بعد جهود دبلوماسية فائقة أعلن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة (مانكيورنديا) فوز مصر بعضوية مجلس الأمن للمقعد غير الدائم لعامى 2016 - 2017.وقد حصلت مصر على 179 صوتا وهى بذلك قد حازت على ثقة أكثر من ثلثى الدول الأعضاء والبالغ عددها 193 دولة. وفى حقيقة الأمر إن فوز مصر بمقعد غير دائم فى مجلس الأمن بالأممالمتحدة شىء لا يبدو غريبا على دولة بحجم مصر.. فتاريخ مصر الدولى يعلمه الجميع، فهى التى قادت دول عدم الانحياز لفترة طويلة داخل منظمة الأممالمتحدة، فضلًا عن أنها من الدول المؤسسة للمنظمة الدولية. ولا شك أيضًا أن فوز مصر بمقعد غير دائم فى مجلس الأمن لمدة عامين كان أمرًا متوقعًا، نظرًا للدعم الذى واكب ترشحها من جانب عدة مجموعات إقليمية كدول عدم الانحياز ودول منظمة التعاون الإسلامى، فضلًا عن علاقاتها المتميزة بمعظم دول البحر المتوسط والدول الآسيوية.. وحصولها على 179 صوتا من إجمالى عدد الأصوات بما يمثل ثلثى الأعضاء تأكيدًا على دور مصر الريادى والمتميز فى القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط والعالم. عضويه مصر بمجلس الأمن لا شك أنها ستساعد بكل تأكيد على تقديم مشروعات القوانين التى ستساهم فى حل مشاكل المنطقة العربية والأفريقية، حيث تستطيع أن تلعب دورًا كبيرًا فى حل هذه المشاكل وتنفيذ المشروعات والقرارات المهمة التى ستصدر عن مجلس الأمن والتى تخص مشاكل المنطقة بشكل مباشر، وهذا يأتى من انتهاج مصر دائمًا لسياسات واستراتيجيات مبنية على مبادئ راسخة وثابتة لا تتغير بتغير الظروف والأحداث، حيث إنها قائمة على أحكام ثابتة من العدل والحق. وهذا المبدأ الثابت هو الذى سيدفع مصر دائمًا إلى طرح المبادرات التى تهتم بالشأن الأفريقى والعربى داخل مجلس الأمن مستمدة قوتها من الثقة الدولية التى تحظى بها على مستوى السياسة الخارجية. والجديد فى المشهد السياسى والدولى بمصر اليوم أنها قد قررت إنهاء غيابها عن الساحة الدولية ممثلة فى حصولها على مقعد العضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن لكى تثبت جدارتها وتؤكد أنها مؤهلة للقيام بهذا الدور الفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية.. ولأن الوصول إلى هذه الدرجة الدقيقة وهذا الاستحقاق الدولى كان يحتاج إلى جهود مضنية ومشوار من العمل السياسى والدولى على مستوى الدول الأعضاء فى مجلس الأمن.. لذا فإن الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أخذ على عاتقه هذه المهمة وبدأ مبكرًا رحلة الاستعداد للجلوس على مقعد أفريقيا «غير الدائم» فى مجلس الأمن فى وقت تتزاحم فيه الملفات والقضايا العربية والأفريقية والتى تعتبرها مصر جزءًا أصيلًا من أمنها القومى. وفى هذا السياق كان الرئيس السيسى قد طلب رسميا خلال كلمته بالدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى حصول مصر على هذا المقعد، قائلًا: (نطلب دعمكم منح مصر عضوية مجلس الأمن الدولى). والجدير بالذكر أن مجلس الأمن يشمل عشرة مقاعد غير دائمة تحتلها دول العالم المختلفة لمدة سنتين حسب التوزيع الجغرافى، ولا شك أن حصول مصر على هذا المقعد هذه الدورة كان له من الأهمية الكبرى فى مجال سياستها الإقليمية والدولية، حيث مثل اعترافًا دوليًا جديدًا بدور مصر كقوة إقليمية مؤثرة. سبق ذلك الفوز جهد دبلوماسى كبير، فقد كانت تعليمات مؤسسة الرئاسة إلى وزارة الخارجية تقضى بضرورة الاتصال بكل السفارات وبذل كل الجهود الدبلوماسية المطلوبة من أجل التصويت لصالح مصر.. فإن عضويتها فى مجلس الأمن المستحقة والتى فازت بها بأغلبية تصويت ساحقة تعطيها الفرصة كدولة