سألنى السائق بكل براءة: لمؤاخذة يا أستاذ هو المسجد الأقصى نقلوه للطائف فى السعودية؟.. لم يكن الأسطى شعبان يريد التسلية ولا الضحك.. فقد قرأ وسمع عن شطحة الدكتور الروائى يوسف زيدان التى قال فيها إن رحلة المصطفى صلى الله عليه وسلم.. هى إسراء فقط بدون معراج.. وأن المسجد الأقصى الحقيقى يتواجد فى الطائف بينما الذى نعرفه فى فلسطين هو مسجد آخر.. المشكلة أننا أمام باحث وعالم وخبير بالتراث.. لكن العبث فى أمور الدين لا يمكن السكوت عليه أو التهاون فيه.. وقد قام العلماء والفقهاء بالرد على الدكتور زيدان وخاصة العالم الجليل د. على جمعة.. ولكنى لا أستطيع أن أتجاهل «شعبان».. وقد دارت رأسه بما سمعه وحمد الله على أنه غالبا ما يعطى ظهره ويتجاهل كلام المثقفين الأفندية الذين لا يتوقفون عن الرغى و«الهلفطة» خاصة شلة «التوك توك شو»..ولذلك كانت مهمتى مع الأسطى شعبان صعبة للغاية، فلا طاقة له على الغوص والتحليل والمقارنة والاستنتاج والتأويل.. واخترت أن أحوله من طرف سلبى متلق.. إلى شريك وسألته عن رأيه فى الموضوع بما يعرفه كمسلم وقال: مش معقول تكون قبلة المسلمين الأولى فى اتجاه الطائف.. حسب كلام الدكتور زيدان.. والقدس كما نعرف مدينة يقدسها المسيحى واليهودى والمسلم.. وهو ما يؤكد أن النبى صلى الله عليه وسلم أدى الصلاة إماما لكافة الأنبياء على أرضها، وكما جاء فى أحاديث الإسراء والمعراج.. ثم أنه لما عاد إلى مكة وحكى عن معجزته.. وسخر كفار قريش منه.. وطالبوه بأن يصف لهم المدينة وما فيها.. وكانوا يذهبون إليها للتجارة ويعرفون معالمها.. وصفها تفصيلا بفضل الله.. ولم يقتنعوا بذلك.. فأخبرهم أن لهم قافلة فى الشام وأنه رآها فى الطريق قادمة نحو مكة وزاد على ذلك بأن وصف القافلة وما فيها.. بكل دقة.. وبعد أيام كانت قد وصلت كما قال عنها الصادق الأمين.. فهل يعقل بعد ذلك أن يأتى الدكتور زيدان لكى يشكك فى هذا الحديث وينكر رحلة المعراج من أساسها معترفا فقط بالإسراء وفقا لما جاء فى مطلع السورة الكريمة التى تحمل نفس الاسم. چ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? 8 8 8 8 ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?چ ومرة أخرى نقول يا سبحان الله.. فقد جاءت الآية الثانية من سورة الإسراء تتحدث عن النبى موسى عليه الصلاة والسلام.. وهو المرتبط بأرض المعراج.. تأكيدًا لمسار الرحلة.. ثم هل الطائف هى الأرض التى بارك الله حولها؟ وكلام الأسطى شعبان ودهشته عما جاء على لسانه جعلنى أعود إلى كتاب مهم للباحثة الأيرلندية «كارين أرمسترونج» عن «القدس».. (مدينة واحدة وثلاث عقائد) وهى أيضا صاحبة كتاب «محمد» صلى الله عليه وسلم وكانت راهبة كاثوليكية لكنها تركت الدين وخرجت لتكتب عن نبى الإسلام.. وزارت مصر والعديد من الدول العربية.. ثم عادت وأخرجت كتابها الثانى بعنوان «نبى الإسلام».. وكتابها عن القدس وثيقة تاريخية يمكن الاعتماد عليها.. وقد أدهشنى ما جاء فى مقدمة الكتاب بقولها: «ينكر الإسرائيليون قصة معراج النبى محمد من الحرم الشريف فى القدس إلى السماء قائلين إنها أسطورة تشغل موقع القلب من تعلق المسلمين بالقدس وأن العقل لا يقبلها». وعندما سمعت الدكتور زيدان يتحدث إلى زميلنا خيرى رمضان فى هذا الشأن قال حرفيا: رحلة الإسراء لا جدال فيها.. أما المعراج فلا سند له، إن هى إلا رؤية الفؤاد واستشهد فى ذلك بما جاء فى سورة «النجم»: چ? ? ?? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ه ه ه چ. زيدان توقف عند رؤية الفؤاد.. وهو ما يعنى عنده أن رحلة المعراج هى مجرد خيال.. ولكنه لم يبلغ الآيات التالية خاصة تلك التى تقول بما لا يدع مجالا للشك چہ ہ ہ ہ ه هچ ولم يتطرق أيضا إلى ما جاء فى سورة الإسراء: چ? ? ? ?چ، والعبد هنا تشمل الجسد والروح معا.. الأسطى شعبان الذى درس حتى المرحلة الثانوية فقط.. يقرأ.. ويسمع ويرى.. وأدهشه أن يقول الدكتور زيدان بأن المسجد الأقصى فى الطائف.. ولم يكن الإسلام فى وقت الرحلة قد بنى المساجد بالمعنى المعروف.. كما أن الصلاة تم فرضها فى رحلة الإسراء.. والمولى سبحانه وتعالى جعل الأرض للمسلمين دون غيرهم «مسجدًا وطهورًا».. وعندما يصلى محمد صلى الله عليه وسلم بالأنبياء فى القدس.. فليس شرطا أن يكون المسجد الأقصى موجودًا كمعمار فالأرض على الربوة العالية تكفى.. وما العجيب أن يصلى نبى الإسلام بسائر أنبياء الله وهو خاتم الأنبياء والمسلم مأمور أن يؤمن بكافة أنبياء الله ورسله وكتبه.. ومنطقيا هذه الصلاة دلالة على شمولية الإسلام واحتضانه للديانات السماوية الأخرى بعضها من بعض.. نعود إلى الأسطى شعبان الذى سألنى: هل اكتشف الدكتور زيدان هذه الأيام فقط أن الأقصى فى الطائف أو لبنان وقد قلت لى يا أستاذ إنه متخصص فى التراث والتاريخ الدينى أكثر من غيره أى أن المسألة ليست جديدة عليه؟! بصراحة لم أجد إجابة مقنعة.. لأن عمليات اللعب فى دماغ البسطاء.. والتشكيك فى الكثير من الثوابت الدينية على لسان إعلاميين وفقهاء وعلماء للأسف الشديد.. وقد أصبحوا أشبه بالدواعش يلفون حول عقولهم أحزمة ناسفة من الأفكار يفجّرونها بين الحين والحين.. ولا أظن أنها عمليات عشوائية أو تتم بالصدفة.. فهل أدركت يا دكتور زيدان أنه من الصعب أن تظل طوال الوقت تلعب فى عقل «شعبان».. باعتباره «غلبان»؟.