كشفت النتائج الأولية للمرحلة الأولى فى الانتخابات البرلمانية التى جرت يومى 19،18 أكتوبر الجارى عن مفاجأت عدة من بينها صعود قوى سياسية جديدة تتمثل فى الشباب والمستقلين وسقوط القوى القديمة أو التقليدية التى راهنت على النتائج مثل الوفد الليبرالى أو التجمع اليسارى. فقد جاء حز ب المصريين الأحرار فى المقدمة محققًا أرقامًا مرتفعة أهلت مرشحيه على الفردى للإعادة على أكثر من 60 مقعدًا بينما تراجعت قائمة الجبهة المصرية وتيار الاستقلال برئاسة المستشار أحمد الفضالى. فيما حقق حزب مستقبل وطن برئاسة محمد بدران الفوز بمقعد واحد فقط فى الوادى الجديد ويخوض 48 من مرشحيه جولة الإعادة، فيما لم يحصل حزب الوفد على أى مقعد فى الجولة الأولى من المرحلة الأولى وينتظر 25 من مرشحيه جولة الإعادة. أما أحزاب الجيل الديمقراطى والتجمع والناصرى والمحافظين والغد فلم يحقق أيًا من مرشحيها أية نتائج بالفوز أو الإعادة فى المرحلة الأولى فى الانتخابات البرلمانية وهو مايؤكد حقيقة أحزاب الرجل الوحد هى مجرد كيانات هشة احتلت مقرات وتمارس الحياة الحزبية على الورق فقط.أنتشرت ظاهرة حزب الرجل الواحد بشكل مكثف بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وساهم فى انتشارها حالة الانفتاح التى شهدتها الحياة السياسية بعد الثورة نتيجة تخفيف شروط إشهار الأحزاب والاكتفاء بالإخطار، وقد تضاعف أعداد الأحزاب المصرية بشكل كبير لتصل إلى ما يزيد على المائة حزب أغلبها غير معروف وبرزت أحزاب الشخص الواحد التى يستهدف أغلب رؤسائها تحقيق مصالحهم الشخصية والاقتصادية أو إضفاء واجهة اجتماعية على نشاطاتهم. ولذلك فهذه الأحزاب تفتقر إلى وجود كوادر حقيقية ليكون معظم من فيها أفرادًا يعملون على تلبية مطالب هذا الشخص . «أكتوبر» رصدت عددا من أبرز أحزاب الرجل الواحد الموجودة الآن على الساحة السياسية فى مصر بهدف توعية الرأى العام تزامنا مع الانتخابات البرلمانية. من أبرز هذه الأحزاب هو حزب الجيل الديمقراطى، والذى يترأسه ناجى الشهابى وهذا الحزب بالأخص يعد من أكثر الأحزاب التى تفتقر إلى القيادات الحزبية بل يكاد ينعدم تماما من القيادات الأخرى اللهم بعض الشخصيات غير المعروفة بجانب تعيين نجله إبراهيم الشهابى كمدير لمركز الجيل للدراسات الاستراتيجية والسياسية. ويعد ناجى الشهابى صوت الحزب الوحيد فى كافة وسائل الإعلام سواء المسموعة أو المقروءة ويمثل الحزب فى كافة المناسبات والفاعليات الأخرى سواء التحالفات الانتخابية أو غيرها. ومن أبرز هذه الأحزاب الموجودة الآن على الساحة وتعد من أقدم الأحزاب الحزب العربى الناصرى بعد أن كان يعج بالقيادات الحزبية والسياسية أصبح الآن من أحزاب الرجل الواحد بعد أن سيطر عليه سامح عاشور ورجاله من أعضاء نقابة المحاميين بعد أن قام بإقالة أحمد حسن من أمانة الحزب ومحمد أبو العلا من رئاسة الحزب بعد وفاة رئيس الحزب ضياء الدين داود على الرغم من أن لائحة الحزب تنص على تولى رئاسة الحزب أقدم الأعضاء والتى كانت من نصيب رئيس