دخل الأطفال على خط المواجهة فى المعارك الضارية بين تنظيم داعش من جهة والحشد الشعبى من جهة أخرى، الطرفان يقيمان معسكرات لتدريب هؤلاء الصبية والمراهقين ويقومان بعملية غسيل لعقولهم الصغيرة لتجهيزهم للحرب المقدسة كما يراها كل طرف. ويرى البعض أن التحاق الأطفال بالجماعات الإرهابية ليس شيئا جديدا فى العراق، فهذا التقليد كان سائدا فى زمن «أبو مصعب الزرقاوى» زعيم القاعدة فى العراق المنظمة الأم التى انبثق منها (داعش).ويعتمد «هذا التنظيم المتطرف» على أساليب متعددة لجذب الأطفال والمراهقين منها تنظيم المؤتمرات فى المدارس حول موضوع الحرب وينمى لدى الأطفال قدرتهم على القتال كما يؤمن لهم عددا من الأنشطة الترفيهية والأجواء الخاصة التى غالبا ما افتقدت فى البلد بسبب النزاع الدائر. ووفقا لتقرير صادر من الأممالمتحدة عن ظاهرة تجنيد الأطفال أكد أن التنظيمات الإرهابية تعمد إلى جذب الأطفال الأصغر سنا إلى صفوفهم لكونهم الفئة الأكثر انصياعاً ولقابليتهم للسيطرة مستقبلاً كاشفاً عن الوسائل والسبل التى تنتهجها التنظيمات الإرهابية لجذب الأطفال، حيث نشرت التنظيمات الإرهابية على شبكة الإنترنت دليلاً إرشادياً يشرح لأمهات التنظيمات المسلحة، إضافة إلى مؤيدات التنظيمات ممن لم ينضممن إليهم كيفية تنشئة أطفالهن طبقاً لمبادئ وتعليمات التنظيمات التكفيرية، مشيرًا إلى أن التنظيمات المتطرفة تركز على واحدة من أهم خطوات تجنيد المراهقين ممن هم دون الثامنة عشرة، وهى حالة النزعة الدينية المتوهجة لصغار السن، الذين عادة ما يكونون قد انخرطوا فى تجربة تديّن حديثة، ممزوجة بروح التضحية ومشبعة بالفكر الجهادى، خاصة فى ظل المواد الإعلامية التى تروجها التنظيمات الجهادية المتطرفة، مضيفا أن الأطفال خاصة من هم فى بداية مرحلة المراهقة يعدون صيداً ثميناً لجماعات التطرف، بسبب استغلال حسن نواياهم واندفاعهم، ورغبتهم الملحة فى تغيير الأوضاع التى يعانى منها العالم الإسلامى على حد زعمهم ووفق الرؤية الساذجة التى يقدمها إعلام تلك الجماعات والتنظيمات لهؤلاء الأطفال، من دون النظر للتعقيدات السياسية التى تحيط بالمناطق التى تشتعل فيها بؤر الصراعات والنزاعات. وأوضح التقرير أن التنظيمات الإرهابية تخلط الروايات التاريخية بعضها ببعض عن عمد حتى يجذبوا المزيد والمزيد من المقاتلين الذين يقاتلون حمية من دون وعى ولا فكر. وأضاف التقرير أن تجنيد الأطفال يُحدث صدمةً كبيرة، حيث تسعى التنظيمات التكفيرية لزرع فكرة أنّها الجماعة الأكثر خطورة فى العالم فى سعى دءوب من قادة هذه التنظيمات للسيطرة على عقول الشباب والصغار والعبث بها، كذلك فإن استخدام الأطفال تقنية فعّالة لهذه التنظيمات الإرهابية، حيث تقوم هذه التنظيمات بعملية غسل أدمغتهم وصب مبادئها فيهم ليخرج بعد ذلك جيل يكره العالم ويمقت سبل السلام. وذكر التقرير أن هذه الجريمة التى يرتكبها التنظيم بحق الأطفال تساعده على جذب مزيد من المقاتلين الجدد عبر الإنترنت، من خلال الضجة الإعلامية التى يثيرها بنشر أشرطته الدموية عبر وسائل التواصل الاجتماعى. كما يرى التنظيم فى الأطفال وسيلة لضمان الولاء على المدى البعيد، حيث يتم تدريبهم منذ نعومة أظافرهم على الفكر التكفيرى الدموي، فضلًا عن حاجتهم لأشخاص يلتزمون بعقيدته من أجل المحافظة على الولاء لكياناتهم المزعومة. وأشار التقرير إلى أن بعض التنظيمات الإرهابية تستخدم الأطفال المعاقين ذهنياً كانتحاريين وكدروع بشرية، وأن بعض متشددى التنظيمات التكفيرية يقومون ببيع الأطفال المختطفين، وخاصة المنتمين للأقليات، كما يستخدمونهم فى الاستعباد الجنسى ويقتلون آخرين، إما عن طريق الصلب أو الدفن على قيد الحياة. من جانب آخر، أكد مصدر محلى فى محافظة الأنبار أن تنظيم داعش فرض التجنيد الإلزامى على الأطفال فى مدينة الرطبة ممن تتراوح أعمارهم ما