فجرت مظاهرات القمامه فى لبنان _ التى اطلقتها حملة «طلعت ريحتكم» _ قضايا سياسية معقدة ومتشابكة هناك، حيث الشلل الذى أصاب الدولة اللبنانية بدءا بالفراغ الرئاسى منذ اكثر من عام مرورا بفشل البرلمان فى اختيار رئيس بسببب التوازنات السياسية والتجاذبات الإقليمية، فضلا عن توريط «حزب الله» لبنان فى الأزمة السورية، ووصول التنظيمات الإرهابية للأراضى اللبنانية ومنها جبهة داعش وجبهة النصرة والتى اختطفت عددا من الجنود اللبنانيين، نهاية بتعثر الحوار السياسى بين تيار المستقبل وحزب الله الذى وصلت جلساته إلى سبعة عشر، لتفتح هذة المظاهرات سؤالا مهما وهو هل يمكن أن تكون النفايات سببا فى تغيير المشهد السياسى فى لبنان؟ لا سيما وأن البعض يرى أن المفارقة بين البلد المعروف عنه «الجمال» وتلك النفايات كانت موحية واعتبروا أن تركيبة السلطة بالبلاد اعتراها «العفن»، وصار مصطلح «النفايات السياسية» على كل لسان بما فى ذلك رئيس الحكومة تمام سلام. بداية القصة كانت على «الفيسبوك» حيث نظمت مجموعة «طلعت ريحتكم»، أكثر من تحرك منذ بدء أزمة النفايات، كان فى كل مرة يضم أعداداً جديدة، حتى وصل فى السبت «الدامى» الماضى إلى آلالاف الذين تجمعوا فى الشوارع المحيطة بالسرايا الحكومى ومجلس النواب فى ساحتى رياض الصلح والشهداء، ليقع الاصطدام المروّع مع القوى الأمنية ويوقع عدداً من الجرحى. المحللون للمشهد اللبنانى يرون أن أزمة النفايات فضحت فساد سلطة تحكم لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية، وأن المواطن اللبنانى يستعيد فعل السياسة بخروجه إلى الشارع، وهو يريد الخروج من ثنائية «14 و8 آذار القاتلة» والتى لا يمكن للبلد أن يبقى سجينا لها. وكانت نتيجتها فشل المجلس النيابى اللبنانى فى انتخاب رئيس للبلاد لعدم اكتمال النصاب القانوني، فى ظل غياب معظم أعضاء المجلس وخاصة من فريق 8 آذار، وفراغ السلطة فى لبنان امتد إلى الأداء الحكومى فى حكومة تمام سلام التى لم تستطع البت فى الكثير من المواضيع المهمة - ومن بينها أزمة النفايات- كما أن شرعية مجلس النواب والتمديد له حتى منتصف عام 2017 صارت على المحك. واستمرارا للأزمة المعقدة، مدّد مجلس النواب الشهر الجارى لقيادات أمنية وعسكرية على رأسهم قائد الجيش جان قهوجي، وهو ما أشعل الصراع بين قوى 14 آذار (تيار المستقبل والكتائب..) والتيار الوطنى الحر بقيادة ميشال عون الذى كان يرفض التمديد وهدد باللجوء إلى الشارع. ودعا «عون» إلى «إعادة النظر فى اتفاق الطائف» الذى أنهى الحرب الأهلية فى البلاد عام 1990، معتبرا أن الحل للخروج من جمود عمل المؤسسات الدستورية فى البلاد يكون بانتخابات برلمانية أو انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب. مظاهرات القمامة فرضت سؤالا أخر مهم فهل وظفت القوى السياسيه هذة الأحداث لتصفية الحسابات بينهم؟ والإجابه على لسان المتابعون للمشهد والذين يرون أن هناك قوى سياسية كانت جاهزة لتوظيف الاحتجاجات، فى محاولة للضغط على حكومة تمام سلام بنية إحداث شلل شامل بالبلاد.مشيرين إلى أن تلك الفئة التى تريد حرف مسار المظاهرات تتبع لقوى 8 آذار التى تعطل انتخابات رئاسة الجمهورية، وتريد الضغط على الحكومة كى تستقيل، كما يتهمون رئيس التيار الوطنى الحر» ميشال عون» بأنه وراء التحرك بعد فشله سابقا بحشد المتظاهرين فى الشارع.معتبرين أن الحكومة لو سقطت فلن يكون بالإمكان تشكيل حكومة بديلة ناصحيين بأن يكون تحرك الشارع اللبنانى من أجل تقوية مشروع الدولة الذى هو الأساس لإنقاذ لبنان من أزماته المتعددة. وكشفت مصادر سياسية لبنانية أن مظاهرات وسط بيروت تحوّلت إلى محاولة انقلابية يقودها حزب الله،لإسقاط حكومة الرئيس تمام سلام بغية إيجاد فراغ على كلّ المستويات فى البلد، خصوصا فى عدم وجود رئيسًا للجمهورية.