قبل ساعات من انطلاق جرس الطابور فى اليوم الدراسى الأول تجولت «أكتوبر» فى عدد من مدارس القاهرة لتعاين على الطبيعة ما تم من أعمال الصيانة فى هذه المدارس التى تجرى فى إطار مشروع صيانة المدارس.مفاجأت كثيرة كانت فى انتظارنا.. ليس فقط داخل المبانى التعليمية (المدارس) ولكن فى محيطها الخارجى عند الأسوار والبوابات كان المشهد قهرى.. نفس الإهمال القديم من أكشاك الكهرباء المفتوحة التى تنذر بكوارث وأكوام الزبالة التى لم تخف عبارة مكتوبة على جدران هذه المدارس تقول: «مدرستى جميلة ونظيفة ومتطورة» فهل يصدق داخل المدارس هذه العبارة؟! إهمالًا شديدًا بمنطقة «بيجام» بشبرا الخيمة وفى منطقة شبرا البلد وغيرهما، وفى محيط مدرسة «عمار بن ياسر الإعدادية بنات» و«عمار بن ياسر الابتدائية المشتركة» ومجمع مدارس السلام وخاصة مدرسة «فؤاد محيى الدين» تنتشر تلال القمامة كما أن عددًا من مبانى المدارس متصدع، وأغلب الفصول بدون مراوح للتهوية، والحمامات اجتاحها العفن .وفى مدرسة «على بن أبى طالب» ومدرسة «السلام الثانوية بنين» تنتشر التشققات على الجدران وتمتد إلى السلالم حتى تساقطت بعض درجاته، بالإضافة إلى تهشم زجاج نوافذ الفصول. لم يقتصر الأمر عند الإهمال فى الصيانة أو النظافة فقط، وانما امتد ليمثل كارثة حقيقية قد تتسبب فى إزهاق أرواح الكثير من الطلاب، عن طريق «أسلاك الكهرباء المكشوفة»، التى تركت أبوابها الحديدية مفتوحة، دون الوضع فى الاعتبار ما قد ينتج من كوارث نتيجة هذا الإهمال الجسيم. كما أن هناك تشققات فى جدران مدرستى شبرا الخيمة الصناعية والثانوية، إلا أن مدرسة «شبرا الخيمة الثانوية بنين» احتلت النصيب الأكبر من السوء الذى من المحتمل أن يعرضها للانهيار بسبب كثرة التشققات والتصدعات بجدران الفصول وبين طرقات المبانى. وفى مدرسة بهتيم الرسمية للغات بشبرا الخيمة صدر قرار هدم لمبانى 4،3 بالمدرسة من شهر مايو 2015 وإلى الأن لم ينفذ حتى يتم إنشاء مبانى جديدة الأمر الذى أدى إلى تكدس عدد التلاميذ فى الفصول حتى وصل إلى 55 تلميذ داخل الفصل. وبشارع روض الفرج تتزايد القمامة ومخلفات البناء والهدم على جانبيه وامام مدرسة العزة ومعهد دونبسكوا بالإضافة إلى انتشار سائقى الميكروباصات والتوك توك أمام المدرسه ومشاجراتهم المستمرة ...أما فى ميدان صقر قريش فالمدارس هناك محاطة بالقمامة من كل جهة وأيضا أمام مدرسة شجرة الدار تنتشر القمامة إضافة إلى موقف للميكروباصات وهو ما يؤدى إلى مشاجرات مستمرة والكثير من المشاكل. أرقام كارثية ووفقا للتقارير فهناك أكثر من 1900 مدرسة مغلقة، وصلت حالتها الإنشائية لمرحلة الخطورة الداهمة، ووزارة التربية والتعليم بحاجة إلى فتح هذه المدارس من أجل حل أزمة كثافة الفصول، ووفقا للتقارير الصادرة أيضا هناك 40% من المدارس تعانى من ارتفاع كثافات الفصول، و17% منها تعمل بنظام الفترات الدراسية المتعددة. وحسب المعلومات المتوفرة فقد تم تقدير العدد الإجمالى للفصول المطلوب توفيرها لتغطية الاحتياج، وحتى نهاية 2016/2017، بعدد إجمالى 236513 فصلا، ومطلوب لسد هذه الاحتياجات والقضاء على المشكلات، توفير الأراضى الصالحة لإنشاء المبانى المدرسية فى المناطق المحرومة والأكثر احتياجا، وتوفير التمويل المطلوب وهو حوالى 52 مليار جنيه. وتتمثل أعداد فصول الاحتياج المطلوبة بكل محافظة: 16097 فصلا بالقاهرة، و10671 بالإسكندرية، 845 ببورسعيد، 828 بالسويس، 3234 بدمياط، 13194 بالدقهلية، 18444 بالشرقية، 12086 بالقليوبية، 7675بكفر الشيخ، 11426 بالغربية، 8889 