تشهد الساحة اللبنانية تطورات خطيرة مع تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة اعتراضا على النهج السياسى وتفاقم أزمة القمامة التى شوهت البلد السياحى بالدرجة الأولى. وحذر سياسيون ومراقبون من دخول لبنان دوامة الفوضى خاصة فى ظل تهديد رئيس الحكومة تمام سلام بالاستقالة مما سيحول حالة الفراغ السياسى الى فوضى عارمة تهدد استقرار البلاد والمنطقة وتتيح الفرصة للتدخل الخارجى بقوة. وقد بلغ الغضب من حكومة الوحدة التى يقودها سلام وتضم ساسة منقسمين فى لبنان ذروته فى الأسابيع الأخيرة بسبب الفشل فى حل أزمة تراكم القمامة، وهو ما يجسد فشلا أكبر للدولة الضعيفة. وعانت حكومة سلام حالة من التعثر جراء الخصومات السياسية والطائفية التى فاقمتها أزمات أوسع نطاقا فى الشرق الأوسط ومن بينها الحرب فى سوريا المجاورة. وقال سلام فى خطاب له "أنا بصراحة لست ولن أقبل أن أكون شريكا بهذا الانهيار، دعوا كل المسئولين والقوى السياسية يتحملوا". ولفت إلى أن موضوع النفايات هو القشة التى قصمت ظهر البعير، لكن القصة أكبر بكثير من هذه القشة. هذه قصة النفايات السياسية فى البلد". ونزل آلاف المحتجين إلى شوارع بيروت مطلع هذا الأسبوع جراء أزمة النفايات فى إطار حملة تحمل اسم (طلعت ريحتكم) ردا على القمامة التى تراكمت فى بيروت وحولها الشهر الماضى عندما أغلق مكب نفايات دون الاتفاق على فتح بديل، ومع استئناف عمليات جمع القمامة لم يتم إيجاد حل. ووجهت مدافع المياه وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق عدة آلاف من المتظاهرين بوسط بيروت. وردد المحتجون "الشعب يريد إسقاط النظام". وفى رؤيته للأحداث المتصاعدة بلبنان قال مصطفى هاشم البرلمانى السابق والقيادى بتيار 14 آذار إن مطالب المتظاهرين محقة ورئيس الحكومة تمام سلام أيدها وتعهد بالتجاوب معها، ولابد أن يحافظ المتظاهرون على سلميتهم، ومن سيخترقها سيعاقب وحرية الرأى تكفل التظاهر السلمى واختراقها غير مقبول. وحذر هاشم من وجود تيارات سياسية تريد القضاء على ما تبقى من هيكلية الجمهورية اللبنانية وهو ما يهدد بدخولها نفقا مسدودا، مشيرا فى هذا الإطار الى حزب الإصلاح والتغيير بقيادة ميشيل عون وحزب الله اللذين أججا الازمة. واعرب عن أمله فىي تجاوز الأزمة الراهنة وعدم تصاعد حدة الشغب والاشتباكات بين المتظاهرين والاجهزة الامنية. من جهته اكد الياس عطا الله رئيس حركة اليسار الديمقراطى بلبنان ان هذا الانفجار سببه الاساسى تعطل العملية السياسية فى لبنان منذ اكثر من عام ونصف حيث اصبحت امام انسداد ومصالح شخصية. واكد اهمية التعامل بمرونة مع التحرك الشعبى، مشددا فى الوقت ذاته على أن الاساس هو الاستجابة لأصل المشكلة فالشارع يعترض على النظام ونحن بحاجة لتقويم النظام وليس القضاء عليه. ونبه الى ان التحديات الراهنة تفرض تكثيف الجهود من اجل التوصل لرئيس جمهورية بنسبة "النصف زائد واحد ويجب ان تستقيل الحكومة بعد انتخابه ومجىء حكومة تكنوقراط وانتخاب مجلس نواب جديد". ونبه الى ان عجز الحكومة لا ينحصر فى أزمة القمامة لكن العجز سياسى بالأساس خاصة فى ظل غياب رئيس جمهورية مما انعكس بشكل سلبى على اداء الحكومة، لذا لابد من آلية وأن نعيد للعملية السياسية عملها فوجود رئيس للجمهورية سيتبعه ايجاد حكومة فعالة وانتخابات برلمانية. أصابع خارجية من جهته لم يستبعد رشاد سلامة، النائب الأول الأسبق لرئيس حزب الكتائب اللبنانى، التدخل الخارجى فى الشأن اللبنانى موضحا ان البيئة الراهنة فى لبنان قد تهيئ لهذا التدخل الخارجى الذى يشكل خطورة كبيرة على مستقبل لبنان. واكد ان الحالة الآن لبنانية ولا توجد مشاركة لأى جهات سياسية فالحراك شعبى بالدرجة الاولى.