«النباتات الصحراوية ثروة قومية لمصر فى حالة التوسع فى زراعتها» هذا ما أكده الدكتور صموئيل أسعد حفيد إبراهيم الجوهرى رئيس وزراء مصر فى عهد محمد على خلال حديثه لمجلة أكتوبر، مشيرًا إلى أن هذه النباتات هى السبيل الوحيد ليس فقط لسد الفجوة الغذائية فى مصر بل لتحويلها إلى سلة غذاء العالم، كما كانت قديمًا، ومشددًا على أن زراعة النباتات الصحراوية تخفض تكلفة استصلاح الأراضى بنسبة تصل إلى 90% ، ويرفع جودة الإنتاج إلى 70%، مع أنها تعتمد فى الرى على الأمطار والمياه الجوفية فقط وتتحمل ملوحة التربة وهو ما ينقذ مصر من الفقر المائى.وأكد أسعد أن مصر ستعود لمجدها القديم على يد الرئيس السيسى الذى وصفه بأنه حور محب مصر العصر الحديث... ? هل يمكن فى البداية أن تقدم بطاقة تعارف للقارئ؟ ?? اسمى صموئيل أسعد عزيز مواطن مصرى طبيب بيطرى من الصعيد وبالتحديد من قنا، وقد ادخلت استزراع بعض النباتات الصحراوية لزراعتها فى مصر منذ الثمانينيات، وتوصلت إلى تكوين سبيكة فولاذية من الطمى المتراكم خلف السد العالى، وقمت بأبحاث على البناء بطمى النيل والخامات غير التقليدية، وترجع جذور عائلتى من جهة والدتى إلى إبراهيم الجوهرى رئيس وزراء مصر فى عهد محمد على.. ? ما هى قصتك مع النباتات الصحراوية؟ ?? بدأت قصتى عندما قرأت فى التاريخ المصرى القديم قصة «أونا» حارس بوابة مصر الجنوبية فى عهد الأسرة الأولى، والذى حفر قناة اونا فى قلب الشلالات، وزرع أشجارا معمرة فى منطقة جوبا ولذلك سمى هذا النبات «جو جوبا» وهو نبات صحراوى، والنباتات الصحراوية هى النباتات التى تتحمل العطش الشديد وملوحة المياه والتربة وتقاوم التغييرات المناخية، ولا تحتاج لمخصبات أو كثير من الرعاية، فهى النباتات الربانية التى تنمو طبيعية، ومن هنا بدأت رحلتى مع النباتات الصحراوية، فقد أدركت حقيقة أن أرض مصر كلها كانت معمورة تماماً بالسكان والحياة والزراعة فى عهد قدماء المصريين ومجد مصر القديم.. وبدأنا فى اتخاذ خطوات لزراعة صحراوات مصر الشاسعة التى تصلح لأن تكون مشتلاً للبذور والتقاوى لزراعة دول حوض النيل وسائر دول الشرق بما يقضى على الفقر ويسد الفجوة الغذائية ويرفع محتوى كوكبنا من الأوكسجين بما يحفظ طبقة الأوزون وينقى بيئة الإنسان من الغازات الضارة.. ? ما هى أنواع النباتات الصحراوية وفائدتها؟ ?? النباتات الصحراوية تنقسم إلى 3 أنواع، الأولى نباتات معمرة للزيوت والطاقة واعلاف الحيوان مثل أشجار وشجيرات الجوجوبا والجيتروفا وأشجار الأخشاب ومختلف أنواع النخيل والزيتون، وهذا النوع ينتج زيوت الطاقة والأعلاف والأخشاب، فمثلاً نبات الجوجوبا يستخرج منه زيوت شمعية تشبه زيت كبد الحوت تماما، تنفصل هذه الزيوت إلى 5 درجات تقوم عليها صناعات متعددة منها تزييت القلوب الصناعية، والآلات الدقيقة وأرقى مستحضرات التجميل كما تستخدم فى كثير من المستحضرات الطبية، بالإضافة إلى أن تفلة النبات تمثل أجود «كسب» حيوانى (علف حيوانى جاف) يحتوى على 36% بروتين، بما يشجع قيام محطات الإنتاج الحيوانى المتكاملة بدأً بمزارع الجدود وصولاً إلى تصنيع اللحوم والألبان والصوف، وبالفعل توجد 700 فدان تم زراعتها بقرية البسيسه بسيناء تحت إشراف الأستاذ الدكتور صلاح عرفة، وهى تنتج بالفعل إنتاجية عالية وتصدر إلى وكالات الفضاء التى تستخدم الزيوت المستخرجه من هذا النبات فى إطلاق الصواريخ للفضاء، كما أن نبات الجيتروفا ينتج زيتا يكافئ تماماً زيت البترول الخام فى كل استخداماته وكل