تفاقمت الهجرة غير الشرعية من الوطن العربى إلى أوروبا الذين هربوا من مناطق تعان الصراعات الحربية من اليمن إلى ليبيا مرورا بسوريا حيث ساعدت الميليشيات والمرتزقة على زيادة الهجرة غير الشرعية ويلجأ الشباب إلى سماسرة السوق ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة الذين يتقاضون مبالغ مالية كبيرة وتقول إحصاءات إن أكثر من 1750 مهاجرا قتلوا فى المتوسط منذ مطلع عام 2015. ظاهرة الهجرة غير الشرعية دليل على شيوع اليأس لدى الشباب وعمق الأزمة الاقتصادية والأمنية والرغبة فى الهروب من الفقروالبطالة وفقدان الانتماء للوطن والثقة به نظرا لاستشراء الفساد السياسى فى دول الربيع العربى بالإضافة إلى الصراعات المسلحة وحسب المفوضية اللاجئين فإن 1800 مهاجر قتلوا فى البحر المتوسط منذ بداية هذا العام». وتعد سوريا أحد أهم مسارح الهجرة غير الشرعية إذ دفعت الأحوال الأمنية المتدهورة فى سوريا إلى ازدياد تلك الظاهرة حيث أصبح السوريون أكبر مجموعة مهجرة فى العالم ويشكلون نحو 23% من مجموع المهجرين فى العالم وأن ما يقرب من نصف السوريين أجبروا على ترك بيوتهم للنجاة بأرواحهم فى حين تشير بعض الإحصاءات إلى أن الحرب الأهلية فى سوريا خلفت ما يقرب من أربعة ملايين لاجئ فى البلدان المجاورة. وقد زادت فى الفترة الأخيرة الجهود المبذولة من دول الاتحاد الأوروبى وتركيا للقضاء على تلك الظاهرة أو الحد منها ففى تركيا التى تعد أحد أهم نوافذ هجرة السوريين إلى أوروبا تم توقيف 15 سوريا فى القلمون كانوا فى عداد قافلة هجرة غير شرعية تنوى التوجه لأوروبا عن طريق إيطاليا كما ألقت قوات الدرك فى ولاية مرسين التركية المطلة على البحر المتوسط القبض على 200 لاجئ سورى أثناء محاولاتهم التوجه إلى أوروبا. ويتم النصب على المواطن السورى عن طريق عصابات التزوير حيث يتم اعطاؤه جواز سفر تصل تكلفتة ما بين 10 آلاف إلى 30 ألف دولاروقد ينتهى الأمر إما بإعادته لبلاده أو اعتقاله ورصدت مفوضية اللاجئين هجرة عائلات سورية برمتها دفعها التهجير الاجبارى والحرب لمغادرة وطنهم على متن قوارب مطاطية فى رحلات تدوم نحو 8 أيام نشطت مكاتب وهمية فى أسطنبول لتهجير المواطنين السوريين إلى أوروبا مقابل مبلغ يصل إلى 6 آلاف دولار. عاصفة الهجرة ولا يختلف الوضع فى اليمن فقد أدت عملية تحالف عاصفة الحزم إلى ظهور مهربين يعملون على تسفير اليمنيين للصومال وجيبوتى مستخدمين زوارق وسفنا شراعية بنيت فى الأصل لنقل المواشى كما يواجه الفارون من اليمن رحلة التهريب من اليمن للصومال 16 ساعة بينما إلى جيبوتى 12 ساعة، وذلك عن طريق 3 منافذ أساسية فى باب المندب وهى مناطق الكيحة وواحجة وغريرة. وتقول الإحصاءات إنه حتى أبريل الماضى نزح أكثر من 1325 فردا إلى جيبوتى والصومال ووصل إلى جيبوتى والصومال منذ بداية أحداث عاصفة الحزم أكثر من 900 شخص من بينهم 463 مواطنا تم توثيق حالتهم وقد وصل اقليم يونتلاند الصومالى فى أبريل عبر قوارب تقليدية حوالى 247 شخصا من بينهم 85 رجلا و93 إمراة و69 طفلا وقد وصلت تكلفة نقل المهاجر الواحد بالقارب إلى 200دولار بعد أن كانت 50 دولارا. أما عن حال اليمنيين بعد وصولهم لموطن هجرتهم فإنه يتم تسجيلهم فى كشوف رسمية وتقدم لهم المساعدات المالية ويتم إعطاء كل فرد منهم 200دولار أمريكى كمعونة عاجلة بالإضافة إلى السكن