وجه عدد من الإدارات بوزارة الزراعة خلال الفترة الماضية ضربات قوية ل «مافيا» الفساد، وشدد د. صلاح هلال وزير الزراعة واستصلاح الأراضى على أنه لن يفلت فاسد من المساءلة والعقاب، وستتم محاسبة كافة المسئولين المتورطين فى شبهات فساد من شأنها الإضرار بمصالح المواطنين وإهدار حق الدولة، لافتاً إلى أن حرب الوزارة ضد الفاسدين مستمرة ولن يستطيع أحد أن يوقفها إلا بعد عودة حق الدولة والقضاء على الفساد نهائياً. كان وزير الزراعة أحال ملف رسائل الحيوانات الحية الواردة من دولتى أوروجواى والبرازيل كمنحة من الإمارات إلى النيابة الإدارية للتحقيق فى المخالفات المالية التى شابت أعمالها. وكانت تقارير اللجان الفنية التى شكلها وزير الزراعة لفحص ومراجعة الموقف المالى لمشروع المنحة الإماراتية كشفت عن وجود العديد من المخالفات المالية شابت أعمال تسليم رءوس الماشية بالمحافظات المختلفة وتبديد البعض منها والاستيلاء على قيمتها وبيع البعض الآخر بالأسواق السوداء بالمخالفة لضوابط توزيعها، فضلا عن عدم تحصيل المستحقات المالية لوزارة الزراعة لدى بعض الجهات المستفيدة من المنحة. وكانت الإمارات أهدت مصر 100 ألف رأس من الماشية فى عام 2014 وتسلمت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى جزءًا منها وتولت توزيعها على المحافظات المختلفة ليتم بعد ذلك ذبحها وبيع لحومها للجمهور بأسعار مخفضة. وكشفت مصادر مسئولة فى وزارة الزراعة أن شبهة التلاعب الأولى فى المنحة الإماراتية ترجع إلى صيغة العقود التى وزعتها الوزارة على مديريتها لاستلام رءوس الماشية الحية، والتى نصت على استلام الرءوس حية على غير المعتاد من تسليمها لحم بالعظام بعدد الكيلوات، وهو ما فتح الباب أمام التلاعب فى التصرف بالمنحة على أهواء البعض إلى جانب عدم ذكر عقد الزراعة الصادر عن قطاع الثروة الحيوانية أوجه التصرف فى «العفشة» التى تشمل الجلد والأحشاء الخاصة بالماشية عقب ذبحها والتى تبلغ القيمة السوقية للرأس الواحدة ألف جنيه وفقاً للمصادر. وأشارت المصادر إلى أن بعض مديريات الزراعة رفضت الاستلام لعدم وجود أماكن لحجز الماشية وعدم توافر أماكن عرض داخل المجمعات الاستهلاكية الخاصة بوزارة التموين التى كان من المفترض أن يتم عرضها بها، مؤكدة إن الوحدات المحلية تسلمت أعدادًا كبيرة من الرؤوس تصل إلى 50 ألف رأس وذبحتها فى المجازر الرسمية وتولت توزيعها إلى مصادر غير معلومة إلى جانب أن بعض منافذ وزارة الزراعة باعت لحوم المنحة الإماراتية فى المحافظات بسعر 45 و55 جنيهًا للكيلو بالمخالفة لشروط المنحة المجانية التى يجب توزيعها على الفقراء. من جانب آخر، قرر مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية برئاسة رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، بإجماع الآراء تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية ضد الذين غيروا الغرض المقرر للأراضى من زراعى إلى سكنى بضرورة سداد المبالغ المستحقة للهيئة عن تغيير هذا النشاط وفقاً لقرارات مجلس الإدارة السابقة بشأن تحديد قيمة هذه المخالفات. جاء ذلك خلال اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، برئاسة المهندس إبراهيم محلب وحضور الدكتور صلاح هلال وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، ووزراء الرى، والإسكان، والتخطيط، والتنمية المحلية، ومحافظ المنيا، ومحافظ جنوبسيناء. وقرر المجلس منح مهلة شهرًا بدءاً من 7 يونيو الجارى لتقنين الأوضاع لمن غَّير النشاط وسداد المستحقات وإلا سيتم تنفيذ القرارات الصادرة بالإزالة بكل حزم وشدة، مؤكدا أن الدولة ستستنفر كامل أجهزتها لاسترداد حقها وتطبيق القانون