسية لمجموعة دعم سوريا التى وصفت بأنها الآلية الرئيسية لتسهيل مبادرات الأممالمتحدة التى تهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية دائمة فى سوريا. ويشير القرار خصوصا إلى فائدة الاجتماع الذى عقد فى الرياض من 9 إلى 11 ديسمبر الحالى بين مختلف المجموعات المعارضة للنظام السورى لتتفاهم على تمثيلها فى مفاوضات السلام. الإرهابيون: يرحب المجلس بعمل الأردن «لتحديد موقف مشترك فى المجموعة الدولية لدعم سوريا بشأن الأشخاص والمجموعات التى يمكن أن توصف بالإرهابية. لكن المعارضة السورية انتقدت القرار وأبدت عدم ارتياحها وأكدت على أهمية إعطاء تفويض كامل الصلاحيات لهيئة الحكم الانتقالى. وكذلك التأكيد على تزامن رحيل بشار مع الإعلان عن تشكيل هيئة حكم انتقالى، والإصرار على تشكيل بعثة مراقبين دوليين، وتحميل الأممالمتحدة مسئولية تنفيذ الاتفاق ومراقبته لضمان تنفيذه. وكان من الملاحظ مشاركة وزراء خارجية بعض الدول العربية وكان من بينهم مصر والسعودية وسلطنة عمانوالأردن ومعروف أن الموقف العربى يؤكد على أهمية إنهاء الأزمة والحفاظ على وحدة سوريا أرضا وشعبا والبدء فى مفاوصات تؤدى إلى حل شامل للأزمة السورية.