رائدة لتحقيق القدر الكبير من الإنصاف لدول المنطقة فى هذه المؤسسة الدولية من خلال اقترابها من دوائر المطبخ السياسى الدولى وعلمها المسبق بقرارات مجلس الأمن مما يمكنها أن تكون دائمًا فى موقع يجعلها تدافع عن الحقوق العربية فى كل القضايا التى يتم التعامل فيها دوليًا ومع كل الملفات السياسية المطروحة دوليًا أيضًا وفى مقدمتها ملف الأزمة السورية والقضية الفلسطينية. ومما لا شك فيه أن ما حققته مصر على الصعيدين الإقليمى والدولى فى مجال مكافحة الإرهاب والجهود المبذولة من أجل إعادة الاستقرار إلى الدول والمناطق التى تعانى من توترات مزمنة مثل ليبيا وسوريا والعراق بجانب جهودها الحثيثة دائمًا على دعم الحل العادل للقضية الفلسطينية.. قد أعطاها ثقة المجتمع الدولى الذى حقق لها الفوز بالمقعد غير الدائم فى مجلس الأمن، وهو الأمر الذى أعتبره من وجهة نظرى استحقاقًا واجبًا للدور المصرى على الساحة العربية والدولية فى الوقوف بجانب الحق الشرعى للدول التى تواجه أزمات ومعارك سياسية داخلية، فضلًا عن مواجهتها الدائمة للإرهاب فى المنطقة العربية والعالم كله، لذا فإن هذا المقعد كان واجب الاستحقاق لمصر دون منازع.. أما ما أعتقد أنه سوف يكون بمثابة المعركة المقبلة للدبلوماسية المصرية فهو ضرورة الفوز بمقعد دائم فى مجلس الأمن المرحلة المقبلة، فهى مهمة واجبة التحقيق تدعمها المواقف المصرية الدائمة والراعية للحق والعدل فى مختلف القضايا الإقليمية والدولية. ان حصول مصر على هذا المقعد غير الدائم بمجلس الأمن هو عودة بمصر إلى موقعها الريادى فى مجتمعها الإقليمى والدولى الذى عزز من مصداقيتها دوليًا بما يؤدى إلى العمل على وجود أفق عادلة لحل كثير من الأزمات العربية المعقدة التى يعيشها عالمنا العربى المعاصر ومنها قضايا الشأن الليبى والسورى والعراقى والفلسطينى، وهى قضايا شائكة وتأتى فى مقدمة اهتمام الطرح المصرى أمام المجتمع الدولى من خلال مجلس الأمن بعد أن حصلت مصر على العضوية غير الدائمة. وقد كان نجاحها فى إدارة هذه الملفات الشائكة هو التتويج الحقيقى لمكانة مصر الدولية والفوز بالمقعد الثمين داخل مجلس الأمن. حقيقة الأمر إن الجهد المصرى المبذول على الساحة الدولية سواء الجهد الرئاسى أو جهود الدبلوماسية المصرية، كان جهدًا متميزًا حالفه التوفيق حتى حصلت مصر على هذا المقعد الثمين المستحق داخل مجلس الأمن. فلم تخلُ جولة دولية أو إقليمية أو لقاء رسمى بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ونظرائه من رؤساء العالم إلا وتطرق الحديث حول إمكانية دعم مصر للحصول على العضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن الدولى، وكان حديث الرئيس دائمًا حول هذا الموضوع مع نظرائه رؤساء الدول فى العالم يقابل بكل الترحيب.. تأكيدًا منهم على مكانة مصر وزعيمها إقليميًا ودوليًا. وعلى جانب آخر متواز مع جهود الرئيس السيسى كان للدبلوماسية المصرية تحركات إيجابية فاعلة على الساحة الأفريقية والآسيوية والأوروبية والعربية من أجل حشد الأصوات لفوز مصر بمقعد شمال أفريقيا والذى جاء فوزًا ثمينًا تكليلًا للجهود الرئاسية والدبلوماسية على خطى واحدة. ان فوز مصر بهذا المقعد وبشبه إجماع دولى لهو بمثابة اعتراف دولى جديد بشرعية ثورة 30 يونيو وشرعية النظام الرئاسى المصرى من خلال هذه الثورة التى أصرت جماهيرها على انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى زعيما لها. وأيضًا حصول مصر على هذا المقعد بما يقارب الإجماع الدولى يعد صفعة قوية لكل من تُسول له نفسه بالتطاول على الشرعية المستحقة لثورة 30 يونيو وزعيمها الرئيس عبد الفتاح السيسى.