ضحكت حتى كدت أن أستلقى على قفايا وأنا أقرأ التصريحات النارية للدكتور ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق وعضو مجلس إدارة بنك الاستثمار القومى؛ والتى يهدد فيها بجرجرة بعض الوزارات والهيئات الحكومية لساحات المحاكم إذا لم تسدد ماعليها من ديون للبنك والتى تقدر بأكثر من200 مليار جنيه..! ولولا أننى على يقين من أن الدكتور السعيد راجل دوغرى وجد وما بيعرفش الهزار لقلت إن تصريحاته مجرد نكتة أفكه من نكت الصعايدة بتاعة اليومين دول ؛ فالدائن والمدين حكومة وأى خناقة بينهما لاتخرج عن كونها مجرد خناقة بين مصارين البطن اللى بتتعارك، زى مابيقول المثل الشعبى المعروف..وبالتالى فالتهديد بجرجرة الوزارة الفلانية او الهيئة العلانية لساحات المحاكم لإجبارها على سداد ما عليها من ديون؛ هو من نفس عينة تهديد الشاعر الفرزدق ل «مِْربَع» بالقتل؛ وهو ما أصاب غريمه التاريخى الشاعرجرير بكريزة ضحك فأنشد: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا.....أبشر بطول سلامة يامربع..! ومعنى كلام جرير ان تهديد الفرزدق بقتل مربع.. تهديد فشنك من نوعية الكلام اللى ما يتشبعش منه واللى ما عليهوش أى جمرك..! وفى تقديرى أن الحكومة لو عايزة الحق مش ابن عمه لكانت قد جرجرت يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق للمحكمة بعد أن «استولى» ، بجرة قلم، على أموال أصحاب المعاشات والأرامل عينى عينك جهارا نهارا والتى تزيد على 600 مليار جنيه ؛ تاركا أصحاب المعاشات والأرامل يتسولون ثمن علبة الدواء، بعد أن أصبحوا على الحديدة، وراحت فلوسهم فى الوبا زى ما راحت هنادى يااماى..!! وإذا كانت الحكومة عايزة الحق مش ابن عمه لكانت قد حاكمت المسئولين الذين اقترضوا من بنك الاستثمار القومى المليارات ،على مدى سنوات وسنوات، للإنفاق على الهدايا وتوزيع المكافآت والبدلات على الحبايب والمحاسيب،وتأسيس مكاتبهم بأفخر أنواع الأثاث المستورد، وشراء السيارات الفارهة لزوم المنظرة والفشخرة..! إن قضية الديون قضية متشابكة لايمكن حلها بالتصريحات النارية ولابالتهديدات الجهنمية ؛ بل تحتاج لرؤية شاملة وشفافية، ومن قبلهما ومن بعدهما إرادة سياسية لفك كل التشابكات المالية بين الوزارات والهيئات الحكومية..وإنهاء أزمة الديون برمتها بحلول مبتكرة من خارج الصندوق..لأن الديون بوضعها الراهن ، والتى تجاوزت حدود الأمان المتعارف عليها عالميا، أصبحت أكبر عائق أمام الاقتصاد المصرى ، فهى أحد أسباب عدم حصولنا على تصنيف جيد من وكالات التصنيف العالمية ؛ وبالتالى تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وصعوبة الحصول على أى قروض من الخارج..أو الحصول عليها بتكلفة باهظة..إلى آخر ذلك من التداعيات. معلهش أنا عارف إن مثل هذا الكلام ب «يسم البدن» لكننى مضطر أن أقوله عملا بالمثل اللى بيقول «يابخت من بكانى وبكّى الناس علىّ ولاضحكنى وضحّك الناس علىّ»..!