والغذاء والرعاية الطبية وتعمل المفوضية السامية لشئون اللاجئين وجمعية التضامن الاجتماعى الجيبوتية على توفير معلومات للاجئين حول مجتمعهم الجديد كما تعمل جيبوتى على توفير موقع مناسب لايواء اللاجئين فى جيبوتى. يقول مدير ميناء المخاء الجديد قاسم مهدى حيدر إن معدل النزوح اليومى عبر الميناء يصل إلى أكثر من 150 فردا وجميعهم يغادرون بطرق رسمية إلى جيبوتى وبعضم إلى الصومال وهو فى مجملهم عائلات يمنية من أصل صومالى ورسوم تهريب الفرد الواحد إلى دولة الصومال تصل إلى 50 دولارا أمريكيا بينما إلى جيبوتى تصل رسوم التهريب إلى 90 دولارا أمريكيا. ليبيا القبلة باتت ليبيا منطقة جذب وهو ما يجعلها صاحبة العبء الأكبر لمئات الألوف من المهاجرين من دول منطقة الشرق الأوسط إذ أضحت المعبر الأمثل فى نظر المهاجرين للوصول لأوروبا من شمال أفريقيا عن طريق قطع البحر فى اتجاه جزيرة لامبيدوزا والتى تقع بين مالطا وتونس وتتبع إيطاليا إداريا وفى هذا المناخ نشطت حركة التهريب البشرى وعصابات النصب على الشباب وتقاضت منهم مبالغ طائلة بدعوى توفير فرص عمل لهم فى أوروبا ثم يهربون وتنتهى رحلة الشباب أما بالموت أو بالسجن أو الترحيل. ولفرق الانقاذ الإيطالية والفرنسية دور فى انتشال المهاجرين من الهلاك فقد أعلنت إيطاليا فى أبريل الماضى أن سفنا تابعة لها انتشلت ما يصل إلى 700مهاجر فى سبعة زوارق مطاطية كما أعلنت السلطات الإيطالية أنها انقذت 274 مهاجرا من سفينة فى البحر المتوسط فى حين وصل أكثر من 300 مهاجر آخرين جرى إنقاذهم إلى ميناء صقلية وأعلنت البحرية الإيطالية عن إنقاذها لأكثر من 3427 مهاجرا غير شرعى قبالة سواحل ليبيا كانوا على متن 16 مركبا وقد جرت عمليات الإنقاذ خلال النهار بمشاركة دورية فرنسية ارسلتها باريس لتعزيز عمليات الاتحاد الأوروبى الجارية فى عرض المتوسط كما أعلنت البحرية الإيطالية أن فرقاطتها برسا لبيرى أنقذت 778 مهاجرا بينما أنقذت سفينة الدورية قبغا التابعة لها ايضا 675مهاجرا آخرين. وتنظر أوروبا لتلك الظاهرة بعين الشك والريبة حيث إنها تشكل عبئا على المنظومة الأمنية حيث يمكن للمجموعات الإرهابية ان ترسل خلايا نائمة إلى أوروبا عبر سفن المهاجرين غير الشرعيين وربما يكون هذا أهم الأسباب التى دعت دول الاتحاد الأوروبى مؤخرا لزيادة الميزانية المخصصة لعمليات انقاذ المهاجرين لتصبح تسعة ملايين يورو بدلا من 2.9 مليون يورو فضلا عن النظر فى امكانية القيام بعمليات عسكرية ضد المهربين على السواحل الليبية والتى قد تصل إلى تدمير السفن التى تستخدم فى تهريب المهاجرين عن طريق البحر وكانت المنظمة الأوروبية لمراقبة الحدود التابعة للاتحادة الأوروبى أعلنت فى مارس الماضى أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى دول الاتحاد الأوروبى زادت بنسبة 250% خلال شهرى يناير وفبراير 2015 مقارنة بنفس الفترة فى 2014. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون قد استبعد تدمير زوارق المهربين قبل إبحارها من الساحل الليبى عبر البحر المتوسط قائلا إن تدمير أسطول قوارب البلدان التى تنطلق منها تدفقات الهجرة قد يؤدى إلى حرمانها من القوارب التى تستخدم فى صيد الأسماك وتستغل أحيانا لنقل المهاجرين ووصف الأمين العام للأمم المتحدة القمة الاستثنائية فى بروكسل عن الهجرة بأنها خطوة إلى الأمام به.