الحزب المعزول محمد أبوالعلا بعد أن عقد عاشور مؤتمرا عاما بأحد الفنادق وقرر إقالة قيادات الحزب وتوليه رئاسة الحزب على أن يتم إجراء انتخابات داخلية لتشكيل الهيئة العليا للحزب والتى لم تتم حتى الآن . ينطبق الأمر كذلك على حزب الوفد والذى كان يعد من أبرز الأحزاب التى تضم أكبر عدد من القيادات الحزبية فى مصر إلى أن تولى رجل الأعمال سيد البدوى رئاسة الحزب ورغبته فى الانفراد بإدارة شئون الحزب ونتيجة ديكتاتوريته، ورغبته الدائمة فى إقصاء معارضيه، وعدم سماع أى أصوات مخالفة لرأية حول الحزب العريق إلى ما يشبه إحدى الشركات التى يديرها البدوى وانقسم الحزب إلى جبهتين واستقال عدد كبير من الحزب على رأسهم الدكتور فؤاد بدراوى وعصام شيحة وغيرهم من القيادات الوفدية المعروفة على الساحة السياسية وانضم الحزب إلى قائمة أحزاب الرجل الواحد بعد أن انفرد البدوى بالقرار فى الحزب. أما من الأحزاب حديثة العهد فهو حزب المصريين الأحرار الذى أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس فى أبريل 2011، كحزب ليبرالى يضم عددا كبيرا من الكفاءات والأسماء المعروفة فى عالم السياسية والاقتصاد، والتى سرعان ما انسحبت واستقالت من الحزب كهانى سرى الدين رئيس هيئة سوق المال الأسبق وباسل عادل ورئيس الحزب السابق أحمد سعيد والمخرج خالد يوسف والبرلمانى السابق محمد أبو حامد والبرلمانى السابق علاء عبد المنعم وذلك بسبب رغبة ساويرس فى الانفراد بالقرار وتهميش دور قيادات الحزب. وكان ساويرس قد عقد لقاء سريا بأعضاء من الحزب طالبهم خلاله ببذل كافة الجهود من أجل الاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية فى الانتخابات المقبلة بأى شكل من الأشكال وتشكيل أغلبية برلمانية، وذلك من خلال رصد الملايين والاستعانة بمرشحين سابقين عن الحزب الوطنى فى عدد كبير من المحافظات ممن لهم عصبية لضمان الفوز بمقاعد مجلس النواب المنتظرة، وقال خلال اللقاء إن الحزب الذى لم يحصل على مقاعد برلمانية ميبقاش حزب. أما الدكتورة عصمت الميرغنى والتى أسست حزبًا من أجل مواصلة مسيرة الوجاهه الاجتماعية بعد أن وجدت رئاسة اتحاد المحامين الأفرواسيوى لحقوق الإنسان ورئاسة جمعية بنت مصر الخيرية غير كافية لتحقيق طموحمها الاجتماعى بين الشخصيات العامة فى المجتمع وأطلقت عليه اسم «الحزب الاجتماعى الحر». أعضاء الحزب عبارة عن عدد من سيدات المجتمع والأصدقاء والعاملين بالمنظمات والأنشطة الخيرية والأهلية التى تديرها لكى تظهر من خلال الحزب فى وسائل الإعلام المختلفة كرئيسة حزب سياسى فى الحياة السياسية وتخوض من خلاله الانتخابات البرلمانية أو تحجز من خلاله مقعدا فى القوائم الانتخابية. يأتى حزب المحافظين، من ضمن الأحزاب التى تقوم على الرجل الواحد والذى يترأسه رجل الأعمال أكمل قرطام فهو الممول الأول والأخير للحزب، والذى ينفق عليه من جيبه الخاص، وصاحب الكلمة العليا فيه، ويسعى قرطام فى الفترة الراهنة من خلال حزبه إلى خوض الانتخابات البرلمانية بعدد كبير من