منتجاته ويوجد بالفعل ألف فدان مزروعه بهذا النبات بمحافظة الأقصر على مياه الصرف الصحى، وهى تعطى إنتاجياتها العالية الآن، وبالتالى فهذه النباتات هى ثروة قومية ضخمة لمصر فى حالة التوسع فى زراعتها.. وأضاف النوع الثانى من النباتات الصحراوية هى المحاصيل الحقلية كالقمح الصحراوى والأرز الصحراوى والشعير، وهى محاصيل تعطى إنتاجيتها بعد 3 أو 4 شهور فقط من زراعتها، وبالنسبة للقمح الصحراوى فهو يروى مرة واحدة فى السنة ويعطى 4 حشات وسنابله ممتلئه وقد توصلت إلى هذه السلالة د. عنيات جمعة وزوجها الدكتور عبد السلام جمعة بالمركز القومى للبحوث، وهى تكفى ليس فقط لسد الفجوة الغذائية فى مصر، بل لتحويل مصر إلى سلة غذاء العالم كما كانت قديماً.. وتابع: أما النوع الثالث فهو الأعشاب الطبية والعطرية وهى تعطى إنتاجيتها من الأدوية والزيوت الطيارة (البرفانات)، وبعض أنواع الأغذية خلال أسابيع قليلة من زراعتها، وهى ستحقق ثروة لمصر خاصة أن العالم كله اتجه للعلاج بالأعشاب الطبيعية.. ? كيف يمكن زراعة هذه النبابات فى الصحراء؟ ?? المعضلة الرئيسية فى زراعة الصحراء هو عدم وجود محتوى بيولوجى فى تربة مصر الصحراوية، والمحتوى البيولوجى يزيد مسامية الأرض وقدرتها على تصريف مياه الرى، كما انه يزيد قدرة جذور النبات على امتصاص الغذاء من التربة بما يعظم المجموع الخضرى للنبات فيرفع قدرته على التمثيل الضوئى فيعطى ثماراً جيدة، ويمد الأرض بأكسجين متزايد ويمتص الغازات الضارة مثل ثانى وأول أكسيد الكربون، وعموماً فإن الأراضى المصرية كلها تعانى من نقص المحتوى البيولوجى مما يؤدى إلى زيادة حاجة الأرض من الكيماويات بنسبة تتراوح ما بين 40 إلى 60%، ويزيد احتياجات النبات من المياه بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50%، أن رفع المحتوى البيولوجى للتربة المصرية ضرورة قصوى للنهوض بالزراعة المصرية، وإيجاد حلول ملائمة لجميع مشاكل الفلاح المصرى وتسديد مديونياته لبنوك التنمية الزراعية.. مخصبات طبيعية ? كيف يمكن رفع المحتوى البيولوجى للتربة؟ ?? توصل أحد علماء مصر وهو الدكتور سليم فهمى إلى مواد طبيعية موجودة فى البيئة المصرية (من المواد المهدرة تماماً) تقوم بتزويد التربة بالمحتوى البيولوجى وتستمر فعاليتها لعشرات السنوات وهو ما أقرته منظمة الفاو (وأكدت أن هذا الاكتشاف أقوى من القنبلة الهيدروجينية) ووزارة الزراعة الأمريكية، وتم استخدامه بمعرفة القوات المسلحة فى مزارعها بصحراء شرق العوينات التى أعطت نتائج مبهرة بثمار طيبة للغاية تصدر جميعها لأوروبا بأغلى الأسعار، وهذه المواد التى تعتبر مخصبات طبيعية هى ناتج تحلية مياه البحر الأحمر مع بعض الإضافات الطبيعية الموجودة فى البيئة المصرية، وهى ترفع انتاجية الفدان بنسب تتراوح ما بين 60 إلى 80%، وتقلل استخدام الكيماويات بنسب تتراوح ما بين 40 إلى 60%، وتقلل احتياجات النبات من الماء بنسبة تتراوح من 30 إلى 50 % وتحول أملاح التربة إلى مخصبات نباتية.. ? لماذا زراعة النباتات الصحراوية؟ ?? لأنها تعيد مجد مصر القديم، وتجعل من مصر المنارة الموضوعة على جبل عالٍ ينير كوكب الأرض، فزراعة الأراضى الصحراوية فى مصر هى الطريق الوحيد لزراعة أراضى دول حوض النيل الأحدى عشرة، بما يسد الفجوة الغذائية وينقذ كوكب الأرض من تآكل طبقة الأوزون ويمتص الغازات الضارة، ويروج المخزون السلعى الراكد للعشرين الكبار، بما يمنع أزمة اقتصادية عاصفة بدأت بوادرها تأخذ بخناق دول أوروبا وأمريكا، وزراعة النباتات الصحراوية مع الاهتمام برفع المحتوى البيولوجى للأرض الصحراوية يخفض تكلفة استصلاح الأراضى بنسبة تتراوح ما بين 80 إلى 90%، ويرفع جودة المنتج الزراعى بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 70%، بالإضافة إلى أنها زراعات سهلة لا تتطلب خبرات خاصة ولا رعاية وتعتمد على مياه الأمطار والمياه الجوفية وتتحمل ملوحة التربة والماء وبالتالى ننقذ بلادنا من الفقر المائى.. مناطق مقترحة ? ما هى المناطق المرشحة لزراعة النباتات الصحراوية فى مصر؟ ?? أولاً وادى اللقيطة الذى يقع عند دائرة عرض 24 ومن خط طول 28 إلى 35، فى المنطقة التى تشمل الصحراء الشرقية بامتدادها حتى ساحل البحر الأحمر وتمتد حتى الصحراء الغربية عبارة عن وادٍ سهل لا يحتاج إلى أى استصلاح، وتبلغ مساحته حوالى 5 ملايين فدان جيدة جداً للزراعات الصحراوية، خصوصاً إذا قمنا بتحلية مياه البحر الأحمر واستخدام الأملاح الناتجة فى صناعة المخصبات السابق الحديث عنها، حيث إن تكلفه المتر المكعب من تحلية هذه المياه يتراوح ما بين 30 إلى 40 قرشًا، ويعطى أملاحًا مقدارها 10 كيلوجرامات تصنع مخصبات يبلغ ثمن الكيلو منها فى أقل تقدير 100 جنيه، حيث إن الكيلو جرام يخصب فداناً زراعياً كاملاً وتستمر فاعليته إلى عشرات السنين، وسائر دولنا الأفريقية والعربية والآسيوية فى مسيس الحاجة إلى هذه المخصبات التى تستصلح أراضيها.. كذلك يوجد فى مصر أراضى شرق العوينات، وتبلغ حوالى 10 ملايين فدان، ويمكن للقوات المسلحة أن تتوسع فى زراعة هذه المناطق خاصة أنها تزرع بالفعل 10 آلاف فدان.. وأضاف: كما أن هناك ملايين الأفدنة فى أرض الفيروز التى يفيئ الله عليها بأمطار تكفى تماماً لزراعات النباتات الصحراوية، وهو ما يصنع ويفعل التنمية الحقيقية لمشروع مصر العظيم بحفر القناة الجديدة، وتفعيل محور القناة وإيجاد ملايين فرص العمل للعاطلين، وتحويل سيناء إلى منطقة جذب سكانى ضخم، يجمع كل سكان العشوائيات وأطفال الشوارع والباعة الجائلين ويعطيهم حقهم كاملاً فى الحياة، ويقيم لهم مجتمعات مدنية متكاملة بمسكن مستقل لكل أسرة مع كافة الخدمات المدنية والحكومية والعلاجية.. كما أن أفضل نوعية مياه على وجه الأرض توجد فى خزانات سيوه للمياه الجوفية التى يمكنها أن تستزرع اثنى عشر مليون فدان على الأقل، فمشكلة سيوه ملوحة أراضيها التى سببتها وفرة المياه الأرضية التى تذيب قشرة الأرض، ولكن النباتات الصحراوية صالحة للزراعة فى هذه الأرض، بل إنها تستهلك أملاح التربة، وبالتالى تمنع تآكل التربة، ولقد كانت سيوة مركزاً حضارياً مهماً فى مصر القديمة لدرجة أن الإسكندر الأكبر حين أراد أن يحصل على ابدية رع وملك حور ذهب إلى سيوة ليقابل كبير كهنة أمون الذى كان يقطن أروع منطقة زراعية فى مصر، فقد كان الكهنة هم ملاك الأراضى وهم المنوط بهم اسرار الزراعة والحصاد فى مصر القديمة وستعود مصر إلى مجدها القديم.. ? هل سبق وقدمت اقتراحك لأى من الجهات الحكومية؟ ?? بالفعل أسعى لتحقيق حلمى بزراعة النباتات الصحراوية فى مصر منذ ثمانينات القرن الماضى، ومع ذلك لم يتم زراعة إلا نماذج صغيرة لا تتعدى عدة آلاف من الأفدنة على الرغم من أنها حققت نتائج مبهرة، ومازالت تستصرخ المصريين على أرض الواقع، ولهذا فإننى التمس من خلال مجلتكم الغراء تقديم هذه الدراسات للرئيس السيسى حور محب العصر الحديث، وجميع الشركات المنفذة موجودة مع التمويل المطلوب دون أية أعباء على كاهل الدولة المثقل بالأعباء..