أرصد ما يحدث فى رمضان على شاشات الفضائيات منذ يناير 2011 وحتى الآن.. وأجد أن الأمر غريب ولافت للنظر، فهذا الكم غير المسبوق من الدراما والبرامج على كل الفضائيات قد اتسم معظمه بخط واحد لا يحيد عنه وهو الابتذال والعُرى والحبكة الدرامية المناهضة لكل الأخلاقيات والقيم وكأنها خطة موضوعة لإفساد المجتمع وتفكيكه اجتماعيا وإبعاده عن كل ما يتعلق بالثوابت والقيم والأخلاقيات.. خطة بديلة نعرف تماما من يقف وراءها.. ومن المستفيد منها بعد أن فشل فى زعزعة استقرار وأمن الوطن عن طريق التمويلات الخارجية لأفراد أو منظمات تدعم الإرهاب. ثوره يناير 2011.. هبت على مصر برياح التغيير.. كلنا يعرف حدوتة التمويلات الخارجية للمنظمات والأفراد، والذين استغلوا أحداث الثورة.. وكلنا يعرف المخطط الخارجى الذى كان وراء ذلك لهدم الدولة المصرية! وفى فترة الحكم العسكرى عندما تولى المشير طنطاوى مقاليد السلطة تم رصد هذه التمويلات المشبوهة وتم حجبها إلا قليلا.. وعندما جاءت ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم الجماعة الإرهابية تم إحكام السيطرة على هذه التمويلات من قبل الدولة فترة رئاسة المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت.. وعندما جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكم بإرادة شعبية منقطعة النظير تم إغلاق هذا الباب «بالضبة والمفتاح»، باب التمويلات الأجنبية المشبوهة وتم رصد كل هذه التمويلات التى تدعم الأعمال الإرهابية سواء تمويلات لأشخاص بعينهم أو تمويلات لجهات أو منظمات. ??? ماذا يفعل الكارهون لمصر أمام ذلك؟! هل يقفون مكتوفى الأيدى ينظرون لمصر وهى تخطو نحو الإصلاح الاقتصادى بخطوات متسارعة وتخطو نحو إنشاء الدولة بمفهومها الصحيح؟.. بالطبع لا..!! ماذا هم فاعلون؟! أعتقد، بل يصل اعتقادى هذا إلى المؤكد.. إنهم يحاولون إفساد ما تحقق على أرض الواقع من خلال مخطط جديد يلعب فيه الإعلام بكل قنواته الدور الرئيسى والمهم.. فلا جدال أنهم يملكون السيطرة على قنوات فضائية عديدة عاملة فى مصر.. يملكون الدفع برجال أعمال أو أشخاص موالين لهم لإنشاء قنوات فضائية جديدة تعمل على خدمة مصالحهم وما يريدون تحقيقه وقد حدث بالفعل!! فأنا لا أفهم مبررًا واحدًا لهذا الكم الهائل من الدراما والبرامج الرمضانية التى تحوى مشاهد العُرى والإباحية وتحوى فى مضمونها قيما غير أخلاقية تتنافى مع ما عاش عليه المجتمع من قبل!! ??? ولنعود قليلا إلى أشهر مضت ونرصد هذا المخطط والذى بدأ بهجوم إسلام البحيرى على مناهج الأزهر الشريف.. فى دعوة لإفقاد الثقة فى هذا الصرح الإسلامى العربى الذى يمثل وسطية الدين فى كل الأزمنة، تلا ذلك دعاوى «إيناس الدغيدى» حول إباحة ممارسة الجنس قبل الزواج وغيرها!! وصولا لما قاله د. خالد منتصر حول صيام رمضان وأنه ضار بالصحة.. وتشكيكه فى طهارة مياه زمزم!! وغيرها من الأطروحات المماثلة وكلها على قنوات فضائية خاصة مملوكة لرجال أعمال أو أشخاص.. لا أعفيهم من وجود نية التعمد والقصد من وراء ذلك كله..!! ??? وأنا لست أفهم معنى أن يتحول الإعلام الفضائى فى الشهر الكريم إلى مهرجان للعُرى والابتذال تتصدره الراقصات من خلال المسلسلات والبرامج! وأين ضمير القائمين على هذه الفضائيات وهم يعرفون أنهم يقدمون للمشاهدين هذا «الغث» فى الشهر الفضيل؟.. من يحاسب هؤلاء؟.. من يقوم بتفعيل مواثيق الشرف الإعلامى التى تشدقنا بها طويلا فى أكثر من مؤتمر لوزراء الإعلام العربى داخل أروقة الجامعة العربية؟! هذه المواثيق التى تنص على احترام الذوق والفضيلة والأخلاقيات وقيم المجتمعات وعاداتها وتقاليدها وثوابتها الدينية.. أين ذلك كله أمام ما يحدث كل عام من خلال هذه الفضائيات المشبوهة وخاصة فى شهر رمضان؟! إن الثابت من كل ذلك والذى لا يخفى على أحد أن المخطط الخارجى لهدم الدولة المصرية والذى بدأ قبل يناير 2011 من خلال الدعم والتمويل للأفراد ومنظمات المجتمع المدنى لا يزال مستمرًا ولكن من خلال أشخاص وليس منظمات، أشخاص يديرون هذه الفضائيات المشبوهة لصالح ما يمليه عليهم الغرب.. ويبثون من خلالها هذه النوعية من الأعمال التى تساهم كثيرًا فى إفساد القيم والذوق العام والسلوكيات وتهدد الأمن الاجتماعى داخل المجتمع!! ??? هذا كله لا يعفى إعلام الدولة من عدم القدرة على مواجهة هذا الكم «الغث» الذى تقدمه الفضائيات الخاصة للمتلقى فى شهر رمضان، لا يعفى إعلام الدولة ممثلا فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون من خلال قطاع مهم هو قطاع الإنتاج - كان فى أيام الزمن الجميل يقدم للمشاهد المصرى والعربى زخائر التراث الإسلامى والتاريخى فى أعمال درامية لازالت محفورة فى الذاكرة حتى الآن لمن شاهدها.. لا يعفى المشهد الحالى مدينة الإنتاج الإعلامى أيضا من خلال قطاعات الإنتاج بها من التخاذل على الإقدام على إنتاج مثل هذه الأعمال الدرامية الدينية والتاريخية الإسلامية لتقدمها للمجتمع فى رمضان وتواجه بها هذا الانحلال الذى تقدمه الفضائيات الخاصة.. ??? ولكن نحاسب مَن على هذا التقصير سواء كان متعمدًا أو دون قصد أو خاضعا للموازنات المالية.. وإن كنا نؤكد على أن دور إعلام الدولة ليس الربح فى المقام الأول - إنما إعلاء قيم الأخلاق والفضائل والحفاظ على هوية المجتمع وعاداته وتقاليده وقيمه الدينية قبل أى شىء..!! وإن كان ذلك لم يحدث فهى علامة استفهام أخرى تضاف إلى علامات الاستفهام السابقة التى تناولتها ولا يمكن أن نعفى أحدا داخل الإعلام الوطنى من هذه المسئولية - مسئولية الحفاظ على قيم المجتمع وتراثه ودينه.. ??? إنها فتنة بكل المقاييس، لعن الله من زكاها وأيقظها فى نفوس الصائمين، وحسبُنا الله ونعم الوكيل. [email protected]