المرشحين، خاصه بعد انسحابه من قائمة «فى حب مصر». حزب عائلى كما تضم قائمة أحزاب الرجل الواحد رجل الأعمال موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد والذى ظهر على الساحة بشكل كبير بجوار أيمن نور مؤسس الحزب فى 2005 إبان قضية التزوير الشهيرة وبعد الانشقاقات التى حدثت داخل الحزب أصبح موسى الرئيس الفعلى للحزب وشقيقه محمود مصطفى موسى نائب رئيس الحزب ومنذ هذا الوقت وحتى الآن لم نر أى دور واضح لهذا الحزب بل إنه لم يظهر حتى الآن قيادات من داخل هذا الحزب وسبق وفاز موسى فى انتخابات الشورى قبل انهيار نظام مبارك فى انتخابات شابها التزوير ويخوض موسى خلال الفترة الحالية الانتخابات البرلمانية من خلال قائمة «فى حب مصر» والذى حصل على مقعد واحد للحزب فى القائمة وهو أكبر دليل على أن الحزب عبارة عن شخص واحد. ومن الأحزاب التى لم يعرف منها سوى اسمها حزب مصر الحديثة الذى أسسه نبيل دعبس رجل الأعمال ومؤسس مودرن أكاديمى بالقاهرة وسبق أن اتهم دعبس حزب المصريين الأحرار ومؤسسه نجيب ساويرس بسرقة 6 نواب منه فى إطار عملية شراء المرشحين بعد أن قدم لهم إغراءات مالية، كما يأتى حزب السادات الديمقراطى والذى أسسه رجل الأعمال عفت السادات والذى يفتقر لوجود أى من الشخصيات الحزبية وتتشكل الهيئة العليا للحزب من عدد من الشباب العاملين لديه فى شركاته التجارية وعمته شقيقة الرئيس الراحل أنور السادات. من الأسماء التى لم يسمع عنها من قبل واقتحمت دون أى مقدمات عالم السياسة رضا أبو حجى رئيس حزب مصر المستقبل وهو الحزب الذى لم يقدم أى شىء على أرض الواقع حتى الآن، كذلك الأمر فيما يخص حزب حراس الثورة الذى يرأسه مجدى الشريف وهو أيضا ليس له أى دور فى الحياة السياسية وهو من ضمن الأحزاب التى ظهرت بعد ثورة 25 يناير، وكذلك حزب الثورة المصرية برئاسة طارق زيدان، وتضم القائمة أيضا رجل الأعمال تيسير مطر رئيس حزب الدستورى الحر وهو ظهر بعد ثورة 30 يونيو 2013، وهو الحزب الذى لم يقدم أى شىء على أرض الواقع حتى الآن. الانتخابات كاشفة وبعد رصد غالبية الأحزاب السياسية التى تقوم على شخص واحد يأتى هنا السؤال الذى تطرحه «أكتوبر» وهو برلمان 2015.. هل يكتب شهادة وفاة هذه الأحزاب التى يطلق عليها «أحزاب الرجل الواحد»؟. فى البداية يرى الدكتور عبد الغفار شكر رئيس التحالف الشعبى الاشتراكى أن مصر كانت تعيش فى مجتمع سلطوى وكان يرفض أن يفتح الباب أمام تعدد الأحزاب بشكل حقيقى حتى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير حتى انفجرت التعددية الحزبية مع نجاح الثورة وتحول النظام إلى ديمقراطى. وأوضح رئيس التحالف الشعبى الاشتراكى أن الأحزاب التى سوف تنجح فى الحصول على أكبر عدد من المقاعد فى الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة سوف تمارس دورها فى التشريع ممثلة عن الشعب، أما الأحزاب التى سوف تفشل فى الحصول على مقاعد فى الانتخابات المقبلة سنسعى إلى أن تحل نفسها وبعضها سيندمج فى أى حزب قريب منه فى التوجه. وقال