بحسم، وإزالة أى مبانى مخالفة فى حال عدم تقدمهم لتقنين أوضاعهم. وأكد رئيس الوزراء ضرورة أن يتم اتخاذ قرارات من شأنها التيسير على المواطنين وعملاء الهيئة، مع مراعاة الحفاظ على حق الدولة وأولويات التنمية وحل مشكلات المستثمرين، مؤكداً ضرورة احترام العقود، وأن «العقد شريعة المتعاقدين» وأن الإلتزام بالتعاقدات من أهم واجبات الهيئة. وشدد رئيس مجلس الوزراء على ضرورة مساهمة أى مستثمر فى تكلفة المرافق وأن يتم عرض دراسة على مجلس الوزراء لتحديد نسب مساهمة المستثمر، حسب السياسة العامة للدولة فى التنمية وإضافة ذلك فى العقود الجديدة. فى سياق متصل، أحال د. صلاح هلال وزير الزراعة واستصلاح الأراضى ملفات 21 عميلًا بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إلى النائب العام، لوجود اختلاف وتلاعب فى البيانات الخاصة بطلبات وضع اليد وتغيير اسم مقدم الطلب والمساحة والمنطقة المطلوب التعامل معها بتلك الملفات عما هو ثابت بقاعدة بيانات الهيئة. وأوضح هلال أنه تم تشكيل لجنة برئاسة المدير التنفيذى للهيئة لفحص كافة الملفات والطلبات والأوراق الخاصة بالمتعاملين معها، لكشف أى تلاعب أو تزوير، وذلك فى إطار خطة الوزارة لمكافحة الفساد والقضاء عليه، لافتًا إلى أن ذلك الأمر يجرى تطبيقه حالياً بكافة القطاعات والهيئات التابعة للوزارة. وقال وزير الزراعة إنه تم فحص تلك الملفات بمعرفة المختصين حيث تبين التلاعب فى بيانات الحاسب الآلى واستبدال طلبات بعض العملاء بآخرين، وذلك بالكشط وتغيير بيانات الطلب الأصلى الذى يحمل الرقم والأختام بقاعدة البيانات، موضحاً انه تلاحظ تغيير البيانات الحقيقية المسجلة على الحاسب الآلى ووضع البيانات الجديدة والمخالفة للحقيقة ما أدى إلى منحهم الصفة القانونية لواضعى اليد دون وجه حق، معتبراً ذلك إضرارًا عمديًا بالمال العام. وتابع الوزير أن إجمالى المساحات التى تم التلاعب فى أوراقها بلغت 4383 فدانًا، فى مناطق سوهاج، والمنيا، والإسماعيلية وأسوان، وغرب الإسكندرية الصحراوى، وأن متوسط سعر الفدان يقدر ب 50 ألف جنيه، حيث قدرت القيمة الإجمالية لهذه المساحات بحوالى 219 مليونًا و150 ألف جنيه. على الصعيد ذاته، أنهى وزير الزراعة تكليف المهندس سامى السيد محمد محمود مدير إدارة خدمة المصدرين بالإسكندرية، والمهندس أسامة فؤاد عبد القادر رئيس قسم الحجر الزراعى بأسوان والمهندس نصر السيد محمد مسئول الحجر الزراعى بمنفذ قسطل الحدودى، وأحال مخالفاتهم إلى النيابة الإدارية بسبب تقصيرهم وتقاعسهم عن أداء الأعمال المنوطة بهم وعدم تقديرهم للمواقف. كان وزير الزراعة بدأ فى تنفيذ خطة لمكافحة الفساد فى الوزارة وإحالة المتقاعسين والمخالفين إلى جهات التحقيق المختلفة، حيث أحال كافة المسئولين بجمعيتى قنا المركزية والمشتركة إلى النائب العام نتيجة عدد من المخالفات التى كشفت عنها تقارير لجان الفحص والمتابعة بالوزارة. وقال هلال إن تقارير لجان المتابعة كشفت عن جمع مسئولى الجمعية المركزية بقنا مدفوعات مقدمة من المزارعين والجمعيات المحلية للأسمدة المدعمة، فضلا عن عدم فصل حساب الأسمدة عن باقى حسابات أنشطة الجمعية واستغلالها فى أنشطة أخرى غير المخصص لها، الأمر الذى أدى لارتفاع مديونية الأسمدة لدى الجمعية العامة وتحميل الجمعية المركزية والجمعية المحلية بفوائد عالية. أما فيما يخص الجمعية المشتركة بقنا، فأوضح الوزير انه تلاحظ تبديد بعض العجول الواردة من أورجواى وعدم متابعتها مما أدى لإهدار المال العام، وعدم تحقيق الأهداف التى تم على أساسها تم منح العجول للجمعية، وضياع الفرصة على المزارع البسيط والمرأة المعيلة وذلك بالمخالفة للتعاقد الذى تم مع الجمعية.