فقر.. جهل.. مرض.. مثلث رعب يحصر بداخله آلاف الأسر.. أسر لا تجد قوت يومها.. وبالتالى لا تجد ثمن علاجها من أمراض الفقر والتخلف.. كما لا تجد أيضًا مصاريف تعليمها..هذه الأسر عندما تراها تثير داخلك الشفقة على الحال الذى وصلوا إليه.. نعم إنها أسر كثيرة صادفتنا وسوف تصادفنا كل يوم.. وهذه أسرة من هذه الأسر التى تعانى الكثير ولن تنتهى معاناتها مهما يطول بها الأمد.. رحلة طويلة مع المرض.. رحلة أب شاب لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره.. عاش حياة البؤس والشقاء منذ نعومة أظافره كافح من أجل البقاء.. كافح ليحصل على قسط من التعليم مع أنه ينتمى إلى قرية صغيرة بإحدى محافظات شمال الصعيد.. أسرته تعانى من الفقر، بل يعيش تحت خط الفقر.. خرج للعمل منذ الصغر بجانب ذهابه إلى المدرسة حصل على دبلوم صنايع حاول أن يبحث عن وظيفة، ولكنه للأسف لم يجد.. استكمل حياته وهو جالس فى الطريق يحاول أن يجد من يستخدمه ولو يوم واحد فى الأسبوع حتى يوفر لقمة العيش، ولكنه حفر بأظافره فى الصخر.. كان عليه أن يستكمل نصف دينه.. وكانت له قريبة فقيرة مثله.. حاولت أن تساعده وعاشت معه على الحلوة والمرة.. رزقه الله بالبنات والبنين.. تحملا معا الصعاب من أجل الأطفال.. كان «باهى» كالجبال تحمل الهموم، ولكن أصابه شىء ما.. آلام فى بطنه ثم صاحبها وهن لدرجة أنه أصبح غير قادر على الحركة أو ترك فرشته.. حاولت الزوجة مساعدته فى التغلب على الأعراض التى يعانى منها بالوصفات الشعبية.. مشروبات ساخنة، ولكن كل مجهوداتها لم تثمر شيئا.. طالبته بالذهاب إلى المستشفى وأخبرته أنه فى حاجة لعلاج.. فالأفواه الجائعة مفتوحة تحتاج إلى لقمة العيش وهو يحتاج إلى صحته لكى يسد هذه الأفواه.. وبالفعل خضع لطلبها ووفر قيمة الكشف وذهب وياليته ما ذهب هكذا قال لزوجته فقد طلب منه الأطباء إجراء تحاليل سريعة تكشف ما يعانيه وحتى يتم علاجه على أساس سليم.. اضطر للاستدانة وأجرى التحاليل المطلوبة التى أثبتت أنه مريض بالتهاب كبدى فيروس (C) ويحتاج إلى علاج طويل وعندما سأل الطبيب عن أسباب الإصابة لم يجد إجابة شافية غير أنه يحتاج إلى العلاج وأن عليه الذهاب إلى وزارة الصحة للعلاج على نفقة الدولة وبالفعل تم بدء العلاج بعقار الانترفيرون، عام كامل وهو يخضع للعلاج وبالطبع أصبح غير قادر على توفير لقمة العيش للأسرة وقامت الزوجة بتحمل المسئولية، ولكنها استيقظت ذات يوم على طفلها «أحمد» الذى يبلغ من العمر السادسة وهو يبكى ويتألم.. مدت يدها لتحمله على كتفها وجدت جسده ينتفض من الحرارة.. حاولت أن تضع قطعة من القماش المبلل بالمياه لتخفيف حدة الحرارة، ولكن لم تأت بنتيجة.. الطفل بات ليلة وهو يبكى ويصرخ هناك شىء ما يشعر به، ولكنه لا يستطيع أن يعبر عنه.. حملته الأم عند ظهور ضوء النهار إلى الوحدة الصحية وبعد أن تم الكشف عليه وصف الطبيب له مسكنا وخافضا للحرارة.. ولكن الطفل ظل يبكى ويصرخ حتى تحول وجهه إلى اللون الأصفر وأصبحت شفتاه باهتتين.. الأب غير قادر على تقديم أى مساعدة للأم التى لم تنتظر وحملته إلى المستشفى الجامعى طلب الأطباء إجراء تحاليل سريعة وكانت النتيجة صادمة فالطفل مصاب بسرطان الدم، ولم يكن هناك مفر من تحويله إلى مستشفى سرطان الأطفال 57357 فقد أكدوا للأم أن علاجه لا يوجد إلا بهذا المستشفى.. حملته على كتفها.. كان حملا ثقيلا بسبب الآلام التى تعانى منها.. نعم الآلام النفسية فإنه الابن البكرى.. إنه الابن الحبيب الذى جاء بعد البنات.. ولكن هذه إرادة الله.. وقدر الله وما شاء فعل.. وبدأت رحلة طويلة من فحوصات وأشعة وتحاليل وأكد الأطباء بالمستشفى التشخيص وأخبر الأم أن الابن يحتاج إلى علاج كيماوى وإشعاعى لفترة طويلة.. كانت تستدين من الجميع حتى تستطيع أن توفر مصاريف السفر من مدينتها إلى القاهرة والعودة.. تعيش الأسرة الآن أوقاتا صعبة، الأب غير قادر على العمل وتوفير لقمة العيش لأسرته بسبب مرضه والأم لا تستطيع تحمل المسئولية كاملة بسبب تنقلها بالابن بين القرية والمستشفى لتلقى العلاج، بل الأكثر أنها تترك أربعة أطفال بالبيت مع الأهل والجيران من أجل عيون «أحمد» الأسرة تعيش تحت خط الفقر ولا تجد مصاريفها.. فهل هناك من يساعدها؟ من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.