شكر إن ال 7 سنوات القادمة ستشهد حالة من ترشيد هذه التعددية الحزبية لتصبح ما بين 5 أو 6 أحزاب تمثل كافة الاتجاهات السياسية سواء الليبرالى أو الاشتراكى أو القومى، وبالتالى سندخل فى مزيد من النضج للتعددية الحزبية. ومن جانبه أكد الدكتور مختار الغباشى نائب رئيس المركز العربى للدراسات الاستراتيجية والسياسية أن الأحزاب السياسية فى مصر هى عبارة عن أحزاب الأسرة والعائلة والنخبة، مضيفا أن هذه النحبة تقوم بجمع توكيلات من على المقاهى والنوادى على أن تقوم هذه النخبة على إدارة شئون الحزب. وأضاف غباشى أن برلمان 2015 سيكون كاشفا لعوار هذه الأحزاب بدرجة أو بأخرى لأن هذه الأحزاب لا تمتلك أى رؤية أو برنامج ولا يستطيع فرز أية كوادر إدارية جاهزة للعمل السياسى أو تقديم رؤية للإدارة الحكومة فى ظل غيابها، واصفا إياه بأنه عمل حزبى فاشل. وأشار فى الوقت ذاته إلى أن هذه الأحزاب سوف تستمر بعد البرلمان، وأنها سترجع فشلها إلى الحالة السياسية السائدة أو القدرة المالية، موضحا أن القاعدة فى العالم كله أن تبدأ الأحزاب صغيرة ثم تنطلق فى الساحة السياسية، بينما الوضع فى مصر أن الأحزاب السياسية تعد أحزابا منتهيها عمليا لأنها تمثل أشخاصا وعائلات وبعض النخب تسعى لتحقيق مصالح شخصية واقتصادية من خلال التقرب للسلطة من خلال هذه الأحزاب السياسية، مثلها مثل منظمات المجتمع المدنى التى تخدم على مصالح الأشخاص القائمين عليها. بدوره قال الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الأحزاب هى عبارة عن مؤسسة سياسية، وبالتالى فمن المفترض ألا يسيطر عليها الطابع الشخصى لأنه فى هذه الحالة يناقض فكرة المؤسسية، مضيفا أن هذه المؤسسة لها برنامج سياسى تسعى من خلاله للوصول إلى السلطة من خلال الانتخابات وبذلك فإن أحزاب الرجل الواحد لا تعد أحزابا سياسية، لأنها مرتبطة بهذا الشخص، أما المؤسسة فتظل باقية تسعى لتنفيذ برنامجها السياسى. وتابع بدر الدين قائلا إنه يوجد أيضا الحزب العائلى وهو الحزب الذى تسيطر عليه عائلة واحدة ويتولون كوادر الحزب، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل تؤدى إلى إضعاف هذه الأحزاب. وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الناخب المصرى ارتبط ذهنه بهذه الفكرة وهى الشخصنة ويختار الناخب المرشح بناء على الشخص وليس الحزب، حتى أن وصل الأمر إلى التكتلات والتحالفات السياسية وأصبح هناك تكتل باسم شخص مثل «تكتل الفريق شفيق» و«تكتل الفريق عنان» وهكذا، مضيفا أن هذه الأمور تضعف الحياة السياسية والحزبية فى مصر. وأكد إكرام بدر الدين أن الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون المعيار الحقيقى للحكم على هذه الأحزاب، مضيف أن الحزب الذى لم يحصل على مقاعد أو عدد ضئيل من المقاعد فى البرلمان المقبل لن يكون حزبا سياسيا، وبالتالى فلا داعى لاستمراريته على الساحة لأنها ليست أحزابا سياسية لا بالمعنى العملى أو الواقعى، واصفا إياها بأنها جماعة مصلحية تدافع عن مصالحها فقط .