المسلم الحقيقى إيجابى، مقبل على الحياة، متفاعل معها، لأنه مطالب بتنفيذ شروط الخلافة فى الأرض والسعى فى مناكبها عبادة، وإعمارًا، واستفادة من ثروات وخيرات لا يحصل عليها إلا بالعمل المتقن. لذلك طالب الرسول ? اتباعه أن يتقنوا أعمالهم:- (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه). فالإتقان هوالذى يحدث التغيير فى سلوك المسلم ونشاطه؛ لأن كل عمل لا بد أن يكون بنيّة العبادة يتقبل ويُثَاب عليه، سواء كان عمل دنيا أم آخرة. قال تعالى:- {قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}. [الأنعام:- 162-163]. والإتقان فى العبادة تعلُّم المسلم لأمور دينه وأدائها بأركانها وشروطها ظاهريًّا، وداخليًّا متمثلًا فى مراقبة الله عز وجل والخوف منه، فهل تزرع المسلم الشخصية المسلمة التى تهتم بإتقان أمور الحياة كلها؟ فردية أوجماعية؟ فمن سبب تخلفنا وتأخرنا يرجع إلى فقدان الإتقان، فما قيمة الشعائر والوسائل التعبدية التى لا تغير فى سلوك الإنسان ونمط حياته ووسائل إنتاجه. إننا نفتقد التربية الأسرية والمدرسية والاجتماعية التى تجعل عمل الإتقان فى حياتنا مهارة داخلية تعبر عن قوة الشخصية التى تكسب الإنسان الاتزان والثقة والاطمئنان والتفرد إلى جانب اكتساب المهارة المادية والحركية. فعندما كان الإتقان سمة المسلمين هرع الغرب إليهم تعلمًا واستفادة، وعندما فقدناه أصبحنا مفتتين مفتونين ضعفاء كغثاء السيل، ولكى نسترد مكانتنا فإننا مطالبون بترسيخ الإتقان فى واقعنا وسلوكنا. اللهم ارزقنا الإتقان والإحسان والإخلاص فى السر والعلن.