بعد أن أثار غيابه العديد من التكهنات من بينها إصابته بوعكة صحية أوالإطاحة به فى انقلاب أو أنه توفى أو لإبعاد الأضواء عن اغتيال نيمتسوف وغيرها من الشائعات التى وصفها الكرملين بالسخيفة، عاد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ليظهر من جديد فى مدينة بطرسبرج فى 16 مارس الجارى للاجتماع مع نظيره القرغيزى. وكان بوتين قد اختفى فى الخامس من مارس عن المشهد السياسى لأكثر من 10 أيام وخلال فترة اختفائه أعلن الكرملين عن تأجيل عدد من اللقاءات التى كان من المقرر أن يعقدها بوتين ، كما ألغيت مشاركته وهو رجل استخبارات سابق فى الاجتماع السنوى للاستخبارات الروسية وعلل الكرملين ذلك بانشغال الرئيس. وأكد فياتشيسلاف ماتوزف رئيس لجنة التعاون الروسية أن هذه الشائعات التى يروجها الإعلام الغربى تأتى فى إطار الحرب النفسية التى تديرها أمريكا لزعزعة أمن واستقرار روسيا الاتحادية، وقالت وكالة سبوتينك الروسية إنه على وجه العموم إذا كان هنالك شىء واحد سببته هذه الضجة الإعلامية حول غياب بوتين فهو أن الرئيس بوتين حقق نجومية تفوق نجومية كانيية ويست وكيم كارداشيان معا. أما النائب السابق فى مجلس الدوما الروسى والخبير فى الشئون الروسية شاميل سلطانوف فقد اعتبر أن الشائعات والاهتمام الذى تبديه وسائل الإعلام الغربية لاختفاء بوتين تدلل على أنهم يفتقرون إلى المعلومات وهذا بدوره شىء مفرح وأضاف سلطانوف أن النظام الذى أسسه بوتين من أكثر النظم السياسية فى العالم انغلاقا وهو يشبه إلى حد كبير النظام الإيرانى حيث لا أحد فى العالم يعرف ما الذى يدور داخله. وعلى الجانب الآخر كانت هناك تكهنات لغياب وظهور بوتين استند أصحابها لوقائع على الأرض، وهو استعداد روسيا للحرب حيث استند أصحاب هذا الرأى إلى أن ظهور بوتين ليس بطريقة عادية ولكن له دلالة عسكرية بعدما قرر بأن يكون الأسطول الشمالى الروسى على الاستعداد للقتال حيث أعلن وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو عن اختبار مفاجىء جديد لجاهزية القوات الروسية وأن الاختبار المفاجىء يشمل 38 ألف عسكرى وأكثر من 3 آلاف وحدة من الآليات الحربية و40 سفينة و15 غواصة و110 طائرة ومروحية، إضافة للتواجد الدائم للسفن الروسية فى منطقة القطب الشمالى والذى يمثل جزءا من الاستراتيجية العامة لضمان الأمن القومى، ولم يستبعد الوزير ظهور ضرورة للدفاع عن المصالح الروسية فى منطقة القطب الشمالى. ويأتى هذاالاختبار المفاجىء فى الوقت الذى تجرى فيه فى جنوب وشرق روسيا مناورات عسكرية واسعة النطاق تشارك فيها وحدات المدفعية فيما تجرى تدريبات لسلاح الجو وقوات الدفاع الجوى فى كل أنحاء البلاد، إضافة إلى مشاركة سفن الأسطول الحربى الروسى فى مختلف الفعاليات على مساحات شاسعة من بحر البلطيق وصولا إلى بحر اليابان. ومن اللافت أن التدريبات تشمل أيضا دائرة القرم الفيدرالية، وتؤكد وزارة الدفاع الروسية أن التدريبات المكثفة ستتواصل حتى إبريل القادم، ويشارك وزير الدفاع شخصيا فى عملية تفقد هذه القوات موضحا أن التهديدات الجديدة لأمن روسيا تتطلب تعزيز التدريبات القتالية للقوات المسلحة الروسية. وقد قيم الخبراء هذا القرار باعتبار أنه كفيل بإظهار الوضع الحقيقى للقوات المسلحة الروسية وتدريب العسكريين على كافة المستويات والرد على المخاطر بشكل فورى خاصة فى ظل القلق الروسى من تزايد التدريبات العسكرية التى تجريها بلدان حلف الناتو بالقرب من حدودها خاصة أن هذه التدريبات تجرى فى المناطق الشمالية الشرقية من أوروبا التى تعد الأكثر استقرارا من الناحية الأمنية على مستوى القارة والعالم كله. وكان وزير الحرب البريطانى قد حذر من أن روسيا يمكن أن تستخدم ضد دول البلطيق الأعضاء فى الحلف الأطلسى الاستراتيجية المتهمة بتطبيقها لتقويض استقرار أوكرانيا وأن على الحلف الاستعداد لعدوان روسى بكل أشكاله، كما ندد الحلف بنشر روسيا لصواريخ أرض جو متطورة جدا فى القرم بعضها يغطى مداه البحر الأسود بالكامل واعتبر قائد قوات الأطلسى فى أوروبا فيليب بريدلوف أن القرم باتت منصة للانتشار العسكرى.