سيتوقف التاريخ طويلاً أمام ملحمة حرب أكتوبر 1973 ليس فقط تخليداً لانتصار عظيم للجيش المصرى على جيش العدو الإسرائيلى وإنما اعتراف من العالم كله بجدارة واستحقاق الجيش المصرى كأفضل جيوش العالم عقيدة وتدريباً . إلا أن هناك تخليداً حقيقياً لتفاصيل ملحمة العبور يتم تدريسها حالياً فى اعرق الأكاديميات العسكرية فى العالم . ليس فقط الخطط والتدريبات والمناورات والتكتيك وإنما هناك تفاصيل أخرى قد يغفلها البعض لكن التاريخ لا يترك التفاصيل الهامة ومنها الابتكارات والأبحاث العلمية العسكرية التى أجراها الخبراء العسكريون المصريون فى كل المجالات الحربية خاصة فى الفترة التى سبقت الحرب وذلك للوصول إلى أفضل طرق عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف مع الأخذ فى الاعتبار أفضل وسائل الخداع للعدو وتشويش رؤيته للنوايا العسكرية والتكتيكية للجيش المصرى. ولنأخذ بعضًا من هذه الابتكارات العسكرية منها على سبيل المثال الخسائر الكبيرة التى تكبدها العدو فى معركة الدبابات الكبرى رغم التفوق النوعى والعددى للدبابات الإسرائيلية ولكن الجندى المصرى كان قد أعد العدة باستخدام سلاح بسيط هو صواريخ – أر بى جى والذى تم تطويره لتكون قذائفه أكثر تدميرًا لدبابات العدو وكان اختيار مكان التصويب أسفل برج الدبابة أو منتصف الجنزير حتى يتم إحداث أكبر ضرر وإخراج الدبابة من المعركة. ولم يكن ذلك وليد الصدفة ولكن كان نتيجة بحث وعلم حيث تم دراسة أماكن الضعف والقوة فى دبابات العدو بمختلف أنواعها وكان النصر بأقل الخسائر مقابل خسائر فادحة للعدو حيث كان ثمن الدبابة الإسرائيلية فى ذلك الوقت مليون دولار وتمكن الجندى المصرى من تدميرها بصاروخ لا يتعدى ثمنه 150 دولارًا. وبالطبع كان لسلاح المهندسين العسكريين فضل كبير فى نجاح عملية العبور ليس فقط بفتح ثغرات فى الساتر الترابى بخراطيم المياه والتى كانت مفاجئة ليس للجيش الاسرائيلى فقط وإنما لكل جيوش العالم. كما أن اختيار وقت العبور فى الساعة الثانية بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر لم يكن صدفة وإنما نتيجة دراسات مستفيضة حيث تكون الشمس خلف الجنود المصريين فى الوقت الذى يكون الضوء فى وجه جنود العدو كذلك اعتدال درجات الحرارة بعد الظهر فى شهر أكتوبر حيث لا يكون الجو باردا ليلاً وأن يوافق ذلك اليوم العاشر من رمضان حيث يكون ضوء القمر فى طريقه أن يصبح بدراً الأمر الذى يسهل اكتشاف الطيران الليلى المنخفض للعدو ويساعد على اكتشاف اى تعزيزات برية تتحرك ليلا . أما عمليات التشويش والإعاقة الالكترونية فكانت بحق مفاجأة إستراتيجية على كل المستويات فقد تمكن الخبراء العسكريون المصريون من اختراع أجهزة تشويش بإمكانيات بسيطة استخدم فيها مكونات الراديو الترانزيستور العادى لامتصاص الموجات اللاسلكية وردها مرة أخرى بجهاز بث عادى مما كان له أكبر الأثر فى إعاقة أجهزة الاتصالات للعدو . وهناك الكثير من قصص الابتكارات العسكرية فى حرب أكتوبر لا يسع المجال لذكرها.ودارت فى ذلك اليوم أروع معارك القوات الجوية والتى أطلق عليه اسم معركة المنصورة شارك فيها 60 طائرة ميج 21 مصرية مقابل 120 طائرة فانتوم وميراج إسرائيلية . وأسقطت طائراتنا نحو 17 طائرة فانتوم للعدو مقابل 7 طائرات ميج 21 سقطت إحداها نتيجة تصميم الطيار المصرى على الاقتراب من إحدى طائرات الفانتوم المعادية وإصابتها لتنفجر الفانتوم وتصيب الطائرة المصرية ولكن الطيار تمكن من القفز بسلام وعاد إلى قاعدته ليشارك فى طلعات جوية تالية. كما أسقطت القوات الجوية أكثر من 17 طائرة أخرى للعدو فى ذلك اليوم ايضا عندما حاول مهاجمة أهداف فى العمق . كما تمكنت قوات الدفاع الجوى من إسقاط 14 طائرة . اما القوات البحرية فقد استطاعت يوم 14 أكتوبر أن تقصف بالمدفعية الساحلية والصواريخ البحرية مواقع وتجمعات للعدو فى شمال سيناء كما وقع اشتباك بحرى مع تشكيل معاد تسانده طائرات الهليكوبتر شمال ساحل الدلتا وتم تدمير 3 لنشات صاروخية للعدو وأسقطت له طائرتين . كما نفذت الصاعقة البحرية عملية إغارة خاطفة على منطقة الشيخ بيثان جنوب الطور .