فى ضوء الانتهاء من تنفيذ مشروع حفر قناة السويس الجديدة وفتحها أمام الملاحة العالمية أكد رؤساء العديد من البنوك الوطنية والبنوك العاملة على أرض مصر استعدادهم الكامل لتمويل مشروع تنمية محور قناة السويس وبدء التنسيق فيما بينهم لصياغة آليات التمويل?، ومن واقع آخر إحصائيات البنك المركزى ، أكد المصرفيون أن القطاع المصرفى يمتلك السيولة الكافية لتمويل المشروع وغيره من المشروعات القومية العملاقة.يتوقع خبراء من مختلف الأوساط الاقتصادية تغيرًا حقيقيًّا فى خريطة مصر الاقتصادية، مع تنفيذ باقى مراحل مشروع تنمية محور قناة السويس. فى البداية وحول رؤيته لهذا الموضوع أكد هشام رامز محافظ البنك المركزى فى تصريحات سابقة أن الجهاز المصرفى المصرى قادر على تمويل المشروعات العملاقة مثل مشروع تنمية محور قناة السويس، كما أن فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية يحمل أهمية استراتيجية للاقتصاد المصرى، نظرًا لما يعكسه ذلك من ثقة عالمية تضعه فى المسار الصحيح على مستوى التنافسية العالمية. وأوضح هشام عكاشة رئيس البنك الأهلى، أن البنك لديه من السيولة والخبرات التى تؤهله للمشاركة بقوة فى تنمية محور قناة السويس مشيرًا إلى أن البنوك الوطنية لها دور ريادى فى تمويل مثل هذه المشروعات، وأضاف أن مشروع تنمية قناة السويس يتضمن مشروعات تنموية متعددة، كما أن الأنشطة المرتبطة به توفر لكافة البنوك والمستثمرين التنوع الكافى للعمل فى مختلف التخصصات، لافتًَا إلى أن هناك مشروعات زراعية وصناعية وتجارية ستجذب المستثمرين المحليين والأجانب، مؤكدًا أن إقبال المستثمرين المحلين سيشجع الأجانب على ضخ استثمارات ضخمة فى المشروع. وفيما يتعلق بالنمط التمويلى المتوقع ذكر عكاشه أن تمويل المشروعات الكبرى ليس جديدا على البنوك المصرية، وأنه من المتوقع أن يتم تشكيل ائتلاف يضم كبرى البنوك لتنفيذ مثل هذه المشروعات. وأكد أن رؤساء البنوك الوطنية لديهم علاقات كبيرة مع نظرائهم فى البنوك الأجنبية، وسيتم استغلالها لضخ استثمارات فى هذا المشروع التنموى، وضرب أمثلة لتمويلات مشتركة مع البنوك الأجنبية مثل إنشاء محطات كهرباء وتسييل الغاز. ومن ناحية أخرى أوضح عكاشة أنه يؤيد اعتماد نظام المدفوعات الإلكترونية فى مشروع محور قناة السويس، موصيًا بضرورة دراسته لتطبيقه مرحليًا، نظرًا لطبيعة ثقافة التعامل مع المدفوعات الإلكترونية، ومراعاة طبيعة المعاملة بهذا النظام. وقال محمد الأتربى رئيس مجلس إدارة بنك مصر إن افتتاح قناة السويس الجديدة يأتى انعكاسًا لقدرة المصريين على صناعة المعجزات، وشهادة ثقة لانطلاق الاقتصاد المصرى نحو التنمية المستدامة، والتنافسية العالمية، وأضاف أنه ينظر إلى الاحتفال على أنه آلية وفرصة جيدة وبالغة الأهمية للترويج لفرص الاستثمار فى السوق المصرى، لافتًا إلى أن إطلاق مخطط محور تنمية القناة خلال الاحتفال يمثل نظرة ثاقبة لاستثمار الحدث واهتمام العالم به على كافة المستويات المالية والتجارية والاقتصادية، والسياسية. وأكد