فى تاريخ القمم العربية كانت هناك قمم تستحق أن يطلق عليها لقب «التاريخية» لأنها انعقدت فى ظرف استثنائى فى حياة الشعوب والدول العربية، كانت تواجه خلالها ظروفًا مصيرية، وصدر عنها قرارات تاريخية.. من بين تلك القمم التاريخية قمة الإسكندرية عام 1949 التى صدر عنها قرار دخول الجيوش العربية إلى فلسطين بعد صدور قرار الأممالمتحدة بتقسيمها. وقمة الخرطوم عام 1967 - قمة اللاءات الثلاث - التى كان أبرز قراراتها اعتراف الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدًا للشعب الفلسطينى. قمتا الإسكندريةوالخرطوم انعقدتا فى ظروف كانت الأمة العربية تواجه عدوًا ومشروعات أجنبية واضحة، وكان الظرف يستدعى أن تتوحد إرادة الأمة وتحشد قواها فى مواجهة عدو طامع فى أرضها منتهك لسيادتها مهدد لوجودها. وما أشبه اليوم بالبارحة.. فاليوم تواجه الأمة خطرًا إرهابيًا يرتدى مسوح الدين، ويشن حربًا باسم الدين والعقيدة، فأصبحت قوات «داعش» تحتل أجزاء من العراق وسوريا، وتتواجد فى ليبيا وفى أماكن أخرى من الأرض العربية. وقد استبق الرئيس عبد الفتاح السيسى هذه القمة باقتراح «تشكيل قوة عربية مشتركة لصيانة الأمن القومى العربى» تكون قادرة على المساعدة فى حالات الكوارث والأزمات، وصد أى خطر يهدد استقرار الدول العربية. وفى هذا السياق يمكن التوافق على تشكيل قوة عربية مشتركة تتولى مواجهة أعداء الأمة، ولاسيما الخطر الأول المتمثل مرحليًا فى الإرهاب المتعدد التنظيمات والأهداف والمدعوم من قوى خارجية طامعة. وبخاصة بعد أن أصبح واضحًا أن «التحالف الدولى لمواجهة الإرهاب» لم ينجح حتى الآن فى مواجهة «داعش» عبر الغارات الجوية، وهذا يشكل دافعًا قويًا لتشكيل القوة العربية المشتركة، وأيضًا بعد أن أصبح الإرهاب لا يهدد العراق وسوريا فقط، بل أضحى تهديدًا مباشرًا فى معظم البلاد العربية. لقد آن أوان الخروج من عباءة الأمن الأجنبى إلى الأمن العربى القومى الحارس للوجود والحدود.