أول ملاحظة على «مسودة» مشروع القانون الجديد للمؤسسات الصحفية القومية.. أن معدى المسودة غلبوا العناصر المنتخبة من أبناء المؤسسة على المعينين من خارجها فى عضوية كل من مجلس الإدارة والجمعية العمومية.كما زادوا نسبة تمثيل الصحفيين فى المجلس والجمعية وخفضوا مدتهما إلى ثلاث سنوات بدلا من أربع، مع جواز الانتخاب أو التعيين فيهما لمرة أخرى واحدة فقط. كما فصلوا بين منصبى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير، ومنحوا الجمعية العمومية سلطة سحب الثقة من مجلس الإدارة أو رئيسه بقرار مسبب.. على أن يرفع الأمر للهيئة الوطنية للصحافة للبت فيه. أما المواد الأخرى والخاصة بتعريف الصحف القومية، وتنظيم العلاقة بينها وبين العاملين فيها، وكذلك كيفية إدارة أموال تلك المؤسسات.. فقد نقلت كاملة من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996.. باستثناء بعض الجمل المتعلقة بالمجلس الأعلى للصحافة وتغييرها للهيئة الوطنية. فالتغيير الجوهرى فى المسودة الجديدة جاء أولا بشأن الجمعية العمومية التى خفضت عضويتها من 35 إلى 27 عضوا، 18 منهم يمثلون الصحفيين والإداريين والعمال، بحيث تنتخب كل فئة من بينها 6 أعضاء من هؤلاء، وبشرط أن يكون قد مر على العضو 3 سنوات بالمؤسسة. أما المعينيون فقد انخفض عددهم أيضا من 20 إلى 9 أعضاء فقط، تعينهم الهيئة الوطنية للصحافة على أن يكون من بينهم 6 من الصحفيين العاملين بالمؤسسة و3 من الخبرات الخارجية.. ويجوز أن يكونوا من الداخل أيضا.. فالمسودة لم تكن حاسمة فى صفتهم أو طبيعة عملهم وتركت الباب مفتوحا للهيئة فى حرية الاختيار. ولم تخرج اختصاص الجمعية فى المسودة عما هو موجود فى قانون الصحافة الحالى.. باستثناء أن للجمعية العمومية بموافقة ثلثى أعضائها.. حق إصدار قرار بسحب الثقة من رئيس مجلس الإدارة أو المجلس كله فى حالة إخلالهم بواجباتهم، ورفع القرار مسببا إلى الهيئة الوطنية للصحافة لمناقشته، وإقراره خلال خمسة عشر يوما فى حالة سلامة أسبابه، وإلا كان الرفض.. هو مصيره المحتوم! وكما حدث فى الجمعية العمومية.. تكرر الأمر أيضا فى تشكيل مجلس الإدارة، حيث خفضت عضويته من 13 إلى 11 عضوا فقط، منهم رئيس المجلس وتعينه الهيئة الوطنية للصحافة، ثم سبعة أعضاء من العاملين بالمؤسسة يتم اختيارهم بالانتخاب، على أن يكون من بينهم ثلاثة من الصحفيين واثنان من الإداريين واثنان من العمال.. وبالطبع سوف تنتخب كل فئة ممثليها فى المجلس، يبقى ثلاثة أعضاء.. سوف تختارهم الهيئة الوطنية للصحافة، ويجوز أن يكونوا من أبناء المؤسسة أو من خارجها.. وغالبا وكما يحدث عمليا.. سوف يقوم رئيس مجلس الإدارة بترشيحهم بالاتفاق مع الهيئة، المهم هنا.. أنه لا يجوز الترشح لعضوية مجلس الإدارة إلا بعد مرور سبع سنوات متصلة من تاريخ التعيين بالمؤسسة، وهو شرط مهم حتى تتوافر الخبرة المطلوبة فى عضوية مجلس الإدارة وحتى لا يدخله كل من هب ودب.. فقد كشفت التجارب السابقة أن البعض لا يستطيع أن يكمل جملة واحدة صحيحة عند مناقشة جدول أعمال المجلس! والجدير بالذكر هنا أن «المسودة» أوكلت للهيئة الوطنية للصحافة حق تحديد بدل حضور جلسات كل من الجمعية العمومية ومجلس الإدارة ولم تترك الأمر للمؤسسات الصحفية، حيث كان هناك تفاوت رهيب فى هذا المجال بين كل مؤسسة وأخرى! فقد بلغ فى بعض المؤسسات 6 آلاف جنيه فى حين اقتصر فى مؤسسات الجنوب على 500 جنيه فقط، بل كان البعض يحصل على هذا البدل دون أن يمارس أى نشاط.. لا فى الجمعية ولا فى المجلس.. ولعل اللائحة التنفيذية تعالج هذا الخلل وتشترط ضرورة الحضور فى الجلسات للحصول على هذا البدل. هذا.. وقد اشترطت «المسودة» فيمن يعين رئيسا لمجلس الإدارة أن يكون لديه خبرة فى مجال العمل لا تقل عن 20 سنة، وأن يقدم برنامجًا متكاملًا لتطوير المؤسسة إداريًا واقتصاديًا، وألا يكون مساهمًا فى ملكية أى وسيلة إعلامية أخرى. أما فيما يتعلق برئيس التحرير لأى من المطبوعات الصادرة عن المؤسسات الصحفية القومية، فيجب أن يكون قد مضى على تعيينه 15 سنة على الأقل، منهم 10 سنوات متصلة، وأن يكون قد تقلد مناصب قيادية فى المطبوعة. وقد أوضحت «المسودة» كيفية اختيار رئيس التحرير كالآتى: تشكل الهيئة الوطنية للصحافة فى كل مؤسسة من الأعضاء الصحفيين المنتخبين بالجمعية العمومية وبمجلس الإدارة.. وهؤلاء عددهم 9 صحفيين (6 فى الجمعية و3 فى المجلس) ثم تختار الهيئة 6 آخرين من الخبرات الصحفية بكل مؤسسة.. وبالتالى سوف تتكون اللجنة من 15 عضوا عليهم ترشيح ثلاثة لرئاسة تحرير كل مطبوعة، وتعرض الترشيحات على الهيئة الوطنية للصحافة لتختار واحدا منهم.هذا وقد حافظت «المسودة» على طريقة تشكيل وعدد أعضاء مجلس التحرير، وأيضا مسئولية رئيس التحرير عن كل ما ينشر فى المطبوعة، وعدم جواز تدخل مجلس الإدارة فى السياسة التحريرية التى هى مسئولية رئيس التحرير ومجلس التحرير. وفى رأيى أن المقترحات.. لا بأس بها إجمالا.. ولكن طريقة اختيار رؤساء التحرير طبقا لعدد الإصدارات فى كل مؤسسة.. تحتاج لمزيد من المناقشة وإعادة نظر، فإذا كانت «المسودة» لم تأخذ بنظام الانتخاب الذى دمر العلاقات المهنية فى المؤسسات من قبل، فهى أيضا بهذا الأسلوب فى الاختيار فتحت المجال لمزيد من عمليات «الاستقطاب» والشلل.. وهو ما قد يؤثر فيما بعد على مدى استقلالية رئيس التحرير وقدرته على إدارة علاقات العمل مع زملائه الصحفيين فى المطبوعة.