رئيس بنك مصر قدرة وجاهزية البنوك المصرية واستعدادها لتمويل المشروعات التنموية الكبرى التى سيتم طرحها سواء فى محور تنمية القناة، أو فى مناطق أخرى على مستوى الجمهورية، موضحًا أن ذلك يأتى انطلاقًا من ارتفاع قيمة السيولة لدى البنوك، إلى جانب توافر عنصر الخبرة والكفاءة، مشيرًا إلى أن مصرفه على سبيل المثال يمتلك سيولة ضخمة حيث تصل نسبة القروض للودائع 22 % حاليا بعد أن شهدت نموا بنحو 20% العام المالى الماضى، كما حصل على المركز الأول على مستوى أفريقيا العام الماضى فى هذا المجال. ويرى أن افتتاح قناة السويس الجديدة يعد بداية حقيقية لانطلاق الاقتصاد المصرى نحو التنمية الحقيقية، بما يضع مصر فى مقدمة أكبرالاقتصادات الناشئة عالميًا، كما هو مرسوم ومخطط فى استراتيجية التنمية لعام 2030. فرص الاستثمار ومن جانبه أوضح هانى سيف النصر رئيس بنك الاستثمار العربى أن فترة حفر وشق أى قناة تستغرق من 3 إلى 4 سنوات وأن ذلك هو المعدل العالمى مما يؤكد أن إقامة قناة السويس الجديدة فى عام يعد رسالة إصرار على قدرة المصريين، ويؤكد أن مصر عازمة على المضى قدمًا فى الطريق الصحيح لبناء اقتصاد قوى، كما يمثل رسالة إيجابية للترويج لفرص الاستثمار وجذب الاستثمارات فى محور تنمية قناة السويس، لاسيما أن السوق المصرى يصنف عالميا ضمن الأسواق الأعلى عائدا خاصة بعد إقرار قانون الاستثمار الجديد، وإخضاع محور تنمية القناة كمنطقة اقتصادية خاصة للقضاء على التعقيدات البيروقراطية المعوقة لتدفق الاستثمار. وأضاف سيف النصر أن هذه الروح فى العمل يجب أن تستمر على كافة المستويات وفى جميع المؤسسات، والشركات. وأوضح أن الجهاز المصرفى قدم الدرس الأول فى تعبئة التمويل اللازم لهذا المشروع القومى معتمدا على الروح الوطنية التى بثها الرئيس عبد الفتاح السيسى لدى المصريين فى العزم والإرادة الوطنية لبناء الاقتصاد، لافتًا إلى أن كفاءة ومهنية الجهاز المصرفى وخبراته، كانت من أسباب نجاح شهادات استثمار قناة السويس التى فاقت نجاحاتها كل التوقعات وتم جمع 64 مليار جنيه فى أسبوع تقريبا بفضل مواصلة العاملين فى البنوك والعمل ليل نهار تقريبا، وأضاف أن شهادات استثمار إقامة القناة كانت مؤشرا إيجابيا للعالم على إرادة المصريين، وأن بمصر مؤسسات مصرفية محترفة وقوية. وكشف سيف النصر أن بنك الاستثمار العربى رصد مليار جنيه لمشروعات محور تنمية قناة السويس المرتبط بافتتاح القناة، مشيرًا إلى أن نصف هذا الرقم وهو ما يعادل 500 مليون جنيه تم رصده لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى محور تنمية القناة، وأنه بالفعل تم توفير التمويل لمشروعين من هذه المشروعات، مؤكدًا أنه تم تعزيز فروع البنك فى المحافظات والمدن المرتبطة بالمشروع من خلال افتتاح فروع جديدة، حيث تم افتتاح فرع السويس، مع تطوير فرع بورسعيد، والتجهيز لافتتاح فرع جديد بها أيضًا، إلى جانب افتتاح فرع فى مدينة الإسماعيلية الجديدة قريبًا، وذلك بهدف الانتشار وسرعة تقديم الخدمات المصرفية