يبدو أن الدنمارك كانت المحطة الأحدث لشبح الإرهاب، فقد تعرضت العاصمة كوبنهاجن الأسبوع الماضى لهجوم إرهابى، على إثر قيام شخص بإطلاق النار على مقهى استضاف ندوة عن حرية التعبير والفن وقضية إهانة الأديان، بحضور الفنان السويدى «لارس فيلكس» الذى نشر رسوما مسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام قبل ثمانى سنوات، وكذلك السفير الفرنسى فى الدنمارك، ولم يصب أى منهما بأذى، فيما توفى مواطن مدنى بعد إصابته بالرصاص داخل القاعة، وبعد ذلك بساعات تعرضت كنيسة يهودية فى وسط العاصمة لإطلاق نار قتل فيه حارس الكنيسة، وأصيب رجل شرطة بجراح. وعلى الرغم من عثور الشرطة على الشخص المشتبه بتنفيذه الهجومين، حيث تم تبادل إطلاق النار معه، وقتله فى النهاية، فإن الحادث يترك ملف الإرهاب فى الغرب مفتوحا والذى يبدو أنه لن يغلق فى الفترة الحالية على الأقل، حيث تتوالى الحوادث الإرهابية فى العديد من الدول الغربية، والتى كان آخرها حادثة الدنمارك التى كشفت وسائل الإعلام مؤخرا عن هوية مرتكبها، حيث تبين أن الشاب يدعى «عمر الحسين» وعمره لا يتجاوز 22 عاما، وكان قد خرج من السجن قبل أسبوعين بعد أن قضى فترة حكم بتهمة ارتكاب اعتداء، حيث طعن شخصا كان يركب معه القطار، وقد ولد عمر ونشأ فى الدنمارك، ويرجح أنه تصرف بمفرده. هذه الحوادث الإرهابية تطرح تساؤلا مهمًا، يتعلق بكيفية مواجهتها، ومنع تكرارها فى بلدان أخرى، وقد ناقشت العديد من الصحف العالمية تلك القضية، وتحت عنوان «هجوم كوبنهاجن تذكرة لبريطانيا» كتبت صحيفة «تليجراف» البريطانية أن الهجوم على مؤتمر للنقاش حول قضية إهانة الأديان يدل على أن هجمات شارلى إبدو يمكن تكرارها، مشيرة إلى أنه تم إطلاق نحو 200 طلقة على المؤتمر، وكان من الممكن أن يكون عدد الضحايا أكبر وليس شخصا واحدا فقط، لافتة إلى أن رسام الكاريكاتير «لارس فيلكس» الذى رسم صورا للنبى اعتبرها المسلمون مسيئة، وأثارت غضبا فى العالم الإسلامى، والسفير الفرنسى فى باريس كان من بين الحضور. ورأت الصحيفة البريطانية أنه لا يمكن تجاهل أو إغفال احتمال وقوع هجمات مثيلة فى بريطانيا، حيث يمكن شن الهجمات الإرهابية «صغيرة النطاق» دون صعوبة كبيرة ولا يتطلب تنفيذها الكثير من الاستعدادات اللوجستية، منوهة إلى أنه يجب على الحكومة البريطانية الاستعداد لمثل هذه الهجمات، وعليها أن تنسق مع الهيئات الحكومية وتزودها بما يلزمها لمكافحة الإرهاب، وفرض تشريعات جديدة تجعل من سلطات الحكومة عزل المذنبين ومراقبتهم عبر تنقلاتهم الحدودية. فى نفس السياق، زعمت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية أن حرية التعبير والمعتقد مهددة بأوروبا من قبل المتطرفين، وأنه ما زال هناك الكثير مما ينبغى القيام به قبل طى الصفحة، مشيرة إلى أن السؤال الذى يطرح اليوم هو ما العمل لمواجهة الظلامية. وأضافت أن «الأسوأ هو الرد على الكراهية بالكراهية، وعلى السلاح بالسلاح»، مؤكدة أن ذلك هو ما يسعى إليه القتلة.. تدمير المجتمعات الأوروبية وبث الذعر فيها، من خلال التهديد الإرهابى الذى لا يمكن التنبؤ به. صحيفة (زود دويتشه تسايتونج) الألمانية فى تعلقيها على الحادث ذكرت أن هجوم الدنمارك من المحتمل أن تكون له علاقة بمتشددين إسلاميين، ومرتبط بدوافع هجوم باريس المتعلقة بالرسوم الكاريكاتيرية. وترى الصحيفة أن المناهضين للإسلام فى أوروبا أغرقوا مواقع بالإنترنت بصور مسيئة، مما عزز شعور المسلمين خاصة المتطرفين بالإهانة وبالتهميش، إلى جانب غياب جهود الإدماج فى المجتمع.