بين 10 و15 سنة أن «مسلحى تنظيم داعش يقومون بتدريب أولئك الأطفال على القتل والإجرام لاستخدامهم كانتحاريين من خلال إرسالهم للتدريب فى أحد معسكراته بسوريا وذلك لإبعادهم عن أهلهم من جهة، ولتجنيبهم قصف طيران التحالف الدولى بقدر الإمكان من جهة أخرى، بينما يقوم التنظيم الإرهابى بدفع مبالغ مالية لأهالى الأطفال مقابل تجنيدهم. ويشير شهود عيان إلى أن المدارس فى الفلوجة تحولت إلى مراكز لتدريب الأطفال على العمليات الإرهابية ووفقا لمراقبين وشهود عيان ذكروا أن أكثر من 700 عنصر من عصابات (داعش) من جنسيات أجنبية وعربية يسكنون فى مراكز شرطة مدينة الفلوجة ومدارسها ويقومون بتدريب مئات الأطفال الذين تم تجنيدهم للقتال فى صفوف التنظيم الإرهابى بعد أن أجبروا ذويهم على تسجيل أسماء أبنائهم للالتحاق بمراكز التدريب وأن العصابات الداعشية فى الفلوجة شكلت لجنة تأخذ الإتاوات والأموال من أهالى الفلوجة بمعدل 100 دولار شهريًا من كل عائلة وتقوم بتوزيعها على عناصرها من جنسيات أجنبية وعربية. وبحسب مراقبين لم تكن الفلوجة هى المدينة الأولى التى يجبر تنظيم داعش الأطفال فيها على الانخراط فى عمليات إرهابية بعد إخضاعهم لتدريبات على الإرهاب، حيث سبق أن قام التنظيم بخطف أكثر من 1200 طفل من مناطق مختلفة من مدينة الموصل بشمال العراق وإرسالهم إلى معسكرات على الضواحى الشرقية لمدينة الموصل وأخرى فى مدينة الرقة السورية، ليتم إجبارهم على الخضوع لتدريبات للقيام بأعمال إرهابية. فى السياق نفسه، أفاد شهود عيان من أهالى مدينة الرمادى بأن الأهالى الذين لم يتمكنوا من الهرب عند دخول مسلحى تنظيم داعش إلى المدينة أصبحوا مجبرين على أخذ مبالغ مالية من التنظيم الإرهابى بالإضافة إلى مواد غذائية وملابس، مقابل تسليم أطفالهم للتنظيم المتشدد الذى يقوم بتدريبهم وتجهيزهم لتنفيذ عمليات إرهابية». وأضاف الشهود أن «التنظيم الإرهابى المتطرف يقوم بإعطاء الأطفال المجندين من مختلف مدن الأنبار ومنهم أطفال جلبهم التنظيم من سوريا دروسًا فى القتال وأخرى فى التعليم على أساليب وحشية لعمليات النحر والذبح، ويتلقى الأطفال التدريب لمدة 40 يومًا، وهناك معسكرات خصصت لهذا الغرض فى العراقوسوريا منها ما يعرف بمعسكر الخليفة للأشبال فى مدينة الرقة السورية». وكشف الشهود أن «التنظيم الإرهابى يقوم بإعطاء ذوى الأطفال المجندين مبلغ 200 دولار أمريكى شهريًا مقابل تجنيد أطفالهم، وإذا رفض الأهالى إرسال أطفالهم للتجنيد، يجب إلحاقهم بالدروس التى تقام فى المساجد لدراسة القرآن الكريم، حيث يتم إقناعهم بالانضمام إلى المعسكرات، والى جانب هذا الاستغلال للأطفال، فإن تنظيم داعش، لم يستثن الأطفال من عقوبة الإعدام فى حال عصيان الأوامر وعدم تنفيذ العمليات الإرهابية المناطة إليهم». وفى المقابل قام أنصار الحشد الشعبى بالشىء ذاته ووفقا لمراقبين وشهود عيان فإن الجهات المسئولة عن الحشد الشعبى فى محافظة ديالى بدأت بخطة لتدريب الطلاب الجامعيين وطلاب المدارس الثانوية داخل معسكرات خاصة تابعة للحشد الشعبى. وتضمن التدريب خطوات استخدام السلاح الخفيف والمتوسط وخوض حرب الشوارع، فضلاً عن محاضرات يلقيها رجال دين وقادة فى الحشد الشعبى على الطلاب وشمل التدريب حتى الآن أكثر من 600 طالب كدفعة أولى، وهم من مناطق خاصة ينتقيها الحشد الشعبى بنفسه، وتعد من المناطق ذات الأغلبية الشيعية تحديداً»، ويحصل المتدربون باجات (هويات) الحشد الشعبى، وبعد انتهاء تدريباتهم يعودون إلى مقاعدهم الدراسيّة، لكنهم سيبقون رهن إشارة قيادة الحشد، فى أىّ وقت يحتاجونهم سيدعونهم إلى الالتحاق بالقتال. وهويات الحشد التى حصل عليها المتدربون ستكون ضماناً لهم فى المدارس والجامعات وسيحصلون من خلالها على تسهيلات كبيرة فى الدراسة، فضلاً عن الأولوية التى سيحضون بها فى التعيينات الحكومية.