والتمويلية للمشروعات. وأضاف أنه على مستوى تمويل المشروعات الكبيرة والتى يتوقع أن تشهد قفزة كبيرة بعد افتتاح القناة الجديدة، فإن البنك رصد 500 مليون جنيه للدخول فى القروض المشتركة التى ستقدمها البنوك لهذه المشروعات نظرا لضخامة هذه المشروعات لاسيما فى بناء وصيانة وتموين السفن والخدمات اللوجستية، إلى جانب المشروعات السياحية اللازمة لخدمة هذا الممر الملاحى الأكبر عالميا. ووفقا ل سيف النصر فإن البنوك فى مصر يمكنها أن تساهم فى المشروعات الاستثمارية على أن تتخارج بطرح أسهمها فى البورصة بعد دخول هذه المشروعات التشغيل، لافتا إلى أن السيولة الضخمة لدى البنوك إلى جانب الحرفية والخبرات العالية، تمكنها من القيام بهذا الدور، مشيرًا إلى أن البنوك يمكن أن تساهم من واقع خبراتها فى تقديم دراسات الجدوى الخاصة بتلك المشروعات وعدم الاكتفاء بالجانب التمويلى، إلى جانب إقامة تحالفات مصرفية مع بنوك خارجية لتوفير التمويل للمشرعات الكبرى. زيادة الربحية وقال كريم نامق رئيس قطاع الخزانة السابق ببنك الإسكندرية إن مشروع تنمية محور قناة السويس يعد بمثابة فرصة للبنوك المصرية والأجنبية العاملة فى مصر لتحسين محفظة الائتمان والربحية لأى بنك، وذلك لما تتمتع به هذه البنوك من سيولة كبيرة تستثمر فى أذون الخزانة. مشيرًا إلى أنه لا مجال للمخاطر الائتمانية للمشروع، انطلاقًا من أن أى مشروع ذى جدوى اقتصادية له مخاطر وهذا الأمر يعتبر جزءًا من عمل البنوك، علمًا بأن مشروع تنمية قناة السويس لا يمكن مقارنته بأية مشروعات أخرى. ومن جانبها أكدت بسنت فهمى الخبير المصرفى أن المبلغ المطلوب لتنفيذ المشروع المقدر ب 4 مليارات دولار بسيط ويمكن توفيره بسهولة، مؤكدة فى الوقت ذاته ضرورة البحث عن موارد جديدة للعملة الصعبة، واقترحت على سبيل المثال تعزيز دور الدولة فى طرح أراضٍ للبيع بالعملة الصعبة للمصريين المقيمين بالخارج بسعر مخفض قليلا عن سعر السوق كنوع من التحفيز، وأضافت أن ذلك من الممكن أن يدر مليارات من العملة الصعبة خاصة وأن عدد المصريين المقيمين بالخارج يتجاوز 10 ملايين مواطن مصرى. وأكد فتحى ياسين الخبير المصرفى البارز ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلى الأسبق أن أفضل آلية يمكن خلالها تمويل البنوك لمشروع تنمية محور قناة السويس والمشروعات القومية بصفة عامة هى إقامة تحالفات وشراكة بين البنوك بناءً على دراسات جدوى مشتركة مما يساعد على زيادة القدرة على مواجهة المخاطر،مشيرًا إلى أن البنوك المصرية قدمت نماذج ناجحة فى تمويل مثل هذه المشروعات فى ثمانينيات القرن الماضى فى مجالات عديدة أبرزها مجال صناعة الأسمنت. مشددًا على أن هذا المشروع يعد من المشروعات القومية شديدة الأهمية بما يمكن أن يترتب على نجاحه من ارتفاع معدل التشغيل ومحاربة البطالة ووضع مصر على أعتباب نهضة اقتصادية حقيقية. وطالب البنوك بإخراج المشروعات التنموية من الأدراج وطرحها للنقاش تمهيدًا لمواصلة الدور التنموى التاريخى للبنوك المصرية.