بالمنوفية، 16883 بالبحيرة، 2114 بالإسماعيلية، 18679 بالجيزة، 7650 ببنى سويف، 8990 بالفيوم، 20051 بالمنيا، 16723 بأسيوط، 16410 بسوهاج، 12725 بقنا، 3485 بأسوان، 517 بالبحر الأحمر، 567 بالوادى الجديد، 845 بمطروح، 876 بشمال سيناء، 167 بجنوب سيناء و3483 بالأقصر. نقص كبير وتقول دكتورة نادية جمال الدين أستاذ أصول التربية جامعة القاهرة: إن هناك أزمه حقيقية والمشكلة ليس فقط فى الصيانة ولكن أيضا فى النقص فى أعداد المدارس، وتنادى وزارة التربية والتعليم منذ عام 2000 بضرورة إنشاء المدارس لاستيعاب الطلاب بعد الزيادة السكانية الكبيرة، ولكن ماذا تفعل الحكومة فى ظل عدم وجود مبالغ مالية، إضافة إلى عدم وجود تخطيط عمرانى فهناك مدارس تم بناؤها وسط المقابر.. وأضافت أن الأزمة ليست جديدة ولن يتم حلها لأنه لايوجد عصا سحرية لتغيير الوضع ولكن الأمر بحاجة إلى (الجد) ويجب تبرع رجال الأعمال بأراضى لبناء مدارس عليها فى ظل ارتفاع سعر المتر، أما عن وعود الوزير لتنفيذ مشروعات صيانة فى جميع المدارس فقالت إنها مجردة بحقيقة الوضع بأننا لا نملك الاموال الكافية... وعلينا الاعتراف أيضا بأننا بحاجة إلى أموال لإعادة بناء المدارس المتهالكة وليس صيانتها فقط، وبحاجة أيضا إلى إنشاء عدد كبير من المدارس لأن هناك نقصًا كبيرًا فى عدد المدارس. وأكدت دكتورة نادية أنه بعد عام 2000 قامت الوزارة بإنشاء عدد من المدارس ولكنها غير كافية لاستيعاب عدد الطلاب الكبير هذا بالإضافة إلى أنه فى المناطق التى بحاجة إلى مدارس أخرى لا توجد أراض فى أماكن مناسبة لبناء مدارس وهذا يرجع إلى سوء التخطيط.. وشجع هذا على إنشاء عدد كبير من المدارس الخاصة فى أطراف المدينة كمداخل جسر السويس وطريق الإسماعيلية حيث توجد الأراضى الشاسعة لبناء المدارس ولكنها لأولياء الأمور القادرين فقط، أما الأهالى غير القادرين فيتكدس أبناؤهم فى المدارس الحكومية التى تعانى من قصور شديد ومباٍن متهالكة وفصول مزدحمة. وأضافت أننا بحاجة إلى هيئة قومية عليا تختص بالمبانى المدرسية ولها صلاحية توفير الأموال والأراضى وتمكينها منها، وإتاحة الفرصة لابتكار نوعية جديدة من المبانى الملائمة لهذا الزمن مثل (المدرسة الخضراء) تلك المدارس التى تنتشر فى أنحاء العالم فجدران فصولها متحركة تتيح التوسع فى أى وقت. وأشارت إلى فكرة أخرى ألا وهى إنشاء صندوق لتطوير المدارس ويوضع له خطة وجدول ومواعيد محددة ومجلس إدارة وفتح حساب بنكى يجمع من خلاله التبرعات.. ونبدأ بالمبانى التى تمثل خطورة ثم المبانى التى يمكن ترميمها. ثم نقوم بتجديد الفصول التى تحتاج إلى تجديد وبإصلاح الكراسى المتهالكة وزيادة أعدادها لتستوعب عدد التلاميذ الذى وصل إلى 120 تلميذا، وليكون هذا الصندوق لتطوير المبانى والأدوات.. فتطوير المبانى لتكون آدمية هو الخطوة الأولى لتطوير التعليم قبل تطوير المناهج وقبل محاربة الدروس الخصوصية. عجز واضح وتقول الدكتورة بثينة كشك وكيلة التربية والتعليم بمحافظة الجيزة: إننا لا ننكر وجود عجز فى المحافظة ومن أجل استيعاب الكثافة الطلابية فى جميع المراحل التعليمية نحتاج إلى 12 مدرسة للمراحل التعليمية و420 قاعة رياض أطفال. وأشارت إلى أن الوزارة تعمل على التواصل مع هيئة الأبنية التعليمية لبحث إمكانية بناء مدارس جديدة وبالفعل نجحنا فى العثور على 4 أراض لبناء مدارس كما أنه سيتم إنشاء 8 مدارس منها 4 فى مدينة 6 أكتوبر لاستيعاب الزيادة فى أعداد الطلاب، وأضافت أن هناك بحثا مستمرا عن إمكانية وجود أراض لبناء مدارس أخرى عليها لحل الأزمة.