يبدو أن تداعيات هجمات باريس لن تقف عند حدود الغضب والاستنكار، وبات من المؤكد أن تأتى ردود أفعال حكومات الاتحاد الأوروبى ومواطنيها على نفس مستوى وحجم العمل الإرهابى الذى يعد بمثابة زلزال دموى ضرب الشارع الفرنسى والأوروبى وهز أرجاء العالم بشكل عام. وبعد ساعات قليلة من وقوع العمليات الإرهابية بدأت أصداؤها على المهاجرين واللاجئين من العرب والمسلمين تبدو جلية حيث تم إضرام النيران فى مخيم للاجئين بغابات كاليه شمال فرنسا يقطنه نحو 6000 لاجئ أغلبهم من سوريا وبلدان أخرى شرق أوسطية وأفريقية، وقد أسفر الحريق عن وقوع عدد من الإصابات. كما انتشرت فى باريس والعديد من المدن الفرنسية مظاهرات غاضبة، وتم ترديد هتافات وكتابة شعارات شديدة العداء ضد المهاجرين واللاجئين فى الأماكن العامة وعلى حوائط المساجد وواجهات المتاجر التى يمتلكها مسلمون، وتم الاعتداء على عدد من العرب كانوا يمرون بجانب إحدى المظاهرات. وشهدت أيضا مواقع التواصل الاجتماعى حملة من التصريحات والدعوات المحرضة ضد المهاجرين، وانتشر أيضًا على مواقع الإنترنت مقطع فيديو لفرنسيين، يبدو أنهم ينتمون لليمين المتطرف، وهم يحرقون القرآن، ويرفعون شعارات تطالب برحيل الإسلام والمسلمين. وفى ظل موجة جديدة من العداء للمسلمين فى فرنسا، انتشرت الدعوات العنصرية من قبل اليمين المتطرف والتى تطالب بإقصاء وترحيل المهاجرين، وبالطبع فإن مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف والشهيرة بتصريحاتها المعادية للإسلام، لم تفوت الفرصة وعملت على المزيد من تغذية روح العداء ضد المسلمين، وقالت لوبان عبر كلمة متلفزة إنه يجب على فرنسا تجريم المنظمات الإسلامية وإغلاق المساجد المتطرفة وإبعاد الأجانب الذين يروجون للكراهية وطرد المهاجرين غير الشرعيين وتجريد الإسلاميين مزدوجى الجنسية من جنسيتهم الفرنسية وترحيلهم. وفى هولندا دعا الزعيم اليمينى المتطرف المعادى للإسلام والمسلمين جيرت فيلدرز الحكومة الهولندية إلى إغلاق الحدود فورا، واتهم سلطات بلاده بتجاهل الصلة بين الإرهاب والهجرة، وكتب فيلدرز تغريدة معادية للإسلام على موقع تويتر قال فيها «من يزرع القرآن يحصد الجهاد». وفى السويد قام مجهولون بتفجير عبوة ناسفة خارج منشأة كانت تعد لاستقبال اللاجئين، مما أدى لتحطم نوافذ وواجهة البناية دون وقوع ضحايا بشرية. وفى ألمانيا تناقلت وسائل الإعلام خبر قيام أربعة أشخاص بالاعتداء بالضرب على لاجئ سورى أمام صالة للحفلات فى مدينة شتر السوند شمال البلاد، مما أسفر عن حدوث إصابات جسدية خطيرة. ومن جانبها، أعلنت بولندا أنها لن تستقبل أى لاجئين جدد، وتناقلت وسائل الإعلام تصريحا جاء على لسان وزير خارجيتها فيتولد فاستسوكوفسكى قال فيه: «يريدون منا استقبال اللاجئين المسلمين الذين يريدون تدمير قارتنا». الأفعال العدائية والتخوف من المهاجرين والمسلمين امتد إلى خارج نطاق القارة الأوروبية، ففى كندا قام مجهولون بإشعال النار عمدا فى مسجد السلام بمدينة بيتربورو وسط مقاطعة أونتاريو، كبرى المقاطعات الواقعة شرق كندا. وفى الولاياتالمتحدة أعلن بيان لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير» بولاية فلوريداالأمريكية، أن المركز الإسلامى فى مدينة بطرسبورج تلقى تهديدات بعد هجمات باريس. وأشار البيان إلى أن هناك مسجدًا آخر فى الولاية تلقى تهديدات وأن وزارة العدل الأمريكية تحقق فى الأمر. وفى سياق آخر، دعا اثنان من المتقدمين للحصول على ترشيح الحزب الجمهورى للرئاسة إلى أن تعيد إدارة الرئيس باراك أوباما النظر فى خططها لجلب آلاف اللاجئين السوريين إلى أمريكا، وصرح السناتور تيد كروز فى مقابلة مع قناة فوكس نيوز بأن فكرة الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون بجلب عشرات الآلاف من اللاجئين المسلمين إلى أمريكا ليست سوى جنون.